“قرناو” وصحراء الجوف التاريخية العريقة
قدرية الجفري
منطقة الجوف الحالية الحديثة وما يجري فيها من عدوان وانتهاكات لمعالمها الأثرية التاريخية العريقة والتي تكونت فيها أقدم الممالك اليمنية وشكلت في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
وكانت فيها حضارة عريقة في المنطقة الشرقية من الجوف باتجاه الربع الخالي وكانت عاصمتها الأولى قرناو ويقال إن قحطان هو أصل المعينيين والسبأيين والحميريين.
وكان قوم معين أول من استخدم البحر على طريق اللبان حيث كانوا يحملون اللبان والطيب إلى البتراء عاصمة الابناط.
وقد نشطت في مراكز ومحطات تجارية مع الدول المحيطة بها مما جعلها تسيطر على منافذ البحر الأبيض المتوسط وشواطئ الخليج والبحر العربي وأعالي الحجاز شمالاً.
وكان لموقعها الأثر المهم كمفترق لطرق القوافل التجارية الذاهبة فيها والعائدة اليها أثر في ازدهار حضارتها قبل غيرها وأصبحت تجارتها تصل إلى صيد أو عمون ومواب في بلاد الشام واليونان.
وكان نظامها ملكياً إلا أنه اتسم بالمرونة والديمقراطية في علاقاتها السياسية داخل البلاد وخارجها.
وكان الملك يستشير رجال الدين ورؤساء المدن والقبائل في أمور البلاد قبل أن يصدر أي حكم أو تشريع أو مرسوماً يحمل اسمه واسم الإله المعيني الأكبر أله الدولة ليعلن بعد ذلك على الناس أمام معبد أو بوابة المدينة ليطلع عليه الناس.
وكان في مدخل صحراء الجوف وفي موقع شكل حلقة مواصلات دولية تجتمع فيها القوافل التي تنطلق من حضرموت ومعين واقاليم أخرى محملة بالتوابل والبخور والسيوف للتجارة مع افريقيا ومصر وبلاد الرافدين.
وكانت قرناو أقدم المدن في العالم وآخر المدن التاريخية المسودة في اليمن وكان لها سور مهيب وما تزال باقي اثاره محيطة بمدينة براقش العاصمة الثانية لدولة معين “ايثل” وكان ارتفاع سورها يزيد عن 14 متراً وكان مزوداً بخمسين برجا شاهقا للمراقبة الأمنية.
تعرض المدينة الأثرية تاريخ اليمن في طبقات بقايا منارة جميلة من جامع قديم ومبان سكنية بنيت وأضيف اليها على مدى قرون تحتها وجد المنقبون معابد لآلهة عمرها أكثر من ثلاثة آلاف عام تعود إلى أزمنة كانت فيها العاصمة الثانية براقش مركزاً روحياً يعج بالكهنة والمتعبدين.
وهناك العديد من معابد للآلهات الأساطيرية مثل الآله عتار الذي يؤكد على التواصل اليمني مع خارج محيطة في بلاد الرافدين والشام فعتار هو نسخه مذكرة عن الآلهة “عشتار البابلية” والتي هي ايناتا السومرية وفينوس نجمة الصباح وآلهة الحب والجمال وآله المطر والخصوبة وعتار يمثل إله الرعد والمطر وسيد الحرب عند الاسلاف اليمنيين وهو الذي يجعل مياه السماء تسيل في الأودية اليمنية بين الصحاري القاحلة فترويها وتخضرها وتعمرها فقد كان الحكم وراثياً.
ومن أهم المدن في المملكة المعينية هي مدينة قرناو وبراقش العاصمة الجديدة وهي تاريخية وتقع شمال مارب وفيها الكثير من الكنوز الحضارية المدهشة التي يزخر بها هذا البلد القديم.
فالطيران السعودي قام بقصف مدينة براقش ودمر معابدها وخرب أسوارها هي والمدن التاريخية التابعة لها كحضارة جوفية أي ضمن محافظ الجوف الصحراوية وليست براقش الضحية الوحيدة للعدوان السعودي فقد قصفت النيران السعودية قلعة تعز التاريخية وهدموا صعدة القديمة وتلا شبام كوكبان ومهاريج عدن والجوامع العريقة وغيرها كما استهدفوا بعض أهم أثار اليمن.
ولا يزالون يقصفون الآثار التاريخية ويحطمون البنية التحتية حتى يوم ما أعلن عن بدء وقف اطلاق النار في العاشر من ابريل 2016م فهم مستمرون بالقصف والتحليق على مدننا اليمنية ولكن لكل ظالم نهاية.