صنعاء أبعد من عين الشمس
أحمد يحيى الديلمي
على خلفية الأخبار الملفقة التي تروجها قنوات ووسائل إعلام العدوان السعو أمريكي ومن تحالف معها عن اقتراب سقوط صنعاء عاصمة اليمن التاريخية وما رافق العملية من إرجاف وتهويل تأثر به من لا يزال في قلوبهم مرض من المرتزقة والخونة والعملاء الذين يعيشون بيننا ممن تلقفوا هذه الأخبار بشغف وراحوا يبثونها بين سكان صنعاء المحمية بهدف بث الرعب والخوف مع إضافة مقبلات كفيلة بالتأثير على نفوس البسطاء من خلال تحديد زمن السقوط في 28 رمضان ، أي قبل يومين من عيد الفطر المبارك وهو أسلوب حقير يدل على الخسة واللؤم ويكشف عن استعداد هؤلاء للمتاجرة بالأرض والعرض والكرامة مقابل حفنة من المال المدنس لذلك يراهنون على الغازي المحتل ويبشرون بقدومه كأحقر فعل وظفوا من أجله ، بقصد إثارة البلبلة وإفساد فرحة اليمنيين بقدوم عيد الفطر المبارك ، ومحاولة التأثير على إرادة الصمود والتحدي عند اليمنيين .
مع أنها محاولات بائسة وحقيرة إلا أنها دفعتني إلى استحضار مشهد مماثل ورد في كتب التاريخ حدث مع نفس العدو . بطله أحد ميامين هذا الشعب الصابر المجاهد .
إذ يروي التاريخ أن اتفاق محمد بن عبدالوهاب مع محمد بن سعود حفز الشيخ الوهابي على التوسع وترجمة طموحه في السيطرة ومد النفوذ إلى كل الدول العربية والإسلامية بحجة تصحيح مسار ومنهج إسلام أبنائها بناءً على افتراض بن عبدالوهاب أن المسلمين عادوا إلى الشرك والظلال التي سبقت ظهور دعوته ، فأستغل الفراغ الفكري والسياسي ليعلن للناس أنه اهتدى إلى حقيقة الدين ، وأن أتباعه هم الفرقة الناجية ، انطلاقاً من هذه الفكرة الضالة انطلقت جيوش الفتح لما كان يطلق عليها إلى كل الإمارات المحيطة بالدرعية ، ومارست أبشع أنواع المجازر والإبادة والقتل والسلب والنهب بدعوى تطبيق الشريعة وإنهاء البدع بهدم القبور والأضرحة ، بالطبع كان لبريطانيا دور كبير في دعم تلك الجيوش ومدها بالسلاح والمال ، فما ساعدها على التمدد وإسقاط الإمارات الواحدة تلو الأخرى ، وعندما وصلت إلى نجران وعسير أطراف اليمن الشمالية وجدوا مقاومة شرسة من قبل قادة المنطقة وسكانها وعجزت الجيوش الغازية عن تحقيق أي انتصار يذكر . مما جعل بن سعود يلجأ إلى الحيلة باتجاهين :
الأول فكري : تمثل في تسلل الدعاة المبشرين لبث أفكار الدين الجديد وزرع الضغائن وكل أنواع الشقاق والخصومة في أوساط الناس .
الثاني عسكري : بعد أن تمكن الدعاة من إثارة العداوة وإذكاء الفتن ، وانتهى الأمر إلى اندلاع حرب بين أهالي نجران بقيادة حمود أبو مسمار وأهالي عسير بقيادة أبو نقطة ، عندما وصل سعود بن عبدالعزيز بحجة إبرام الصلح وإيقاف القتال بين الطرفين ، لكن الاثنين تنبها إلى مرامي الرجل ، فأعلنا الصلح وإيقاف القتال بقرار ذاتي أسقط محاولات سعود هذا .. فعاد خائباً من حيث أتى ، لكنه لم يتعظ بما جرى ، أعاد الكرة بجيش أكبر ولما عسكر بالقرب من نجران نصحه أحد القادة بأن مواجهة أبو مسمار ستكون مغامرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة ، خاصة أن بن قبيضة لن يتركه وسيقف إلى جانبه وعرض عليه الذهاب إلى حمود أبو مسمار لاستمالته ووعده بأنه سيظل والي المنطقة ، وعندما قوبل هذا العرض بالرفض من أبو مسمار، قدم له إغراءات كبيرة ومنها أن يتولى إمارة الجيش الذي جاء به ليقود معارك الفتح حتى يصل إلى صنعاء ويسقطها .
سكت أبو مسمار وطلب منه إعطاءه مهلة بعث خلالها موفداً إلى حكام صنعاء ويبلغهم بنوايا القائد السعودي ومراميه الخبيثة . يطلب منهم الاستعداد والتأهب والحذر وبعد عودة موفده التقى سعود بن عبدالعزيز وأبلغه الرد في كلمة موجزة ( صنعاء أبعد من عين الشمس ) .
ما أشبه الليلة بالبارحة ها نحن في الألفية الثالثة نواجه نفس النوايا بما رافقها من حملات إبادة بربرية ، وهنا ألفت الانتباه إلى مقولة هامة للمناضل المرحوم ناصر السعيد في كتابه ” تاريخ آل سعود ” حيث قال : ( إن كل محاولات آل سعود للسيطرة على اليمن بآءت بالفشل ) .
ولحملة مباخر الدعايات وكتائب الإرجاف والتهويل ، أكرر مقولة المرحوم حمود أبو مسمار ( صنعاء أبعد من عين الشمس ) ..
وعيد مبارك .. ومن نصر إلى نصر إن شاء الله .. ولا نامت أعين الجبناء ..