أوصاني بأن لا اعطيك مفاتيح الكلام
كان في أحد الأزمان السابقة ملك ووزيره يتجولان في المملكة، وعندما وصلا إلى أحد العجزة في الطريق دار الحديث التالي بين الملك والرجل العجوز:
الملك: السلام عليكم يا أبي.
العجوز: وعليكم كما ذكرتم ورحمة الله وبركاته.
الملك: وكيف حال الاثنين؟
العجوز: لقد أصبحوا ثلاثة.
الملك: وكيف حال القوي؟
العجوز: لقد أصبح ضعيفاً.
الملك: وكيف حال البعيد؟
العجوز: لقد أصبح قريباً.
الملك: لا تبع رخيصاً.
العجوز: لا توص حريصاً.
كل هذا المشهد دار والوزير واقفٌ لا يفقه شيئاً منه، بل وقد أصابته الدهشة والريبة والصدمة.ثم مضى الملك ووزيره في جولتهم؛ وعندما عاد الملك إلى قصره سارع الوزير إلى بيت الرجل العجوز ليستفسر عن الذي حدث أمامه في ذلك النهار. وصل إلى بيت العجوز ومباشرة استفسره عن الموضوع، ولكن العجوز طلب مبلغا من المال فأعطاه الوزير ألف درهم، فقال له العجوز :
فأما الاثنان فهما الرجلان وأصبحوا ثلاثة مع العصا.
وفي السؤال الثاني طلب العجوز ضعفي المبلغ الأول فأعطاه ألفين فقال:
فأما القوي فهو السمع وقد أصبح ضعيفاً، ثم طلب ضعفي المبلغ الذي قبله فأعطاه الوزير أربعة آلاف فقال:
فأما البعيد فهو النظر وقد أصبح نظري قريباً.
وعندما سأله الوزير عن السؤال الأخير امتنع العجوز عن الإجابة حتى أعطاه الوزير مائة ألف درهم فقال:
إن الملك كان يعلم منك أنك ستأتي إلي لتستفسرني عن الذي حدث وأني سأشرح لك وأوصاني بأن لا أعطيك مفاتيح الكلام إلا بعد أن أحصل على كل ما أريد وها قد حصلت، ثم مضى الوزير وهو مبهور بما حصل معه في ذاك النهار.
ما خرج هذا إلا من أهل بيت النبوة
كتب قيصر إلى خليفة المسلمين : اخبرني عمن لا قبلة له , وعمن لا أب له , وعمن لا عشيرة له, وعمن سار به قبره, وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم, وعن شيء, ونصف شيء, ولاشيء, وابعث إليِ في هذه القارورة ببزرة كل شيء.
فبعث الخليفة بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال : أما من لا قبلة له : فالكعبة , وأما من لا أب له : فعيسى , وأما من لا عشيرة له : فآدم, وأما من سار به قبره : فيونس, وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم, فكبش إبراهيم , وناقة ثمود , وحية موسى, وأما شيء فالرجل له عقل يعمل بعقله, وأما نصف شيء فالرجل ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقل, وأما لا شيء فالذي ليس له عقل يعمل به ولا يستعين بعقل غيره, وملأ القارورة ماء وقال هذا بزرة كل شيء .
ثم بعث إلى الخليفة فبعث به الخليفة إلى قيصر, فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال : ما خرج هذا إلا من أهل بيت النبوة.