البحرين …ماذا بعد سلسلة الاحكام الاخيرة !؟”
هشام الهبيشان
في هذه المرحلة الخطرة التي تعيشها المنطقة كلّ المنطقة والبحرين جزء منها، يأتي خبر قرار القضاء البحريني حل جمعية الوفاق الوطني الإسلامية البحرينية ، أبرز قوى المعارضة في البحرين والذي سبقه حكم بتشديد العقوبة على الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية البحرينية إلى السجن 9 أعوام بدل عقوبة 4 أعوام التي صدرت ضدّه العام الماضي، ليؤكد أنّ المملكة البحرينية قد دخلت في مسار مستقبلي قاتم المعالم وخصوصاً في ظلّ تشديد الأحكام القضائية على المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية البحرينية، والذي لا تزال فصول محاكمته الصورية تلقى إدانات من منظمات حقوقية ومؤسسات دولية وإقليمية ومحلية.
من هنا يمكن قراءة الواقع البحريني المستقبلي على أنّه واقع يتجه نحو المزيد من الفوضى والاضطرابات، إنّ المتابع لمسار الفوضى في دولة البحرين منذ عام 2011م والتي ولدت حينها لأسباب تتعلق بسياسة التهميش والإقصاء التي كانت تمارسها السلطات، ولا تزال على فئة وطيف واسع من الشعب البحريني، كما تتحدّث قوى المعارضة في البحرين، وما تبعت ذلك من ردود فعل شعبية على هذه السياسات، يستطيع أن يقرأ ويُحلل خطورة المرحلة المقبلة على الدولة البحرينية بكلّ أركانها.
وبقراءة موضوعية لطبيعة الفوضى الحاصلة في الحالة البحرينية وفي هذه المرحلة تحديداً وتداخلاتها، يتضح أنّ الوضع البحريني يعاني من حالة فوضى وتخبّط وأزمة داخلية عسيرة يصعب تجاوزها الآن، ما يدلّ على أنّ المشهد البحريني يتجه نحو مزيد من التصعيد، ومزيد من التجذر لحالة الفوضى في البلاد، فعلى المستوى الداخلي، وكما تتحدّث قوى المعارضة، تعاني البحرين اليوم أزمة اجتماعية ـ اقتصادية ـ ثقافية ـ سياسية مركبة، فهي تعيش كدولة في حالة فوضى، ومن المعروف أنّ المعارضة تشكل ثقلاً سياسياً واجتماعياً في البحرين، وما تبع ذلك من حملات اعتقالات ومحاكمات لرموز المعارضة، وعلى رأس هؤلاء الشيخ علي سلمان.
ويبدو اليوم أنّ النظام السياسي البحريني قد وصل في حواره مع بعض الفئات من الشعب والقوى السياسية المعارضة إلى طريق مسدود، لذلك من المتوقع أن تفرز حالة انعدام الثقة في البحرين بين المعارضة والسلطة الحاكمة في البحرين، حالات التمرّد المجتمعي في الكثير من المناطق والمدن البحرينية، التي بدأت تظهر للعيان في شكل واضح، مع محاولة البعض إضفاء الطابع الطائفي عليها لتحويل الأنظار عن حقيقة الأزمة الاقتصادية ـ البوليسية ـ السياسية المركبة في البحرين، والتي تتحدّث عنها المعارضة البحرينية في شكل دائم، مبرّرة موقفها من معارضة سياسات النظام البحريني بأنّ النظام يحاول مصادرة إرادة الشعب البحريني.
ومن خلال مؤشرات الفوضى، محور الكلام هنا، نستطيع أن نقرأ بوضوح حجم الأزمة في دولة البحرين وحجم الإفرازات المتولدة عنها، خصوصاً حالة انعدام الثقة بين المعارضة والسلطة الحاكمة، والتي أنتجت أحداثاً مؤلمة، تمثلت في العصيان المجتمعي في الكثير من المناطق والمدن البحرينية، عدا عن حجم الخسائر الاقتصادية والتي زادت عن 5.2 مليار دولار حتى الآن.
وتؤكد المعارضة أنّ سبب كلّ هذه الأزمات هو تعنت السلطة الحاكمة البحرينية، وعدم تجاوبها مع مطالب الإصلاح التي تطالب بها المعارضة، والتي تتمثل ببعض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، كإقامة الملكية الدستورية عن طريق صياغة جديد دستور للمملكة، يتمّ بموجبه انتخاب البرلمان من قبل الشعب على غرار الديمقراطيات العريقة، بدلاً من النظام الحالي الذي ينتخب بموجبه برلمان له سلطات محدودة.
في هذه المرحلة، ومع بروز حقيقة الملفات التي تتحدث عنها المعارضة إلى واجهة الأحداث في البحرين المتمثلة بسياسات الإقصاء والتهميش والأوضاع الاقتصادية والسياسية والقبضة البوليسية ومصادرة حرية الشعب، فإنّ هذه الملفات بمجملها تستلزم صحوة ذهنية وظرفية وزمانية عند العقلاء في النظام البحريني، ليقفوا بجانب الحقّ ويعملوا على إعادة ترتيب البيت الداخلي البحريني، وليبعدوا البحرين وشعبها عن مسار تقاطعات الفوضى التي تعصف بالإقليم العربي وبالمنطقة ككلّ، وعلى رأس هذه الإصلاحات إعادة النظر بالأحكام الاخيرة وخصوصاً بحق جمعية الوفاق وبحق كل المعارضين السياسيين، وعلى رأس هؤلاء الشيخ علي سلمان.
ختاماً، فإنّ مؤشرات الفوضى المقبلة من البحرين تستحق وقفة استشراف للمستقبل من قبل عقلاء النظام البحريني، فالمطلوب منهم اليوم أن يبنوا مساراً جديداً لعملية الإصلاح، بالشراكة مع قوى المعارضة البحرينية، التي ستحفظ دولة البحرين من عواقب أيّ فوضى مقبلة متوقعة مستقبلاً مع ما فيها من مخاطر على كلّ البحرينيين، لأنّ التعنت ومحاولة تأجيل مسار الإصلاح وربطه مع ملفات أخرى عالقة في الإقليم، لن يفرز إلا الفوضى والمزيد من الفعل وردود الفعل.