وصل الإسلام إلى الصين عن طريق محورين، المحور البري عندما جاء إليها من الغرب، وتمثل في فتح التركستان الشرقية في العصر الأموي، في منطقة كاشغر، فقبل أن ينتهي القرن الهجري الأول وصلت غزوات (قتيبة بن مسلم الباهلي) الحدود الغربية للصين، وعلى الرغم من أن الفتوحات الإسلامية لم تتوغل في أرض الصين، إلا أن طريق القوافل بين غرب آسيا والصين كان له أثره في انتشار الإسلام عن طريق التجار في غربي الصين، ولقد عرف هذا بطريق الحرير، كما أن لمجاورة الإسلام في منطقة التركستان بوسط آسيا للحدود الغربية للصين أثره في بث الدعوة في غربي البلاد.
أما المحور البحري، فقد تمثل في نقل الإسلام إلى شرقي الصين، ففي نهاية عصر الخلفاء الراشدين، في عهد عثمان بن عفان، وصل مبعوث مسلم إلى الصين في سنة 21 هـ، ثم توالت البعثاث الإسلامية على الصين حتى بلغت 28 بعثة في الفترة بين سنتي (31 هـ -651 م) و(184 هـ – 800 م)، وتوالت على الصين عبر هذا المحور البحري البعثاث الدبلوماسية والتجارية وأخذ الإسلام ينتشر عبر الصين من مراكز ساحلية نحو الداخل.
في عصر حكم أسرتي تانغ وسونغ : أطلق اسم (التاشي)) على البعثات الإسلامية، وأضيف إليها اسم (أصحاب الملابس البيضاء)( أثناء الحكم الأموي، وأطلق اسم (أصحاب الملابس السوداء)( أثناء الحكم العباسي، واستقرت بعض الجماعات المسلمة من التجار ورجال الدين على ساحل الصين الجنوبي في منطقة خوان فو (قوانغدونغ) حالياً ووصل المسلمون إلى عاصمة (شيان) وأخدوا ينتشرون في مناطق عديدة. وهكذا ظهرت مناطق إسلامية في عهد أسرتي تانغ وسونغ ومن أشهر الآثار الإسلامية مسجد ذكرى النبي عليه وآله الصلاة والسلام في كانتون ومسجد الطاهر في تشوان تشو، وفي هذا المسجد حجر مكتوب فيه اسم مؤسسه وهو تاجر عربي يدعي عجيب مظهر الدين. وكان للمسلمين مساجدهم ومدارسهم وأنشطتهم التجارية والاقتصادية الأخرى.
المسلمون في عصر أسرة يوان
* نهض المسلمون في عصر المغول نهضة سريعة، وزاد نفوذهم وشغلوا مناصب عديدة في الدولة وتقلد (شمس الدين عمر عدة مناصب منها (حاكم) ولاية يونان في سنة (673 هـ – 1274 م) وعمل أثناء حكمه على تثبيث أقدام المسلمين بهذه الولاية، وكذلك عمل أولاده، الذين تولوا مناصب مهمة بالدولة، وبلغ عدد الحكام المسلمين 30،وتولي المسلمون حكم 8 ولايات، وكانت الصين مقسمة إلى 12 ولاية.
أحوال المسلمين في عهد أسرة مينغ
مصحف طُبع في الصين حوالي مطلع القرن السابع عشر الميلادي.
اندمج المسلمون في المجتمع الصيني منذ عهد المغول، ولكنهم حافظوا على تقاليدهم الإسلامية، واكتسب الإسلام أتباعاً جدداً بالمصاهرة بين الأسر من أصل عربي أو إيراني وبين الأسر الصينية، وقد حافظ العرب على نسبهم وتميزوا عن غيرهم باسم (ما)( وهو يعني الخيل أو الحصان باللغة الصينية وذلك لشهرتهم بركوب الخيل وتوريد الفصائل العربية النادرة للصين والتي كانوا يجلبوها كهدايا ثمينة (بعد موسم الحج) من كل عام وهي تقدم كهدايا ثمينة جدا لكبار الشخصيات بالبلاط الامبراطوري وظل المسلمون محتفظون بمناصب مهمة في الدولة، وكان للإسلام احترام عظيم، وظهرت الفنون الإسلامية في الفن المعماري الصيني.
كذلك يوجد نظرية ذكرها الباحث الصيني هوي تشانغ أن مؤسس أسرة مينغ الصينية الامبراطور هونغ وو كان مسلما، لأنه لم يصرح بأنه معتنق أي ديانة من الديانات المحلية, كذلك له 100 رسالة يمدح الإسلام, كذلك أمر ببناء المساجد في المدن الصينية مع أن الإسلام آنذاك لم يكن منتشرا، وشجع على إحضار أسر عربية وإيرانية إلى الصين, وأمر بنقش مدح وذكر فضائل النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم), كذلك كان 10 من قادة جيوشه مسلمين ومنهم يوتشن تشانغ يو لان، ويقال إن إسلامه جاء بسبب أنه عندما انضم لأول فرقة متمردة كان أحد قادتها مسلماً فأقنعه بالإسلام.
Next Post