الوحدة باقية.. رغم التآمرات
أحمد يحيى الديلمي
منذ 30 نوفمبر 1989م عقب التوقيع على الاتفاق التاريخي الشهير الذي عجل بيوم الوحدة العظيم ، والسعودية تراقب الخطوات وتتعقب تبعاتها وتحاول بكل الوسائل إحباطها ، ظناً منها أنها ستفشل حلم الجماهير اليمنية .
في هذا الصدد لا ننسى ذلك الموقف الهستيري الذي عبر عنه سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي آنذاك حينما رفض بشكل قاطع الاتفاق وكأنه يعنيه شخصياً ، ولم يكتف بذلك لكنه اتجه إلى عدن فوراً وعرض على قيادة الجنوب آنذاك مساعدات مالية سخية بدأها بأربعمائة مليون دولار لبناء وحدات سكنية ووعد بتقديم المزيد إن هي تراجعت عن اتفاق نوفمبر والخطوات الوحدوية ، لكن القيادة في الجنوب كانت واعية ومقدرة لإرادة الجماهير ، فأخذت ما جاد به الأمير السعودي ولم تنصع لوجهة نظره ، مما دفع بالمملكة ومخابراتها إلى الاستعانة بعملائهم في الداخل بالذات في الشمال من خلال من كانوا يتسلموا ميزانيات شهرية من المشائخ والوجهاء أو عبر حركة الإخوان المسلمين آنذاك ( الإصلاح فيما بعد ) فلقد ضخوا إليهم مبالغ كبيرة وأوكلوا إليهم مهمة إفشال الوحدة ، حيث بادروا إلى إعلان التظاهر والتشكيك بالمسعى وصولاً إلى اعتبار الدستور علماني إلحادي وتحفيز الجماهير على رفضه باعتباره يتعارض مع الشريعة الإسلامية ، وأوغل الإخوان المسلمون في هذا الجانب بشكل كبير إذ سخروا المساجد وما كان يسمى بالمعاهد التي تحولت إلى متارس للقصف الكلامي ، وإلقاء الخطب العصماء من على المنابر التي تشكك في الوحدة وتعتبر أنها تآمر على الإسلام ، وأن قيادة الشمال ستمد يدها إلى قيادة الجنوب الإلحادية، لكن أيضاً هذه المحاولة باءت بالفشل ولم تصمد أمام إرادة شعبنا اليمني وقواه الفاعلة، بل كانت على عكس ما أملت السعودية السبب بالتعجيل بإعلان يوم الوحدة التاريخية ، ففي حين قضى الاتفاق بأن يستمر التمهيد للإعلان عام كامل ، تم اختزال المساحة الزمنية إلى خمسة أشهر وأعلنت الوحدة الاندماجية الفورية في 22مايو 1990م ، فكانت القاصمة التي ضاعفت هموم السعودية وجعلتها تلجأ إلى أساليب أكثر حده بهدف تحقيق غايتها الدنيئة المتمثلة في إعادة تشطير الوطن اليمني ، وأذكر أن أحد زعماء الخليج قال آنذاك لمبعوث الرئيس علي عبدالله صالح الذي نقل إليه رسالة يخبره بالخطوات التي تمت إذا تم إعلان الوحدة فإننا سنضطر إلى تقسيم اليمن إلى أربع دول ، من هذه النقطة بالذات يمكننا أن ندرك مغزى ما يجري اليوم ، سواءً من خلال العدوان المباشر والاحتلال الهمجي السافر لبعض الأراضي اليمنية وما رافقها من مسرحيات هزلية تحت مسمى البحث عن السلام ،
أو من خلال التآمر الداخلي وتجنيد المرتزقة والعملاء ، وغير ذلك من أساليب التآمر التي بدأتها السعودية كما قلنا عقب اتفاق نوفمبر ، وجاءت مكملة لحالة العداء السافر التي تكنها السعودية لكل ما هو يمني الأرض والإنسان والثورة والجمهورية والوحدة ، فالسعودية لا تريد إلا يمناً تابعاً خاضعاً مستسلماً ينفذ الأوامر التي تُملى عليه غير ذلك فإنها ستظل تتآمر وتنفق المزيد من المال التي هي ثروة الأمة العربية في الأساس ، تنفقه للتآمر على هذا الشعب المسكين ، لكننا نقول وبملء أفواهنا الوحدة باقية وستبقى وستظل مهما تآمرتم عليها ، والشعب اليمني قادر على أن يحمي هذه الوحدة ، التي تمثل أهم منجز تحقق له وللأمة العربية كما أشار إلى ذلك الرئيس الراحل المرحوم صدام حسين حينما قال لقد أهديتم لنا أيها اليمنيون أعظم هدية ففي الوقت الذي يتمزق فيه العالم توحدتم ، وهذا أعظم إنجاز لنا كعرب قال هذه الكلمة في قمة بغداد التي تحولت إلى احتفاء بهذا المنجز العظيم واعتبرته انجازاً للأمة العربية بشكل عام ، وهذا هو الأساس الذي سيحفظ الوحدة كونها أصبحت حقيقة ، يمكن لشعبنا اليمني أن يحيطها في حدقات العيون ولن يقبل بأي صيغة من صيغ التآمر على هذا المنجز العظيم وسيحافظ عليه بإذن الله وبصمود رجال الرجال من أبناء الجيش واللجان الشعبية وكل أبناء شعبنا الشرفاء القادرين على التحدي وصنع المعجزات إن شاء الله .. والله الناصر والمؤيد وهو على كل شيء قدير ..