عفواً أنصار الله..
* عبدالرحمن الرياني
لا أدري لماذا الإصرار الشديد من قبل الإخوة في أنصار الله حول حكومة الوحدة الوطنية كشرط للخروج من حالة الحرب الراهنة، أعتقد أن الإصرار ليس في مكانه لأسباب عدة فنحن نعرف منهم وفد الرياض المساوم لا المفاوض ونعي جيدا أن هادي وحكومته ليسوا سوى أذناب للمملكة وللدول الإقليمية التي تتلذذ وعبر نصف قرن في إذلال اليمنيين واحتقارهم واستضعافهم وتضع فيتو على استقلالية القرار اليمني، الجلوس مع هكذا ساسة وتحت سقف ومبنى حكومي يعد بمثابة التضحية بدماء الشهداء من اليمنيين نساء وأطفالا إلا إذا كانت هذه الحكومة التي نطالب بالتوحد معها لإعادة بناء اليمن وتنميته بريئة من سفك دماء الشعب اليمني وتدمير بناه التحتية وأن كل ما قامت به خلال عام وربع العام هو عكس ذلك تماما فهي لم تنشر سوى الفرح ولم تلق سوى بالزهور ولم توزع على أطفالنا سوى الحلوى.
دعوة الإخوة في أنصار الله إلى حكومة وحدة وطنية ليس في محلها أبدا وأرجو أن يتم سحب المشروع فهي تشبه إلى حد بعيد جمع نقيضين وإقناعهم بواحدية الطرح وهذا مخالف للمنطق فلم يحدث نهائيا وفي أي تجربة في الوطن العربي وإفريقيا وحتى في القارة الأوربية أن تم تبني فكرة حكومة الوحدة الوطنية من قبل طرف تعرض للعدوان والإبادة والسحق على يد الطرف الآخر وكاد في لحظة تاريخية أن يفقد كل مقومات بناء النسيج الاجتماعي ثم يطالب بالتوحد مع قاتليه.
نعم حكومة الوحدة الوطنية كانت مهمة وكان يمكن أن تأخذ طريقها نحو التنفيذ في الشهر الرابع للحرب العدوانية من خلال أيجاد حكومة وحدة وطنية من كافة الأحزاب والقوى السياسية اليمنية ومن كافة مناطق اليمن من المهرة إلى تهامة عبر شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة ونظافة اليد ، حكومة كتلك كان يمكن لها أن تقسم المجتمع الدولي الى قسمين مؤيد ومعارض للقضية الوطنية وتدعم موقفنا دبلوماسيا ضد العدوان والقوى الدولية المساندة له على مدى أكثر من عام ، لكن أن ننتظر أكثر من عام وتكون وجهتنا في حكومة الوحدة الوطنية هو التوحد مع الجناح الاستخباري للمملكة والجناح السياسي للجنرال علي محسن وحزب الإصلاح فلا وألف لا للحكومة القادمة على ظهر البوارج والدبابات الأجنبية الغازية لليمن وليرضى من يرضى ويغضب من يغضب.
المسألة الثانية التي نختلف فيها مع أنصار الله هي تلك المرتبطة بغياب ألوان الطيف السياسي اليمني الأخرى المقاومة للعدوان فمنذ أن تمكن أنصار الله من السيطرة التامة على العديد من المحافظات بات خطاب أنصار الله يهيمن بقوة على الخطاب الرسمي الداخلي حتى بدى للعالم أن صمود اليمنيين ليس سوى صمود للأنصار فغاب الخطاب اليساري المقاوم وجرى تغييب الخطاب القومي المقاوم للعدوان والمعادي تاريخيا للمملكة الغازية وانعدم وجود أي خطاب إصلاحي ضد العدوان وهكذا وقعنا في الفخ وتم تمرير مشروع أن اليمن مختطفة إعلامياً وسياسيا من قبل أنصار الله دون أن نشعر وهو ما مكن للعدوان ومناصريه أن يحشدوا العالم برمته ضدنا في المحافل الدولية ولولا التحركات الأخيرة الرائعة التي قام بها مجموعة من الناشطين اليمنيين في مجال حقوق الإنسان وقادت إلى حشر السعودية في زاوية لم تعد قادرة على الخروج منها لبقينا أسيري لتلك النظرة الأحادية التي ساهمنا بقصد أو بدون قصد في خلقها مع العلم هنا أن معظم من تحركوا ضد العدوان وانتهاكاته من الشخصيات الحقوقية التي تتعرض لمضايقات من أناس تسيء إلى أنصار الله .
المسألة الثالثة التي نختلف فيها مع أنصار الله هو عدم الاستفادة من القدرات التفاوضية لليمن بمعنى أن هناك شخصيات وطنية وعلى درجة عالية من الفهم بقضايا المنطقة وبجغرافيتها وبالبعد التاريخي لمشاكل المنطقة وعلى دراية تامة وكاملة بالبعد الاقتصادي لمشاكلنا مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي فوجود مثل هذه الشخصيات الوطنية أولاً وثانياً وثالثاً كان يمكن أن يقوي ويدعم موقف اليمن التفاوضي شخصيات وطنية كانت هامة تم تجاوزها وإقصاؤها في الوقت الذي عمل الجانب الآخر على البحث عن كل ما من شأنه أن يقوي وجهة نظره الخاطئة الزائفة ، أرجو أن يقوم الإخوة في أنصار الله بمراجعة سريعة ويعملوا على استيعاب تلك الشخصيات الوطنية التي لا أود ذكر أسمائها حتى لا اعرضها لأي نوع من الحرج المهم على الإخوة في أنصار الله أن يعوا جيدا أن توسيع الماعون التفاوضي بات قضية وطنية حتمية أخرجوا اثنين او ثلاثة من بيت البخيتي أو من بيت الحوثي حمزة الحوثي الذي يصلح لبرلمان الشبيبة وليس للتفاوض في اعقد أزمة عرفتها اليمن .
المسألة الرابعة هي مسألة النقابات والروابط المهنية والاتحادات القائمة والتي لم تترك لها حرية الحركة فتاريخيا كانت النقابات في اليمن من الفئات التي قاومت المستعمر والحقائق التاريخية تؤكد لنا ان خمس نقابات في الجنوب قامت بتأسيس الجبهة القومية التي حاربت الانجليز وطردتهم من جنوب الوطن لقد كان ينبغي ان يكون للنقابات دورها الفاعل في المعركة وفي تقوية الجانب التفاوضي لليمن .
المسألة الخامسة هي مركزية المقاومة بمعنى جميع المشاريع المقاومة والتي تعزز الصمود تتم مركزيا وهذا ما يكرس الصورة النمطية لأنصار الله بأنهم عبارة عن ديمغرافيا قادمة من اليمن الأعلى للهيمنة على اليمن الأسفل ويفرغ الجانب السياسي والثوري لها باعتبارها حركة مقاومة وطنية أصيلة نشأت ضد الاستكبار والطغيان السياسي والدكتاتورية العسكرية والتسلط القبلي الفج وهنا نرجو أن تنال المحافظات الأخرى حقها في المقاومة الثقافية والسياسية من خلال أبنائها ودون وجود مندوبين من صنعاء .
أخيرا المسألة الإعلامية هي أم المسائل والخطاب الركيك هو الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه وجعل أكبر حالة اعورار سياسي في العالم والتي لديها من الكوارث والأخطاء السياسية والملفات السوداء والتاريخ المظلم في مجال حقوق الإنسان واعني بذلك المملكة الاتوقراطية الغازية تنتصر إعلاميا علينا ،وهنا أقول أتمنى أن أجد الإجابة الشافية الواقعية حول السر في وجود خمسة إعلاميين من بيت واحد مثل بيت البخيتي في الجبهة الإعلامية، ومثلهم من بيت الحوثي الايعد ذلك خطئا في حق قوى الممانعة للمشروع المعادي للمملكة وما هو الفرق إذن بين العربية كقناة شرعية وبين الجبهة الإعلامية التي يفترض أنها أداة مقاومة بعيدة كل البعد عن المناطقية والمذهبية .
تنويه قمت بانتقاد أداء الإصلاح وشركاه في العام 2012م بمقال كتبته في صحيفة محلية حينها وكانت ردة فعلهم عنيفة واتهمت بأنني ضد فبراير وكان رأيي اننا اذا لم ننتقد الآن فإن ما يجري سيكون هو الترمومتر الذي تقاس عليه المرحلة القادمة وهكذا حدث فما ان وصل الإصلاح إلى السلطة حتى انفرد بالوظيفة العامة وسيطر بقوة على مقرات البلاد وبدأ بتصفية خصومه بحجة أنهم أعداء لفبراير التي لم يصنعها او يشارك في صناعتها والآن نعيد قراءة الواقع مع تمنياتنا أن من هم في الخنادق يختلفون عن من هم في الفنادق .
* رئيس المركز الدولي للإعلام والعلاقات العامة