عبدالوهاب الضوراني
احتفلت بلادنا وسائر بلدان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بأيام شهر رمضان المبارك وسط اجواء ومتغيرات اقليمية ودولية غير مسبوقة سادها التوتر والغليان وشن المزيد من غارات دول الحلفاء بقيادة السعودية على العديد من المساجد ودور العبادة التي يعتكف فيها الصائمون والعاكفون والركع السجود الذين لا يتوقفون عن الابتهال والتضرع إلى الله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار أن يرد الله كيد آل سلول وحلفائهم إلى نحورهم ويزلزل الأرض من تحت أقدامهم وأن النصر بات وشيكا وأقرب أيضا من حبل الوريد وأن طاحونة الحرب التي تشنها السعودية بالتواطؤ مع حلفائها من الدواعش والمرتزقة وعناصر القاعدة سيتوقف رحاها آجلاً أم عاجلاً وأنه آن الأوان لحكومة سلمان في الرياض وحلفائها أيضا من المرتزقة والعملاء ودعاة الانفصال الذين دأبوا منذ نعومة أظافرهم على إثارة الفتن وهي نائمة أن يحملوا نفاياتهم من أسلحة الدمار الشامل والمحرمة دولياً وقناطيرهم المقنطرة من الأموال المدنسة على اكتافهم ويرحلوا من ربوع السعيدة إلى حيث ألقت وهم يجرجرون في أعقابهم أذيال الخيبة والانكسار.
ويأتي رمضان هذا العام وسط تحديات دولية تحتم علينا جميعاً الوقوف صفا واحدا إزاءها ونكون كالبنيان المرصوص الذي اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى والعمل بروح الفريق الواحد من أجل الخروج بسفينة الوطن وأبنائه من حالة التخبط والانزلاق في بؤر التوتر والغليان إلى مرفأ السلامة وبر الأمان لا سيما التجار ومافيا السوق السوداء الذين بأيديهم رقاب الناس وأقواتهم وتقع عليهم مسؤولية وطنية وإنسانية بالغة الأهمية للتخفيف ولو القليل من أعباء المواطن ومعاناته اليومية وما يتكبده وينوء به من أشكال الفاقة والعوز والجور الفادح نتيجة الحصار وتفاقم الأزمة، وأن يرحموا من في الأرض ليرحمهم من في السماء خصوصاً في هذا الشهر الفضيل الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار وأن يعتقوا فيه رقابهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم لأن المواطن أصبحت روحه على طرف مناخيره وأصبح في ظل الأزمة وأحكام الحصار يتنفس وكأنه يلتقط أنفاسه من ثقب إبرة مش ناقص افتعال المزيد من الأزمات وأن يكونوا عوناً له وليس عوناً عليه وأن يكفوا عن ممارسة بعض عاداتهم السيئة في افتعال الأزمات واستغلال حاجة الناس الملحة والضرورية لرغيف الخبز وإشباع البطون الجائعة وأن يخففوا عنه ولو جزءاً من أعباء الجو والمعاناة والتي تزداد وطأة وفداحة وخصوصية في رمضان وبقية المناسبات التقليدية الأخرى، والمعنيون بالطبع في الطرح والدلالة هم تجار المواسم والأزمات ومافيا السوق السوداء الذين لا يمارسون نشاطاتهم ومغالاتهم عادة إلا في ظل هذه الأجواء والتداعيات وخارج نطاق القانون وأن يكونوا دائماً فوق مستوى الأراجيف والشبهات وألسنة المواطنين بأنهم سبب البلاء وسبب الغلاء والجور الذي يعاني منه دائماً المواطن ويجعلوا من هذا الشهر وغيره من الشهور أيضاً فرصة سانحة وثمينة لا تكرر كثيراً للتقرب من التضرع والدعاء والأعمال الصالحة وتقديم المزيد من الصدقات والمساعدة الخيرية والإنسانية للفقراء والمحتاجين خصوصاً الأسر المنكوبة التي تقطعت بهم السبل ويتواجدون اليوم بمعدلات هائلة وغير مسبوقة أكثر من أي وقت آخر نتيجة الحصار وإطالة أمد العدوان الغاشم والبغيض الذي قطع أرزاق الناس وأقواتهم وأثر سلباً على مصادر لقمة العيش وأن يخرجوا زكاة مالهم طبقاً لقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وأله وسلم لا ينقص مال من صدقة وأن يكفوا عن افتعال المزيد من الأزمات وارتفاع الأسعار أضعافاً مضاعفة في رمضان وغيره من المواسم والمناسبات التقليدية الأخرى وأن يتقوا الله في عباده الذين ضاقت بهم السبل وتعاقبت عليهم الأرزاء والمحن وساءت أحوالهم المعيشية خلال العام والنصف العام الماضي تحديداً من اندلاع العدوان الجائر الذي عصف بالبلاد والعباد واكتسح في طريقه الأخضر واليابس وكل كائن قائم أيضاً على الأرض، وأن يسعوا بكل جدية وبكل مصداقية للتخفيف ورفع المعاناة عن كاهل المواطن خلال هذا الشهر الكريم الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار التي وقودها الناس والحجارة.