اليمن والجهود الحثيثة للتحول والانضمام إلى نظام بريكس الاقتصادي
المهندس/خالد عبدالله القايفي
*البريكس النشأة والمفهوم*
نشأ “بريكس” كنظام علاقات اقتصادية دولية جديد من الدول الخمس الأسرع نموا في العالم (الصين ، روسيا، الهند، البرازيل، جنوب أفريقيا) .
ولد هذا النظام الجديد من رحم المعاناة ونتاج لعبقرية بشريه فذة بهدف إنقاذ العالم من طوفان انهيار وسقوط النظام الإمبريالي الغربي الذي أدخل العالم في سلسلة ودوامة من الحروب والصراعات ذات الطابع المذهبي والعرقي والمناطق وخاصة في منطقة ” جنوب غرب آسيا”، ويقع جزء كبير العالم العربي والإسلامي ضمن هذه المنطقة الجغرافية المشتعلة بالحروب والصراعات وكانت ولازالت عين هذا النظام الإمبريالي المتهاوي وهدفه الواضح وغير المعلن والذي نجح في تحقيقه حتى الآن هو نهب ثروات المنطقة والسيطرة عليها وإنعاش اقتصاده المتهاوي على حساب تدمير شعوب وأمم اقتصاديات وأنظمة دول هذه المنطقة الهامة.
فلسفة “بريكس ” الأساسية تقوم على نظرية مد الجسور المعرفية والتكنولوجية ومشاركتها مع الشعوب الأخرى على قاعدة الكل رابح (رابح/رابح) ودون إلحاق أي خسارة بأي طرف من الأطراف وتحقيق المنفعة المتبادلة بين الدول الأساسية في منظومة البريكس والدول التي انضمت لها ودون التدخل في شئونها الداخلية أو الانتقاص من سيادتها.
*اليمن والحاجة إلى نظام اقتصادي جديد*
عند البحث عن حلول حقيقية للمشاكل الاقتصادية في العالم العربي ومنها ما نعانيه بشكل أكبر في اليمن من ضرورة وجود بنية تحتية أساسية في كل دوله تؤسس لنهضة صناعية وزراعية تعتمد على التقدم التكنولوجي وتوفير مصادر الطاقة للوصول إلى تحقيق اقتصاد إنتاجي ناجح وتنمية ورفاهية مستمرة لشعوب هذه المنطقة فإن نظام “بريكس ” هو الأنسب والأفضل .
وعندما نبحث عن نظام اقتصادي عالمي جديد يقدم رؤية حقيقية لمرحلة مابعد الحروب وإعادة الأعمار للدول التي تعرضت للتدمير وأشعلت فيها الحروب الداخلية وتعرضت للعدوان ومنها اليمن فإننا نجد أن نظام “بريكس” الذي يعتمد النظام الائتماني كحل ناجح لتمويل المشاريع الإنتاجية وإعادة الأعمار وهو ما تحتاجه اليمن بصورة عاجلة .. إن إعادة إحياء طريق الحرير الجديد إلى الجسر البري العالمي وفق فلسفة “بريكس” كفيلة بإنهاء الصراعات والحروب في المنطقة العربية والقضاء على وباء الإرهاب وتوفير لقمة عيش كريمة لملايين الجائعين والدخول في عملية بناء وتنمية مستمرة في هذه الدول .
إن مشكلة اليمن الحالية ليست في قلة المال والموارد البشرية ولكن في انعدام الرؤيه وغياب الاستقرار والسلام .
على اليمن أن تخوض التحدي أمام شعبها وأمام جيرانها وأمام العالم وذلك بانتهاج وبسرعة عاجلة عملية تغيير اقتصادي شامل تجعل الكل ينظر إليها كفرصة وليس كعبء، هذا التغيير المنشود يجب أن تسبقه قناعة لدى الجميع من أحزاب وجماعات سياسية ومنظمات وأفراد بضرورة إحلال السلام ووقف الحرب والعدوان وفك الحصار الاقتصادي والسياسي ووأد النزاعات المناطقية والانفصالية في مهدها وإتاحة الفرصة لأحداث التغيير الاقتصادي المنشود الكفيل بحل جميع مشاكل اليمن السياسية والاقتصادية وإنقاذه من الارتهان لأي قوة من دول الإقليم أو أن يصبح مصدر تهديد أو خطراً على جيرانه الأثرياء الذين كانوا ومازالوا مصدر التهديد والخطر عليه وعلى استقراره ونهضته ووجوده من مئات السنين .
إن استلهام تجارب الأمم والشعوب العريقة مثل الصين والهند ومسيرتهما الفريدة في النهوض الاقتصادي إلى مصاف الدول الأكثر نموا في العالم والتي حققت مراكز متقدمة في اقتصادها الإنتاجي الصناعي والزراعي والتكنولوجي وفي سنوات معدودة والذي أدى بدوره إلى استقرار سياسي كامل ومكانة عالية لهذه الدول بين دول العالم ، كل ذلك هو ما تضمنه كتاب تقرير من خط الحرير الجديد إلى الجسر البري العالمي الصادر عن مؤسسة اكزكيتف انتليجنت ريفيو ومعهد شيلر للمؤلفه هيلجا لاروش الملقبة بسيدة خط الحرير وترجمة المفكر العربي حسين العسكري ، والتي قدمت وعرضت من خلال هذا التقرير الهام مقترحات بدمج جميع الموارد المالية والطبيعية والبشرية في مهمة واحدة وذلك بإحياء خط الحرير الجديد للوصول إلى تنمية عالمية للجميع وفق مفهوم بريكس القائم على نوع من التوازن والعقلانية في السياسات العالمية الخالية من النظرة الاستعلائية نحو الآخرين أو الرغبة في السيطرة ونهب الثروات العربية لصالح الدول الإمبريالية والاستعمارية الغربية كما هو حاصل في ظل النظام الإمبريالي المنتهي الصلاحية
* المكتب الاستشاري للتنسيق مع بريكس في اليمن النشأة والأهداف وجهود المكتب لإنشاء اللجنة الوطنية للتنسيق مع دول البريكس*
إن الجهود الرائدة والوحيدة في اليمن التي دعت وعملت بشكل حثيث للتحول والانضمام إلى نظام بريكس صدرت من المكتب الاستشاري للتنسيق مع بريكس (**) والذي نشأ في بداية هذا العام وضم نخبة من خيرة الخبرات الاقتصادية والقانونية والأكاديمية والإعلامية والتجارية ورجال المال والأعمال والذي وضع على عاتقه مهمة التنظير والتوعية والدعوة للتحول والانضمام إلى منظومة بريكس الاقتصادية من أجل مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة وكطوق نجاة لإنقاذ اليمن من براثن الصراعات والحروب والإرهاب والفقر والتخلف الاقتصادي وإحلال السلام الخطوة الأولى لإعادة الأعمار والتحول إلى الاقتصاد الإنتاجي وفق مفهوم ونظرية بريكس الاقتصادية .
لقد وضع المكتب الاستشاري للتنسيق مع بريكس في اليمن عدداً من الأهداف والغايات يمكن إجمال أهمها في الآتي :
– رفع ومتابعة تشكيل لجنة وطنية للتنسيق مع دول البريكس
– رفع مقترح بتشكيل غرفة عمليات لإنشاء بنك إعادة الأعمار في اليمن
– رفع مقترح بإرسال وفد اقتصادي للتعرف على الدالة الاقتصادية للنظام الاقتصادي الجديد “بريكس” .
-قراءة كتاب من خط الحرير الجديد إلى الجسر البري العالمي على شكل حلقات أسبوعية تم منها عقد عشر حلقات نقاشية حتى الآن إضافة إلى طباعة وتوزيع وبيع الكتاب بحسب الحق الحصري الممنوح للمكتب ، هذا التقرير يجسد ويعرض ويقدم المقترحات والمفاهيم والرؤية الخاصة بمنظومة بريكس الاقتصادية .
وقد نجح المكتب الاستشاري للتنسيق مع بريكس في إدراج عدد من أهدافها ضمن التوصيات الختامية لأهم فعالية اقتصادية أقيمت هذا العام في اليمن وهوالمنتدى المالي التقييمي السنوي 2016م الذي اختتم أعماله الخميس 26 مايو 2016م بصنعاء وبمشاركة فاعلة من المكتب الاستشاري للتنسيق مع بريكس في اليمن وتنص أهم توصيات اختتام المنتدى المالي السنوي على الآتي:
“داعين الحكومة إلى الإسراع في إنشاء اللجنة الوطنية للتنسيق مع دول البركس وإنشاء غرفة عمليات لتأسيس بنك إعادة الأعمار الوطني” .
بريكس اليوم أصبح حديث واهتمام النخب السياسية والاقتصادية والأكاديمية ورجال المال والأعمال والاقتصاديين ورجال الإعلام في اليمن وتم إيصال الفكرة والمفهوم لأعلى هرم في السلطة السياسية والحكومة التي يجب أن تسعى إلى انضمام اليمن إلى هذا النهج الاقتصادي الجديد لحماية مصالح اليمن في ظل استمرار هذا العدوان الغاشم لإخراج اليمن إلى بر الأمان ولن يتم ذلك إلا وقد أصبحت اليمن جزءاً من خط الحرير الجديد الواعد بالفرص الاقتصادية وإعادة الأعمار والمنفعة المتبادلة واحترام السيادة الوطنية لليمن .
والله الموفق.
(*) الخبير الوطني في تقنية المعلومات ، مستشار تقنية المعلومات والبحث العلمي في المكتب الاستشاري للتنسيق مع بريكس في اليمن..
عضو المكتب الاستشاري للتنسيق مع بريكس
مدير عام التخطيط والإحصاء والمشاريع في لـ (سبأ).