مخاطر السيول كابوس يؤرق مدينة إب كل عام

إب/ محمد الرعوي –

مدينة إب – حيث للتاريخ مكانه وللحضارة آثارها مدينة الخضرة والجمال ومعشوقة الزرع والمطر – تعيش المدينة هذه الأيام مع تباشير بدء موسم هطول الأمطار التي تلقي بظلالها على هذه الطبيعة الساحرة لتبعث فيها ألق الحياة وتكسوها برداء الخضرة التي تأسر القلوب ومع هذه الطبيعة الساحرة إلا أن أبناء مدينة إب في كل موسم من كل عام يعيشون أياماٍ من الرعب وليالي من الفزع واليقظة جراء غزارة الأمطار التي تدرها عليها أمزان السماء ما ينتج عنها طوفان من السيول التي تتدفق من كل حدب وصوب على هذه المدينة الواقعة بين عدد من الجبال التي تحيط بها من محتلف الجهات.

إب/ محمد الرعوي

ويزداد الوضع سوءاٍ لدى سكان المنازل الواقعة على جنبات السيول لا سيما وقد داهمتهم الأعوام الماضية سيول جارفة غمرت العديد من المنازل وألحقت فيها العديد من الأضرار المادية بل تعرض بعضها للتدمير الكامل.
إن تدفق السيول على أحياء وشوارع مدينة إب كما تشهده كل عام يجعل هذه المدينة تصنف ضمن المدن المنكوبة ما يضطرها إلى إعلان حالة الطوارئ مع كل موسم أمطار غزيرة ويجعلها بحاجة ماسة للتدخل السريع من قبل الجهات المختصة لوضع حلول جديرة بحمايتها من أضرار السيول وتساقط الأحجار من المرتفعات والمنحدرات الجبلية المطلة عليهاو بما يكفل الحفاظ على المنازل المجاورة لمجاري السيول والمتاخمة للمرتفعات وتحت قمم الجبال وحمايتها من تلك الكوارث التي ستظل كابوساٍ يؤرق الأهالي وتقض مضاجعهم وأمنهم .
لا أدري هنا كيف يمكن أن تجتمع خيوط النقائض التي لا يوافقها العقل والمنطق فبقدر شهرة إب وديمومة خضرتها وغزارة أمطارها ما يجعلها حتماٍ أوفر حظاٍ في كثرة مخزونها المائي إلا أن المفارقة العجيبة حين تؤكد العديد من التقارير والدراسات أن مدينة إب أضحت من المدن المهددة بالجفاف وهذا ما يؤكد يقيناٍ أن مياه الأمطار والسيول المتدفقة ثروة مهدورة لا يستفاد منها … فبقدر غزارة الأمطار التي تهطل على هذه المدينة في معظم فصول السنة إلا أنها لا تستغل ولا يمكن الحفاظ عليها واستثمارها لانعدام الوسائل والآليات المناسبة والخطط الكفيلة لإدخار تلك المياه واستغلالها في تغذية المياه الجوفية ويمكن أن نرجع ذلك لأسباب عدة لعل أهمها عدم وجود السدود والحواجز والكرفانات المائية التي تحفظ تلك المياه وتعمل على تغذية الحوض المائي ما أدى الى بروز العديد من المؤشرات الخطيرة التي تنبئ بشحة المياه وانخفاض منسوبها بصورة مهولة .
ليس ذلك فحسب بل إن الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية بسبب الحفر العشوائي في العديد من المناطق كما هو الحاصل في منطقة السحول وما جاورها التي وصل فيها الحفر الى أعماق ما بين(800-1200) ثمانمائة الى ألف ومائتي متر وكلها آبار غير مرخصة يسهم الى حد كبير في تدمير هذه الثروة المائية التي تعتبر أغلى من الثروات المعدنية والنفطية ..
ومع كل تلك النقائض التي تعيشها مدينة إب إلا أن أبناءها يأملون ويتطلعون إلى وضع حلول ومعالجات جادة تكفل الحفاظ على الثروة المائية التي تمثل أساس الحياة لهذه المدينة وسبب ديمومة خضرتها ولعل ما يزيد من فرحة أبناء هذه المدينة واستبشارهم هو إعلان قيادة المحافظة ولأكثر من مرة عن اعتماد مشروع حماية إب من أضرار السيول وأن هذا المشروع أصبح على وشك التنفيذ كان ذلك قبل أعوام خلت إلا أن ذلك المشروع بحسب العديد من أبناء إب ذهب أدراج الرياح ولم يعد يسمع عنه خبر رغم الحاجة الملحة إليه للحد من الكوارث والمخاطر التي تشهدها المدينة في كل عام .
مشروع الحماية من السيول
* حول هذا المشروع وغيره من المشاكل والمخاطر التي تقابل ببرود تام وصمت رسمي من قيادة المحافظة كان لنا هذا اللقاء مع مدير عام مكتب الأشغال العامة والطرق بمحافظة إب المهندس / عبدالسلام السمة الذي تطرق عن العديد من الإجراءات التي تقوم بها قيادة المحافظة ومكتب الأشغال حول ما يتعلق بهذا المشروع وغيرها من الإجراءات الاحترازية للحد من الأضرار والمخاطر والكوارث التي تسببها الأمطار وتدفق السيول على المدينة حيث بدأ حديثه عن مشروع حماية إب من أضرار السيول قائلاٍ :
بعد أن كان ابناء مدينة إب يتطلعون الى إقامة مثل هذا المشروع الهام فقد دأبت الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الأشغال العامة والطرق وقيادة محافظة إب للبدء بإجراء الدراسات والتصاميم الخاصة بالمشروع وشرعت بالبحث عن مصادر تمويل لاجراءعملية الدراسات والتصاميم عبر المنظمات والهيئات الدولية المانحة وكان ذلك منذ العام 2008م الى عام 2010م وقد حظيت المحافظة بموافقة البنك الدولي باعتماد تمويل هذه الدراسات ضمن القرض الإضافي لمشروع حماية مدينة تعز من كوارث السيول – المرحلة التكميلية – وقد رست هذه الدراسات على الشركة الباكستانية n d c)) المتخصصة في مجال الدراسات المائية والهيدروجية وإنشاء قنوات الري والسدود وتصريف السيول حسب السيرة الذاتية للشركة وكانت تكلفة الدراسات (913) ألف دولار .
مشيراٍ إلى أن تلك الدراسات وفق الشروط المرجعية لهذه الدراسات المعمدة من قبل إدارة وحدة تنفيذ مشروع التطوير البلدي لاستيعاب كافة المتطلبات الأساسية من اجل تقديم دراسة منهجية وأكاديمية قابلة للتنفيذ تكون مشتملة على العديد من الأسس منها : تنفيذ دراسة جيولوجية بطبيعة وخصائص التربة في الوديان والمنحدرات الموازية لها .
وكذا تنفيذ دراسة عن مستقبل التوسع السكاني والتخطيط العمراني للمدينة حتى عام 2030م وتسمى هذه الدراسة “مستر بلان” الذي هو التوسع للتخطيط السكاني الحضري .
وإعداد التصاميم الأولية ومتطلباتها لمسار الوديان وتقديمها للمراجعة والاعتماد عند الانتهاء من اعداد أو استكمال التصاميم التفصيلية النهائية للمشروع مع وثائق العطائات التي اقترحت تقسيمها لـ (12) عقداٍ ويوزع تنفيذها للفترة من 2011-2015م .
التحكم بمياه الأمطار
* وأضاف أن من الأهداف الرئيسية للمشروع موضوع التحكم بمياه الأمطار والسيول والحد من أضرارها التي كانت تتسبب بإتلاف الممتلكات العامة والخاصة وحماية الخدمات الأساسية شبكة المياه والصرف الصحي والكهرباء والتلفون والطرقات وغيرها من الخدمات.
وتسهيل وتحسين الحركة المرورية والتنقل خلال المناطق الضيقة والمتاخمة لمجارى السيول .
إلى جانب رفع القدرات الاقتصادية للمستفيدين من الشوارع وتشغيل العمالة المحلية والقضاء على البطالة في المجتمع والمشاركة في تدريب وتأهيل الكادر المحلي اليمني .
قريباٍ سيبدأ التنفيذ
* وعن أسباب عدم بدء تنفيذ المشروع رغم أن المدة المحددة للتنفيذ أوشكت على الانتهاء أرجع ذلك إلى العديد من الأسباب والتي منها مسألة توفير التمويل .. لافتاٍ بأنه في حال صدق المانحين سيتم البدء في هذا المشروع فبحسب قرار مجلس الوزراء وتوصياته فان هذا المشروع يأتي ضمن أولويات الدولة وقد أكد مندوب البنك الدولي أن هذا المشروع من المشاريع المقرة والموافق على تمويلها وبالتالي يمكن أن نؤكد أن هذا المشروع سيبدأ عما قريب إن شاء الله لكن بطبيعة الحال فهذا المشروع يحتاج الى العديد من التجهيزات والإعدادات لكي يتسنى البدء فيه وكل ذلك يرتبط بالمانحين وبدء التمويل .
* وحول ما يطرحه البعض من أن المشروع بقدر ما سيحمي المدينة من مخاطر السيول إلا أنه سيضاعف في مشكلة تصريف المياه وعدم الاستفادة منها في تغذية الحوض المائي لعدم احتوائه على كرفانات أو أحواض لتغذية المياه الجوفية ¿
قال السمة أن الأضرار الواقعة على الحوض المائي للمدينة حاليا أكثر لأن أحواض المياه الآن تتغذى من مخلفات السيول وما تحتويه من مخلفات مصانع وزيوت ومياه المجاري وغيرها من الملوثات وبالتالي فهذا المشروع سيصرف عنا الكثير من هذه المخلفات – أما القنوات المخصصة لتصريف المياه فأكيد سيكون فيها أحواض للترشيد ولن يتغذى الحوض إلا من المياه الصالحة لان الحوض المائي سيتغذى من المساحات التجميعية والسوائل البعيدة عن التلوثات وليس السوائل التي تجمع المخلفات وبالتالي فان المضار على الحوض المائي أكثر من الفوائد وهذا ما تؤكده عدد من الدراسات منها الدراسة التي أعدتها جامعة إب أن المياه التي تغذي الحوض المائي غير صالحة بسبب التلوث من المخلفات ومياه المجاري .
نعمل بإمكانياتنا
* وتطرق مدير الأشغال والطرق إلى دور المكتب في الاعداد لهذا المشروع والاحتياطات التي وضعت لحماية اب من أضرار السيول حتى يتم انجاز هذا المشروع وذلك بالقول:
– نحن بدورنا وزعنا التوصيات الخاصة بمشروع حماية إب من السيول الى جميع المكاتب المعنية من مكاتب تنفيذية ومديريات وذلك من اجل ان يعمل الجميع في إطار تلك التوصيات وبما لا يعيق تنفيذ المشروع مستقبلا باي شكل من الاشكال فمثلا الهيئة العامة للاراضي والمساحة والتخطيط العمراني ومدراء فروع الاشغال في المديريات كان ابلاغهم من اجل ان يضعوا في حسبانهم المشاريع ووحدات الجوار المحادة لمجاري السيول لكي لا يكون فيها شوارع ومنع اي تراخيص للبناء على ضفاف وحرم السوائل وكذا منع رمي المخلفات في مجاري السيول لما يسببه ذلك من مخاطر واضرار بيئية وكوارث انسانية . اما عن دورنا الذي نقوم به خلال هذه الفترات فنحن نقوم كل عام بانزال فرق فنية وهندسية لدراسة السوائل لمعرفة كمية المخلفات وكذا الاماكن الخطيرة والضيقة التي قد تتسبب في تدفق السيول وحدوث كوارث ونقوم بتنظيف تلك المخلفات ونقلها الى المقلب كما عملنا العام الماضي واستخدمنا معدات الاشغال واستئجار معدات اخرى وكذلك هذا العام قمنا بعمل مضاهي للاعوام الماضية رغم عدم وجود الامكانات الكافية لدينا فالاستمرار باعمال النظافة وازالة المخلفات يعد مشروعاٍ بحد ذاته والمفترض ان يدرج هذا المشروع ضمن الموازنة المعتمدة لمكتب الاشغال او للمديريات لنتمكن من التنظيف والاعداد ونقل المخلفات وعموما فقد عملنا العام الماضي خطة وقدمناها لقيادة المحافظة والسلطة المحلية بعدم منح اي تراخيص الا عن طريق مكتب الاشغال وبالتالي لن يمنح اي ترخيص أو عمل أو بناء الى في حالة الزام المستفيد بتحمل مسئولية نقل المخلفات الى المقلب المخصص لها ولن تطلق الرخصة النهائية الا في حالة الإفادة أن المخلفات قد نقلت إلى المقلب ذاته . وهناك شيء مهم اريد التنويه اليه وهو التداخل في التخصصات فمثلا هناك حساب خاص لضمان رفع المخلفات وهذا الحساب بحسب لائحة رئاسة الوزراء يورد الى الإدارة العامة لمكتب الأشغال يتحمل المكتب مسئوليته الكاملة وهذا الحساب يدعم المكاتب للقيام بواجباتها وأعمالها ومهامها خصوصا تنظيف الشوارع والسوائل – ومن الجهود التي نقوم بها فقد قمنا بازالة ما يقارب مائة وسبعة وعشرون مخالفة خلال شهرين في هذا العام لكننا تفاجئنا بسحب بعض المديريات للمبالغ المخصصة برفع المخلفات وتوريدها لديهم ولم يقوموا إلى الآن بواجباتهم كما يجب وأصبح دورنا حاليا دوراٍ رقابياٍ وإشرافياٍ ويتحملون هم مسئولية الأعمال التي يقومون بها رغم أنها من اختصاصات مكتب الأشغال.

* واختتم السمة حديثه قائلاٍ : مع كل ما سبق فمعدات مكتب الأشغال تعمل حاليا في المواقع المخصصة برفع المخلفات وفتح السوائل في خط الثلاثين وغيره ونحن نعمل بإمكانياتنا ومعداتنا وقدراتنا في هذه المهمة تحسبا لوقوع أي مخاطر جراء هطول الأمطار الغزيرة لكن نحن نؤكد أننا لن نتحمل مسئولية تقصير اي جهة من الجهات التي تتدخل في اختصاصات مكتب الأشغال كما نطالب قيادة المحافظة الزام كل مكتب بتحمل مسئولياته وعدم تدخل أي جهة في اختصاصات مكتب الأشغال حتى نتحمل مسئولياتنا كاملة وبحسب قرار الهيئة الإدارية في المحافظة بان المسئولية والمهام هي من مهام مكتب الأشغال ولا ندري لماذا سحبت من مكتب الأشغال العديد من تلك الصلاحيات وما المصلحة من وراء تلك التداخلات في المهام والمسئوليات .

قد يعجبك ايضا