الحـوار وفق مبدأ الولاء للوطن
د. محمد علي بركات
* يظل الحوار باستمرار أهم الأركان الأسـاسـية للعملية الديمقراطية .. ويمثل حاجة وضرورة ملحة للمحافظة على المصلحة الوطنية .. ولابد أن يفضي إلى بلورة خطاب سـياسـي وتوعـوي وطني يعبر عن إرادة الشـعب ، ويجسـد خيـاراته في مختلف شـؤونه في حاضره وفي تطلعـاته المسـتقبلية ..
ونجاح الحـوار يعـتمد غالباً على الاحتكام لمفاهـيمه وتوسـيع قاعدة المشـاركة بعيداً كل البعد عن الأنانية والمصـالح الذاتية .. ولابد أن يتسـم بآفاق واسـعة في اسـتقراء الواقع المجـتمعي واسـتشـراف المسـتقبل في إطار إدراك واعٍ لعـلاقاته المخـتلفة مع محـيطه على مختلف المسـتويات الإقليميـة والدوليـة ..
وفي يمـن الإيمـان والحـكمة يعتبر الحـوار أحد أبرز الســمات في حياة أبناء المجـتمع ، لكنه أحياناً يتعرض لضعف الثقـة به نتيجة لعدم القنـاعة به كاخـتيـار أمثل يؤتي ثماره الإيجـابية .. مع أنه يمكن من خلاله تجاوز الخلافات وتباين الآراء والمواقف ، ومعالجة القضايا المتعلقة بالمصالح الوطنية والمشـكلات الداخـلية أو الخـارجية ..
ولهذا ينبـغي على كـافة الأحـزاب والتنظـيمات والقوى السـياسـية في المجـتمع إدراك طبيـعة الحـراك المجـتمعي والديمـقراطي في المرحلة الحـالية .. وقراءتـه بعمق وموضوعيـة .. وضرورة التفـاعل والتعـبير المنطـقي عن المسـار المتطـور للواقع المجـتمعي ، والتعـاطي الإيجـابي المسؤول مع أية مبادرة للتوافق السياسي وإيقاف العدوان والحرب اللعينة التي حصدت أرواح الآلاف من الأبرياء من أبناء الشعب اليمني المسالم الصامد وجلهم من الأطفال والشباب والنساء ودمرت الأخضر واليابس ، والتعامل بحكمة وعقلانية في سبيل معالجة القضـايا الوطـنية بروح عـالية .. بحـيث تلتـقي جميع الاتجــاهات على قـاعدة العمـل الوطـني بنـوايا صـادقة وبتغـليب المصـلحة الوطـنية على أية مصلحة أنانية..
وهنا لابـد أن نؤكـد على أهمـية تحـقيق المـزيد من المشـاركة الشـعبية ومنظـمات المجـتمع المـدني في صنع القـرار وفي عمـلية التنمـية .. والمسـاهمة الفاعـلة في جميع المســاعي للإصـلاحات التي تخــدم مصـالح الشــعب والوطـن وثوابته المبدئيـة وتثري تجـربتـه الديمقراطـية ..
ومن الأهـمية بمكان ضـرورة تعزيز الشراكة الرامية إلى تحقيق التنمـية السـياسـية والاقتصـادية والاجتـماعية .. وكـذا تعـزيز التوجـهات إلى اللامركـزية .. وصـياغة المسـتقبل وفقـاً للخـطط والبرامـج المتطـورة بصـورة واضـحة وجـلية ..
والعمل على تهيئة المنـاخ المناسـب لتأهـيل المجـتمع للتفـاعل والمشـاركة الإيجـابية في الحـراك السـياسـي في ظل توسـيع قاعـدة المشـاركة والحـوار لمناقشـة قضـايا الوطـن على الســاحة الســياسـية .. واعتمـاد قاعـدة العمل الديمقراطي المؤسـسـي على آليـات الحـوار السـياسـي مع كـافة القـوى السـياسـية ومؤسـسـات المجـتمع المـدني ، والقبـول بالـرأي والرأي الآخر بعيداً عن التشـنجات والعصـبية السـياسـية والمـواقف اللاعقـلانية ..
وذلك تجسـيداً لصـواب مسـار البنـاء الوطـني المبـني على أسـاس الحـوار الديمقـراطي المسؤول في اتجـاه اسـتكـمال بناء الدولـة المدنيـة العصـريـة.
ولا شك أن الرأي الفـاصل في جميع القضـايا الوطـنية سيظل الشـعب صاحـب الكـلمة الأولى والأخـيرة ، وداعـماً أي مبـادرة أو قـرارا بدايـة ونهايـة .. بحيث يلتـقي الجـميع على قاعـدة أسـاسـية ومبـدأ واحـد هو الولاء والانتماء للوطـن والحرص على مصـلحته السـامية .. وذلك جوهر القضية .