يمكن تعريف سوء التغذية: بالحالة التي لا يحصل فيها جسم الإنسان على القدر الكافي من المواد الغذائية اللازمة، بمعنى عدم توازن الغذاء؛ سواءً كان تناوله بإفراط أو نقص.
إذ ثمة رابط قوي بين الغذاء والصحة، فالغذاء ضروري لحياة الإنسان ونموه وحيويته ونشاطه ومقاومته للكثير من الأمراض، وبالمقابل يُسفر العوز في المكونات الغذائية الأساسية عن الإصابة ببعض الأمراض والعلل، كذلك عند عدم توازنه أو غياب الاهتمام بنظافة ما نتناوله من أغذية أو لدى الإبقاء عليها عرضة للتلوث؛ ضمن سلسلة من المعوقات ذات الصلة بشيوع الجهل في المجتمع بأسس التغذية السليمة وجنوح الكثيرين إلى عادات غذائية غير صحية لا تلبي حاجة الجسم بقدر ما تلحقه من أضرار؛ كعسر الهضم وسوء الامتصاص وأمراض أخرى تبدو – بطبيعة الحال- أكثر خطورة ووخامة على الرضع وصغار الأطفال والنساء الحوامل عموماً.
ولا مراء في وصف الحال المترتب على نقص المكونات الغذائية الأساسية بالخطير وبخاصة في حالة العوز الوخيم، لدرجة أن نقص عنصر واحد -على الأقل- من عناصر المجموعات الغذائية الثلاثة الأساسية المكونة للغذاء المتوازن؛ يُعد كافياً للتعرض لمرضٍ من أمراض سوء التغذية.
ويعتبر الأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات أكثر الفئات عرضة لسوء التغذية، وذلك لاعتبارات كثيرة، فالطفل في حالة نمو وتطور متسارع يبدو فيه بحاجة إلى رضاعة طبيعية خالصة من الأم من بعد الولادة مباشرةً وحتى انتهاء الشهر السادس من عمره، ثم في مرحلة لاحقة بعد الشهر السادس وإلى أن يبلغ من العمر عامين كاملين يكون بحاجةٍ إلى عناصر غذائية متكاملة من تلك المجموعات الغذائية الثلاثة، إلى جانب لبن الأم.
أما الأم الحامل، فتحمل بداخلها جنيناً يتسارع نموه ويكون فيه بحاجةٍ إلى عناصر غذائية مهمة لا تصل إليه إلا بواسطة أمه، كذلك من قبيل تعويضها بعناصر الغذاء التي يستهلكها نمو الجنين.
أما بالنسبة للمرضعات فإنهن بحاجة إلى عناصر غذائية كافية لدعم مخزون أجسامهن ومدهن بالمكونات الغذائية اللازمة لإنتاج الحليب لأطفالهن الرضع.
ويبدو جلياً أن المشكلة مَرَدها إلى الجهل بأسس التغذية السليمة وعدم معرفة القيمة الغذائية للأطعمة المختلفة ويتجلى في سوء الاختيار والإعداد غير السليم للمأكولات بما يجعل الجسم عرضة لشكلٍ أو لأكثر من أشكال سوء التغذية، مثل
نقص الوزن الطبيعي للجسم. والنحافة والهزال وتضخم الغدة الدرقية نتيجة نقص اليود.
بالإضافة إلى العشى الليلي من جراء افتقار الجسم لفيتامين(أ).
وفقر الدم الناجم عن عوز الحديد وقصر القامة لدى الأطفال.
وفي سياقٍ متصل، هناك تباين جلي وواضح في أمراض سوء التغذية من بلد إلى آخر لاختلاف العوامل الاقتصادية والصحية والاجتماعية فيما بينها، لكن أسبابها كثيراً ما تكون متداخلة مع بعضها البعض حتى أنه يصعب التفريق بينها، وأبرز هذه الأسباب:-
1- نقص أحد مكونات الغذاء أو أحد المغذيات في الوجبة بما يكفي للإصابة بسوء التغذية، ولنأخذ على سبيل المثال نقص البروتين والطاقة اللذان يؤديان إلى اعتلال الصحة واختلال السوائل وانخفاض مقاومة الجسم للأمراض المعدية؛ بسبب عدم كفاية الغذاء لتلبية احتياجات الجسم من هذه العناصر الغذائية.
فبينما يمكن أن يؤدي نقص فيتامين(أ) إلى تدني الرؤية الليلية والحول أو إلى فقدان البصر في الحالات الشديدة، نجد نقص اليود مسؤولاً عن إصابة الغدة الدرقية (تورم الغدة الدرقية) والتخلف العقلي واعتلال المخ لدى الأطفال وكذا عدم الإنجاب.
في حين يمكن لنقص الحديد التسبب بفقر الدم التغذوي ومشكلات في الحمل وضعف أو توقف النمو بالنسبة للأطفال وانخفاض المقاومة للأمراض المعدية – فضلاً- عن الإعاقة العقلية وتأثيراته السلبية على النمو الحركي على المدى الطويل.
* الإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان