عبدالفتاح علي البنوس
ونحن في الثلث الأخير من شهر رمضان ثلث العتق من النار وفي هذه الليالي المباركة التي نتلمس فيها ليلة القدر التي وصفها الخالق جل في علاه بأنها خير من ألف شهر نقف أمام موضوع في غاية الأهمية وهو متعلق برسالة المنبر والدور المنوط بالداعية أو الخطيب أو المرشد في مسجده ومدى تأثير هذا الدور في نشر الوعي والفكر والعلم في أوساط الناس وتبصيرهم بامور دينهم ودنياهم والوقوف في مواجهة مدلهمات الأحداث ومساندة القضايا الوطنية التي تعد مساندتها من الضروريات الدينية وخصوصا عندما يكون الوطن يمر بظروف عصيبة كما هو حاصل اليوم من عدوان وحصار وقتل وخراب ودمار في ظل مخاطر الغزو والاحتلال التي تستهدف بعض المحافظات الجنوبية ضمن مخطط يشمل كافة المحافظات والمدن اليمنية ,فلا يعقل أن يلزم الكثير من الخطباء والوعاظ الصمت تجاه كل ما يجري في البلاد ولا يتطرقون إليه في خطبهم ومحاضراتهم ولا تصدر منهم أي فتاوى بالجهاد ضد الغزاة والمحتلين وكأنهم يعيشون في كوكب آخر , وكأنهم غير معنيين بما يحصل في البلاد وهذا ما يجعلهم ضمن الصنف الذي ذكر في حديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : (من لم يهتم بأمر من أمور المسلمين فليس منهم ) .
أكثر من ثلاثين ألف شخص ما بين شهيد وجريح من النساء والأطفال والرجال سقطوا على يد قوى العدوان السلولي الغاشم الذي مضى عليه أكثر من عام وثلاثة أشهر علاوة على الدمار والخراب الذي لحق بالبنية التحتية والحصار المطبق على البلاد برا وبحرا وجوا وكل ذلك لم يحرك ضمير هؤلاء الدعاة والخطباء الذين يصمون أسماعنا بتكرار النصائح والمواعظ الدينية دونما إشارة إلى ما يحصل في البلاد من عدوان ومؤامرات خبيثة لا تستهدف جماعة أو حزب أو طائفة أو مكون سياسي معين وإنما تستهدف اليمن واليمنيين دون استثناء ,البلاد تحت القصف وهذا الخطيب يتحدث عن التيمم وفروضه وشروطه, الأطفال والنساء يقتلون بدم بارد وذاك الخطيب حانب لي عند السواك وأهميته في رمضان ,وآخر يخطب عن مفطرات الصوم وآخر عن خطر مشاهدة التلفاز في رمضان وآخر يتفرج على الغزاة والمحتلين يتواجدون على الأرض اليمنية وبدلا من الدعوة إلى تحريرها يدعو لتجنب الفتنة وإلتزام الحياد وكأن المارينز الأمريكي والجنجويد والبلاك ووتر والداين كروب وكل فلول الغزاة الذين أستقدمتهم مملكة الشر هم من قبائل بني حشيش أو الحيمتين أو من تهامة وتواجدهم في عدن والمكلا وأبين هو من أجل الراحة والاستجمام والسياحة الداخلية لا من أجل احتلالها واستغلال ثرواتها وانتهاك سيادتها فعن أي فتنة يتحدث هؤلاء ?!!ومن هو الفاتن ومن هو المفتون به ?!! وما الذي ينتظره هؤلاء من أحداث حتى تستحق في نظرهم قيامهم بإعلان الجهاد في سبيل الله ودفاعا عن الوطن وسيادته وإستقلاله و سلامة أراضيه وتحريرها من الغزاة والمحتلين ?!!
الفتنة هم آل سعود الذين قاموا بالإعتداء على دولة مستقلة ذات سيادة وأشعلوا نيران عدوانهم الهمجي الوحشي وقاموا في عام وثلاثة أشهر بما لم يقم به الصهاينة في حق أبناء الشعب الفلسطيني منذ 68عاما و هؤلاء هم من يجب فضحهم من على المنابر وتعريتهم والدعوة للتصدي لمؤامرتهم وإفشال مخططاتهم والانتصار لمظلوميتنا وعدالة قضيتنا والتوجه لله بالدعاء عليهم والقنوت في الصلاة وإعلان الجهاد ضدهم ورفد الجبهات بالمقاتلين حتى يرفع الله الغمة عنا ويمن علينا بالنصر ,كأقل واجب يمكن أن يقدمه الخطيب أو الواعظ من على منبره فهذا هو جوهر الدين وهذه هي رسالة المنبر في مثل هذه الظروف ,المصالح والمنافع الذاتية زائلة وحينها لن ينفع الحياد ولا الفرجة ولا الدعممة ولا الدبلوماسية والسياسة فهذا دين الله وهو ليس خاضعا للأمزجة والرغبات والمصالح والمنافع .
لا تحتاج مظلومية شعبنا وعدالة قضيتنا إلى شهود وقرائن إثبات ولا تحتاج إلى موقف أو تأييد هذا العالم أو الخطيب أو ذاك المرشد فهي واضحة ولكننا نتألم من حال هؤلاء عندما يسألهم الله لماذا وقفتم مع الجلاد ضد الضحية ومع الظلم ضد العدل ومع الباطل ضد الحق? ?!! لماذا صمتم وتجاهلتم معاناة شعبكم ودمار وخراب بلادكم?!أين أمركم بالمعروف ونهيكم عن منكر العدوان على شعب الحكمة والإيمان?!!حينها سيلزمون الصمت أيضا ولكن جزاء وثمن الصمت في ذلكم الموقف لن يكون ريالات ودراهم ودولارات كما كان في الدنيا حيث سيكون الثمن حينها جهنم وبئس المصير والعذاب الأليم.
صوما مقبولا وذنبا مغفورا وافطارا شهيا .