المسؤولية.. احزن يا قلب..!!
عبد الله الصعفاني
يعجبني حيوان الكوالا .. كائن حي واضح .. لا يراوغ ولا يتحذلق ولا يعمل زحمة والخط فاضي .. كائن شفاف ” ودوغري ” ينام 22 ساعة في اليوم ويستيقظ لمدة ساعتين فقط، يتناول فيها طعامه ويقضي حاجته ثم يديها نومه.
ولا يعجبني من البشر الناطقين من أوكلت لهم مهام وظيفية لكنهم لا يوفون باستحقاق هذه الوظائف، والنتيجة هذه المراوحة بين استخفاف العدو بنا واستخفافنا بمعايير النهوض وخسارتنا قضية التطور على مدار أكثر من نصف قرن.
ورغم الوقوع تحت نير العدوان بما فيه من الغطرسة وصفقات البيع والشراء بالأوطان، فليس في الحال ما يبرر هذا الجمود في وظائف وأدوار ما كان يجوز أن تتجمد على النحو الذي يأخذ من السياسة أحقر ما فيها، ومن التنمية ما ينسفها، ومن حيوية الأداء الخدمي مالا يقود إلا إلى الدعاء حسبنا الله ونعم الوكيل.
وأسوأ ما في المشهد هذا التجريف لنظام المناعة ، والفهم الخاطئ لمعنى القيادة والريادة ومعنى الإدارة والإرادة ، حيث لم نفهم من الإرادة سوى إرادة تشجيع مظاهر العبث والفوضى غير مدركين لخطورة ما نفعله بأنفسنا دعماً للعدوان ومساندة للحصار الاقتصادي خصماً من فرص حياة التنمية المجتمعية والإنسانية، وإلحاق الهلاك بالسلامة النفسية والبدنية لمجتمع يقترب أعضاؤه من الثلاثين مليون نسمة.
مسئولون يتهربون من مسئولياتهم ولا يضعون تلبية حاجات الناس في اعتبارهم، وفي الذي نشاهده في الشارع من صور العبث والفوضى ما يجعل المشهد ملتقى لأمراضنا المزمنة في التعاطي الفاشل مع المسئولية حتى أن ما كان مستهجناً صار مقبولاً وهو يتحول إلى قاعدة بعد أن كان استنكاراً تعافه العيون قبل العقول.
حركة السيارات على عكس اتجاهات الشوارع وبصورة لا تخطر على بال.. احتكار لبعض السلع لهدف الاتجار بها بمبالغ لا يقوى الضعيف على شرائها، بل وفتاوى دينية لا تمانع من بيع السلعة بأربعة أضعاف قيمتها، وإعفاء غير مكتوب من مسئولية أرباب العمل والفوضى حتى وجدنا أنفسنا وسط زحام الشوارع والأسواق ليس أمام مجرد ممارسات خاطئة بل أمام جرائم في حق الناس وسرقات لهدوئهم وتوازنهم النفسي والعصبي.
إن بعض الظواهر أكبر من قدرتك على الفهم .. إذ كيف يمكن قبول غياب رجال المرور مع أنه لم يتغير شيء في أعدادهم أو تواجدهم في كشوفات الراتب.. سلع فاسدة وأخرى مرتفعة الثمن على نفس ذمة الحرب وسط اتفاق غير مكتوب في الإعفاء من المسئولية القانونية أو حتى الأخلاقية .. وقائمون بأعمال وزارات يصرخ أصحاب الحاجات بدل المرة الواحدة عشرات المرات، وكأنهم يصرخون في الفراغ كما هو الحال في وزارات مثل التعليم العالي أو التجارة والصناعة فيما لا وجود لمن يمنع استمرار إساءة المسئولية وإساءة الأدب مع المجتمع واحتياجاته ومظالمه .
وتسأل كمراقب.. ما الذي يحدث؟ ولا تجد من الجواب غير محفوظات أن من أمن العقوبة أساء الأدب ، وأن الغباء معدٍ كما تنص على ذلك دراسة نمساوية استمرت لأربعة شهور حيث انخفض معدل الأذكياء عندما وُضعوا وسط مجموعة من الأغبياء.. ولا حول ولا قوة إلا بالله .