من فقه الصيام

إعداد/ كمال إسماعيل الكبسي

الغاية القرآنية من الصيام:
الصيام من العبادات المهمة التي إذا أداها المسلم على الوجه المطلوب يمكن أن يحصل له من خلالها حالة التقوى التي هي غاية من تشريع هذه الفريضة المهمة والعظيمة، حيث أجمع العلماء أن الصيام له أثره في مجال ترويض النفس؛ لأنك في أثناء نهار شهر رمضان تكبح شهوات نفسك، وتعوِّد نفسك الصبر، والتجلد، والتحمل، تعوِّد نفسك أنك أنت الذي تسيطر عليها، فمن المهم جداً بالنسبة لنا عندما نصوم في شهر رمضان، عندما نصوم أن يستشعر الإنسان هذه الغاية من شرعية الصيام، يستشعر أنه يتجلد، ويتصبر، ويتحمل، ليعلم نفسه، يعلِّمها أنه هو الذي سيسيطر عليها بناءً على توجيهات الله، بينات الله، هدى الله، تعوِّد نفسك أنت الذي تقهرها، وتخضعها لهدى الله وبيناته، لا ندخل شهر رمضان بعفوية، ونخرج دون أن نحسس أنفسنا بأننا قد قهرناها من خلال نهار شهر رمضان عندما نحس بالجوع، عندما نحس بالعطش، نقول: لا. أليست هذه عملية تسلط على النفس؟، نوع من الترويض للنفس؟، وللجسم بكله على الصبر؟.
إضافة إلى أن الصيام كما يذكر الأطباء: أن له فوائد كبيرة من الناحية الصحية، ومعنى هذا: بأن دين الله يتناول بناء الإنسان من كل جهة، أن في تشريعات الله ما الهدف منها أو من أهدافها: الجانب الصحي بالنسبة لجسم الإنسان.. والصحة، وسلامة الجسم هي أيضاً هامة في مجال الالتزام بهدى الله، في مجال العمل في سبيل الله، في إقامة دين الله.
الصيام له أثر فيما يتعلق بصفاء وجدان الإنسان، وذهنيته، ويحس الإنسان في شهر رمضان بقرب من الله، أليس الناس يحسون وكأنهم أقرب إلى الله من أي وقت آخر؟، هذه فرصة للدعاء، تلاحظ كيف أن الصيام مهم فيما يتعلق بالقرآن الكريم، القرآن الكريم مهم فيما يتعلق بمعرفة الله حتى يجعلك تشعر بالقرب من الله سبحانه وتعالى.
إذاً فمن الإيجابيات الكبيرة له: أن تلمس في نفسيتك صفاء لذهنك، مشاعرك، مشاعر دين، مشاعر قرب من الله، أن تدعو الله سبحانه وتعالى: (وإذا سَأَلَكَ عِبَادِي عنِّي فَإِني قَريب) (البقرة:186)، هذه من النعم العظيمة.. (فليستجيبوا لي) (البقرة: 186)، فيما دعانا إليه نستجيب له، ومما دعانا إليه أن ندعوه، الدعاء هام، الدعاء يجعل مشاعرك قريبة من الله، الدعاء يعبر عن أن نفسيتك في حالة مستمرة في الالتجاء إلى الله، والتوكل على الله، والاستعانة بالله، (فليستجيبوا لي) أي كل ما دعانا إليه نستجيب له فيه، الاستجابة الجزئية لا تحقق الرشد (لعلهم يرشدون)؛ لأن كلمة: (يرشدون) كلمة واسعة، في كل حركتهم في الحياة، في حركتهم في سبيل إقامة دين الله، في كل أمورهم، رشد في الدنيا وللآخرة، وهكذا يتجلى لنا من خلال أداء هذه الفريضة العظيمة على الوجه المطلوب عظمة قول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). (البقرة:183).
تعريف الصيام:
الصيام: هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ودخول الليل مع النية.
أحكام الصيام:
يجب على المكلف المسلم ذكراً كان أو أنثى الإمساك عن كل المأكولات والمشروبات والمنكوحات.
ويحرم على الحائض والنفساء ومن يخشى على نفسه التلف، أو على غيره الضرر كالحامل والمرضعة ونحوهما.
ويرخص للمسافر مسافة قصر، ولمن خشي منه الضرر على نفسه.
ومن تركه لعذر أو رخصة أو متعمداً متجرئاً وجب عليه القضاء، وإذا لم يعلم مقدار ما ترك من الأيام أو الشهور قضى حتى يغلب في ظنه التمام.
ويفسده:
1- أن يصل إلى الجوف شيء من المأكولات والمشروبات جارياً في الحلق ولو ناسياً.
2- أن يجامع الرجل زوجته.
3- أن يمني وهو في يقظة، ومن ذلك يقول السيد العلامة/ بدر الدين الحوثي: أي سبب الإمناء في يقظة، فأما لو احتلم فاستيقظ قبل خروج المني وخرج بعد فلا يفطر.
ما يجب على الصائم:
ينبغي للصائم وغير الصائم أن يعتزل ويتقي ويتجنب الكذب وشهادة الزور، وشهادات الزور فهي أكبر الكذب، وهو الكذب الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “الكذب مجانب للإيمان” فسر ذلك وميزه وفيهما وفي غيرهما من الكذب الذي يدفع به حق أو يثبت به باطل أو يضر به مسلم ما يقول الله سبحانه وتعالى: (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله)، والكذب منازل بعضها دون بعض، وكله فينبغي للصائم أن يعتزله في صيامه ولغير الصائم أن يتجنبه ويتحرز منه المسلم في قعوده وقيامه، وينبغي للصائم أن يعتزل اللفظ بالفحش والنظر إلى ما لا يجوز له النظر إليه، وأن لا يسمع ما لا يجوز له سماعه من ضرب معزفة أو طنبور أو غير ذلك من الملاهي والمزامير التي هي حرام على الصائم وغيره من الأنام، وعليه أن لا يمشي إلى ما لا ينبغي له المشي إليه، وألا يكثر جماعة لا يجوز له تكثيرها، وأن يتحفظ على نفسه في قيامه وقعوده ولا يهملها في شيء من أسبابه، وأن يتحفظ عند تمضمضه واستنشاقه ويحذر أن يدخل في فيه أو في خياشيمه شيء يصل إلى حلقه ويدخل في جوفه من ماء طهوره، وينبغي له أن يتحرز ويتيقظ في نهاره من النسيان، مخافة أن ينسى الصيام فيصيب ما لا يجوز له إصابته من الطعام والشراب.

قد يعجبك ايضا