هل تعود المبادرة الخليجية من الباب الخلفي ؟
حسن الوريث
بالتأكيد أن الورقة التي تم تسريبها في مفاوضات الكويت والتي قيل إن السعودية وبعض دول الخليج قدمتها عبر المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ تؤكد أن النظام السعودي أدرك تماماً أن الأمور ربما تفلت من يده وأن الوفد الوطني استطاع أن يقنع المجتمع الدولي بصوابية رؤيته وأنه لا بد من حل سياسي متكامل وشامل يعالج كافة الملفات والقضايا دون تجزئة وأن ما يطرحه وفد الرياض عبارة عن قضايا هامشية لتعطيل المفاوضات وإطالة أمدها.
طبعا، الورقة المقدمة تعبر عن حقيقة أن السعودية يمكنها أن تتخلى عن كل المرتزقة الذين احتضنتهم لتحقيق أهدافها في اليمن عبرهم وحين تقول إنها مع تشكيل حكومة وحدة وطنية تتفق عليها كافة الأطراف واختيار نائب رئيس متوافق عليه لإدارة المرحلة القادمة فمعنى ذلك ان هادي ومحسن وغيرهما لن يكون لهما مكاناً في أي حل قادم وهذا يدل على أن النظام السعودي يبحث عن مصالحه ولا يهمه هؤلاء المرتزقة وكما قلت دوماً أن نهايتهم ستكون قارعة الطريق ومزابل التاريخ.
اللافت في الورقة التي تم تسريبها هو أنهم يريدون تكرار المبادرة الخليجية التي كانت أحد الأسباب الرئيسية في إدخال اليمن في هذه الأزمة والتدخل السعودي الذي استند إليها وبالتأكيد أن وجود مبادرة خليجية ثانية يراد به تكرار ما حدث وبقاء اليمن رهينة المبادرتين الأولى والثانية وربما الثالثة والرابعة وهنا تكمن الكارثة فهم يريدون لنا ان نبقى تابعين لهم لا نقدر على التحرك خارج إرادتهم ومبادراتهم وإن حصل فسيشنون علينا حروباً جديدة بحجة مخالفة المبادرة الخليجية كما هو الحاصل الآن ولقد جاء تسريب هذه الورقة السعودية عقب المقابلة التي أجرتها قناة الميادين مع الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبد السلام الذي كان موفقاً إلى حد بعيد فيها بحيث أنه وضع النقاط على الحروف وأكد الإصرار على الثوابت الوطنية التي لا يمكن التخلي عنها مهما كان الأمر وأن الخيارات كلها مفتوحة فإن أرادوا السلم فنحن لها وإن أرادوا الحرب فنحن رجالها، كما أكد عدم وجود أي مكان أو موقع لأولئك الخونة الذين باعوا أنفسهم وبلدهم وفي مقدمتهم هادي إلى غير ذلك من الأمور التي تحدث عنها وجعلت السعودية تفرج عن هذه الورقة التي كانت شبه جاهزة ومعدة لعرضها لكن تلك المقابلة أجبرتهم على سرعة تسريبها للتشويش على ما طرحه عبد السلام ولتقدم السعودية عرضاً مفاده أنها يمكن أن تتخلى عن مرتزقتها .
النظام السعودي أوعز إلى مرتزقته للتصعيد العسكري وتكثيف الغارات الجوية في بعض المناطق مثل حرض وميدي وصعدة ومارب وصنعاء وبعض المناطق لسببين الأول يأتي للضغط على الوفد الوطني للقبول بما طرحه في تلك الورقة فيما الثاني وهذا رأي شخصي هو للتخلص من المزيد من المرتزقة بدفعهم إلى محرقة كبيرة كما ان إعلان الكويت بتحديد مهلة 15 يوماً للاتفاق ما لم فإن الكويت لن تستمر في استضافة المفاوضات تأتي في هذا إطار الضغوط على الوفد الوطني للقبول بأي حل وخاصة الحل الذي قدمته السعودية في ورقتها والذي يتضمن مبادرة خليجية ثانية بعد أن تيقن وتأكد أن المبادرة الأولى انتهت ولم يعد لها أي أثر .
اعتقد أن المبادرة الخليجية الأولى انتهت في وقتها وزمنها، لأنها كانت متضمنة بنوداً مزمنة ولا يجب أن تظل سجناً مؤبداً لنا كما انه لا يجب أن تكون هناك مبادرة خليجية ثانية فالشعب اليمني تحرر من الهيمنة التي كانت تفرضها عليه السعودية ولا يمكن بأي حال من الأحوال العودة إلى الوراء مرة أخرى فنحن امتلكنا قرارنا وإرادتنا وقدمنا الآلاف من الشهداء في سبيل ذلك وكل من يريد إقامة علاقات مع الشعب اليمني فاليد ممدودة للجميع بعلاقات أخوية قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام القرار الوطني وبالتأكيد أن الوفد الوطني يعي تماماً ما يراد من تلك الأوراق وسيعمل على إفشال كل تلك المحاولات ولن يسمح بعودة المبادرة الخليجية من الباب الخلفي.