الاصلاح الديني !!

عبدالله الاحمدي

محتاجون إلى حركة اصلاح ديني تقوم بنقد التراث، وتنقيته مما علق به من اسرائيليات وخرافات وانحرافات، وتصحيح المسار العقلاني للإسلام، والأخذ بما ينفع الناس، ماضيا وحاضرا، هناك مجتهدون أعلام كانوا قد بدأوا حركة عقلانية في تحرير الإسلام من النقل الخرافي المتعارض مع العقل والطبيعة الإنسانية. من يقرأ تفسيرات ابن عربي سيجد جهدا جبارا في إعلاء شأن العقل والإنسان وإيجاد مخارج للنصوص تتوافق مع العقل والعصر. مثلا يقول ابن عربي عن الجن إنهم الخاطيون من الأنس وليس غيرهم، ويضيف آخر عن ظاهرة الجن بالقول: إن مفهوم الجن هو بقايا الثقافة الجاهلية لما قبل الإسلام التي كانت تعتمد السحر والشعوذة والخرافة والأرواح الشريرة. كان الامام المجدد الشيخ محمد عبده قد بدأ حركة التجديد العقلاني للفكر الإسلامي، ومعه عبدالرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد، لكن هذه الجهود لم تتواصل، وسرعان ما انقطعت. مثلا الامام محمد عبده في وقوفه عند ظاهرة الجن والشياطين قال : إن الجن هم المكروبات والأمراض التي تصيب الإنسان. وهناك مجدد آخر لا يقل أهمية عن هذين ألا وهو الشيخ على عبد الرازق في كتابه عن الخلافة والدولة في الإسلام الذي قال : إن الإسلام دعوة وليس دولة، وان الدولة هي انجاز بشري لا علاقة لها بالدين، بل هي ضرورة للاجتماع البشري، لتنظيم شؤون الناش ومعاشاتهم.هذه الاجتهادات المتقدمة سرعان ما حوربت، بل وتوقفت لصالح عديد اتجاهات، ولم يواصل المفكرون الدينيون ما بدأه محمد عبده والأفغاني وعلي عبدالرازق، بل حدث انحراف بالفكر الإسلامي لصالح التطرف والإرهاب، فكانت جماعة الا خوان في مصر والجماعات الوهابية في السعودية والخليج هما حجر العثرة التي انحرفت بالفكر العقلاني المستنير لصالح الاستبداد والدولة الدينية الفاشية. وغذت هذا التطرف عوائد البترو/دولار الذي مول هذه الجماعات ضدا على حركات التحرر الوطني وثورات الشعوب، ولا يخفى ارتباط هذه الحركات بالمخابرات الغربية، والنظام الرأسمالي المتوحش. اليوم نحن محتاجون إلى فكر الاستنارة العقلانية، لانقاذ الأمة من طاعون الإرهاب والتطرف وإعادة الأمة إلى الطريق السوي. محتاجون إلى جهود الخيرين، ولملمة ما تبعثر ليصبح كتلة فاعلة في كل الاتجاهات.ثقوا أن مشاريع التطرف والإرهاب والذبح والدعوات المشبوهة من جهاد النكاح إلى الذبح تحت شعار الله اكبر سوف تفشل، لأنه لا مكان لها في الواقع، وما يجري هو تحت فعل القوة والترهيب، وقد فشلت حركات مثل هذه عرفتها الأمة عبر التاريخ من أمثال الخوارج وغيرهم.

قد يعجبك ايضا