اختطاف الحَرَم
كمال البرتاني
هذا مشهد آخر من (الكوميديا السعودية) المبكية. في رمضان يأتي مئات الآلاف من المسلمين غير العرب لأداء العمرة. ينظمون في صفوف المصلين في (الحرم المكي)، حيث تنقل صلاة التراويح كالعادة.
يتعثر (السديس) بدموعه، وهو يدعو لأسياده السعوديين بالنصر والتمكين، ويدعو على العالم كله بالهلاك: اليهود كلهم، والنصارى جميعهم، والمجوس الرافضة، بمن فيهم أطفال اليمن وسورية والعراق، فيؤمِّن الأعاجم على دعائه، من دون أن يفهموا مما يقوله شيئا، ومنهم من يتأثر بجلال المكان وتراجيدية الأداء فيجهش بالبكاء!!
هل حقا أن أكثر من مليار مسلم لم يكتشفوا بعد أن النظام السعودي هو المسؤول عما يلحق بالمسلمين من ممارسات عنصرية وتعميم ظالم؟! وهل هم راضون عن استغلال الحرمين لضخ الكراهية وتبرير العنف وتسويق سياسات الرياض، وإلباس الإسلام عباءة الوهابية السلفية؟!
هل تجهل الأمة أن ملوك نجد اختزلوا الدين في مسبحة ومسواك وحزام ناسف وسكين تقطر دماً؟! وأنهم جعلوا خدمة الحرمين (استثمارا) يرفد بالمليارات خزائنهم المتخمة، و(قوة ناعمة) تسند دعائم مملكتهم المتهاوية؟!!
قديما، هجرت (قريش) عبادة الله، لكن ذلك لم يمنعها من استغلال بيته لإنعاش تجارتها، وترسيخ مكانتها بين قبائل العرب. ولا يبدو الواقع اليوم مختلفا كثيرا: جاهلية جديدة، وأصنام من لحم ودم، يشرّعون القتل، مطمئنين إلى العهد الذي قطعه لهم الشيطان: ألا يتأثر عرشهم المغروس في الرمال بالحرائق التي يشعلونها حيثما يوجد صوت يقول للصهيونية “لا”، وحيثما وجد مقاومون للمشروع الذي يهدف إلى تفتيت المنطقة العربية، وتفخيخها بالأحقاد والحزازات.
ما ليس مفهوما، أن يصمت المسلمون على تحويل أقدس بقاع الأرض إلى أداة لحماية نظام مستبد، تُخرّج مدارسه الإرهابيين، وتؤجج مساجده وجامعاته نزعاتهم الإجرامية. نظام يحتقر المرأة، يجرّف التاريخ، ويحارب التجديد والتفكير، ويثقل الحرية بالكثير من القيود، ويحاصرها بالعسس وفوهات البنادق والتهم الجاهزة وفتاوى التكفير!
النظام السعودي- بشهادة حلفائه- هو المنتج الأول والممول والمصدِّر الأول للإرهاب في العالم، ومع ذلك لا يزال يتحدث باسم المسلمين، ويتحكم في شعائرهم ومقدساتهم!