هاشم عبدالعزيز …

عبدالرحمن بجاش
أقول: هنا الفرق, بين مثقف صاحب مهنة, أو ينظر إلى الثقافة على أنها مهنة, وآخر يسمو بنظرته إلى عُلَىَ الثقافة كرسالة, لذلك يكون هذا الأخير صاحبها, وشتان بين مهني يبحث كالمماليك عن درجة أستاذية, ومثقف يرى في الأمر برمته رسالة عليه أن يؤديها, ولو فقد حياته في سبيل بلوغه مرامه .
أربعة يردان إلى ذهني كلما دنوت من الثقافة والمثقف الحقيقيين, قل خمسة, قل عشرات, دعوني هنا أختار عناوينهم البارزة, عبدالقادر سعيد, عبدالسلام الدميني, المساح, الإنسان النموذج الذي هو رسالة قائمة بحالها هاشم عبدالعزيز, الذي يؤديها بكل ما أوتي من قوة لا يهمه أن يكون جائعا أو في وسط قسوة البرد, وعندما تكون اللحظة قاسيه لا تفهم, فيعمل بقدر إمكانه, لكنه لا ينسى دوره على الإطلاق .
هاشم صاحب خيال  جامح, والثائر دائما ينطلق من الدهشة, والدهشة ناتج الخيال, والإنسان صاحب الرسالة صاحب خيال, وإلاّ سيكون عقيما .
هناك نوع سام من المثقفين, يتغلب الثقافي فيهم على الحزبي, لأن رؤاهم شاملة, بانوراميه, نظرتهم دائما استراتيجيه, هؤلاء كذلك لأنهم لا يتخلون عن الإنسان بطرده من أعماقهم, لذلك تراهم يستطيعون استيعاب من حولهم وان اختلفت الرؤى, ولازلت عند رأيي أن القائد في أي موقع يقود إذا لم يتوافر في شخصيته البُعدان  الإنساني والأخلاقي فلا يمكن أن يقود, ولو وفروا له كل دبابات الأرض, والقائد الإنسان كما هو جيفارا قاد الناس بالكلمة وغاندي بالمعزة ومانديلا بالابتسامة  الودودة  وخوسيه ريزال من الفلبين صاح لا نريد للعبيد أن يحكموا فسيقهروننا !!, فلم يتخلوا عن ملكة القيادة لصالح الفلتان  أو النظرة القاصرة إلى مابين الأقدام .
عبدالقادر سعيد ما يزال في صدور منافسيه من كانوا لقناعة راسخة بقدرته وثقافته يطلقون عليه ((الخصم النبيل)), وعبدالسلام الدميني ترك آثارا لا تمحى في سفر الثقافة والفعل, والمساح ما يزال معجونا بطيب الأرض, وهاشم عبدالعزيز ما تزال الرسالة في جيبه, بل في عمق أعماقه .

أتخيل هاشم اللحظة الفارقة حيث يعلو صوت الرصاصة على حفيف الحبر, يسأل ويتساءل ويحاول الوصول إلى سبب ما يحدث, يعمل بكل ما أوتي من قوة على قراءة المتغير الكبير مهيئاته وأسبابه, وما هي النتائج, وما القادم,؟ كيف سيكون شكله ؟ طعمه ؟ رائحته ؟, هل هو في صالح مجموع الناس, أم سيتمخض الجبل عن فائدة لنخب عقيمة, تصغر الأوطان وتحولها إلى مجرد مشاريع لأفراد أو أسر !!! مشكلة هاشم الآن أنه لا يجد الوعاء لكل مخرجات تفكيره, وعصفه الذهني, ستجده الآن يناقش ويناقش, ويحاول الإقناع, ويستوعب اللحظة, وتداعياتها, في نفس اللحظة التي تحولت فيها الأحزاب إلى مجرد هياكل تخيف المارة بعد كل غروب !!!.
هاشم عبدالعزيز مثقف حامل رسالة, نادر في زمن لم يعد للندرة فيه مكان, لكن هاشم لا يتراجع, لا يكل, لا يمل, لأنه صاحب رسالة وليس مثقفا مهنيا يبحث عن عطايا من يحكم, ونحن بحاجه إلى أمثاله من  يقرأون ويحللون, ويستنتجون, ويكون لكل ما يفعلونه وعاء يأخذ منهم أجمل منهم, هل نحلم بقوة ثالثة ؟, تتحول إلى كتلة يكون المثقف في طليعتها, لها وعليها .؟ لله الأمر من قبل ومن بعد .

قد يعجبك ايضا