هدير محمود
كشفت مجلة «إسرائيل ديفينس» عن دلائل مصورة تكشف أن هناك محاولات من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة لبناء قاعدة بحرية فى إريتريا، واعتبرت المجلة أن التوجه السعودي الإماراتي نحو إريتريا، جاء بعد تعكر الأجواء بينهما وبين جيبوتي، حيث قررت الإمارات في مايو الماضي، إغلاق قنصليتها في جيبوتي، بعد خلاف دب بين قائد سلاح الجو الجيبوتي، وهيب موسى، ونائب القنصل الإماراتي، علي الشيهي، حيث قررت جيبوتي حينها تقوية علاقاتها مع الصين التي لديها قاعدة في جيبوتي إلى جانب أمريكا، فيما اتجهت الإمارات لتقوية علاقاتها مع اريتريا.
تقرير الموقع الإسرائيلي لم يكن الأول الذي يكشف وجود علاقات بين إريتريا والتحالف الذي تقوده السعودية في العدوان على اليمن، حيث سبق أن كشف موقع إثيوميديا، في إبريل الماضي، عن خطط دول مجلس التعاون الخليجي للتوسع في القارة السمراء، وقال الموقع حينها: إن الإمارات تعمل على إنشاء ميناء جديد بالقرب من مطار عصب الدولي في إريتريا، الذي يمكن أن يصبح أول قاعدة عسكرية دائمة في بلد أجنبي، وأكد الموقع أن صور الأقمار الصناعية توضح تقدمًا سريعًا منذ بدء العمل في القاعدة في سبتمبر الماضي.
في الإطار ذاته نشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في أبريل الماضي، معلومات وتفاصيل خاصة بالدور الذي لعبته إريتريا خلال الحملة العسكرية والضربات الجوية وتوجيه العمليات البحرية، حيث كشف المعهد أنه في مايو الماضي عقدت المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة اتفاقًا لشراكة أمنية عسكرية مع إريتريا، يسمح للتحالف الخليجي باستخدام أراضي إريتريا ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية للعمليات اليمنية، كما تضمن الاتفاق استئجار ميناء عصب، الذي يقع على ساحل إريتريا، لمدة ثلاثين عامًا، كمركز لوجستي للبحرية الإماراتية، موضحًا أنه منذ سبتمبر الماضي، استخدمت الإمارات ميناء عصب كمنصة إطلاق للعمليات البرمائية ضد جزر البحر الأحمر التابعة لليمن، وأشار المعهد أيضًا إلى أنه في نوفمبر الماضي بدأت الإمارات تنفيذ هجمات جوية فوق اليمن، انطلاقًا من مطار العاصمة الإريترية أسمرة الدولي، بعد اتفاق مع الحكومة الإريترية يقضي بتجديد المطار، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تم استئجار مجندين رسميين إريتريين كمرتزقة للقتال في اليمن.
من جانبه نشر مركز الدراسات الاستراتيجي والأمني الأمريكي «ستراتفور»، في أكتوبر الماضي، تقريرًا يؤكد علاقة إريتريا بالعدوان على اليمن، حيث كشف المركز أن هناك ثلاث قطع بحرية إماراتية تستخدم ميناء عصب الإريتري في إطار الجهد الحربي السعودي في اليمن، مشيرًا إلى أن القطع البحرية الإماراتية كانت تنقل جنودًا من السودان إلى اليمن، حيث التقطت الصور بالأقمار الصناعية في 16 سبتمبر الماضي، وهي تظهر 3 من سفن الإنزال قد رست في الميناء، ليست معروفة ضمن سفن البحرية الإريترية، وأظهر التحليل التفصيلي للصور أن السفن الثلاث تابعة لدولة الإمارات، وواحدة من هذه السفن أيضًا تم رصد توقفها في ميناء عدن اليمني، من أجل إنزال القوات السودانية وبعض المعدات في 17 أكتوبر الماضي، الأمر الذي يؤكد أن إريتريا قد تولت مسؤولية عسكرية ولوجستية مباشرة في العدوان السعودي على اليمن.
حديث مجلة إسرائيل ديفينس والموقع الإثيوبي ومركز الدراسات الأمريكي، سبقهما تقرير آخر صدر عن الأمم المتحدة، يؤكد أن أريتريا تحصل على أموال من دولة الإمارات مقابل استخدامها للميناء، ويشير إلى أن القاعدة البحرية تم استئجارها لمدة 30 عامًا، على أن تدفع دبي مقابل سنوي للسلطات الإرتيرية، كما تنص الاتفاقية الموقعة بين الطرفين على أن تحصل إريتريا على 30% من دخل الموانئ بعد تشغيلها، وأكد تقرير الأمم المتحدة أن 400 جندي إريتري تم نشرهم في عدن لدعم قوات التحالف التي تقودها السعودية، الأمر الذي يفسر دخول وخروج السفن الإماراتية من وإلى ميناء عصب، الذي سيكون إما لنقل القوات الإريترية، أو نقل معداتها للقوات الموجودة بالفعل في اليمن.
تقرير الأمم المتحدة تناغم من تقرير صحيفة الخليج الإماراتية، التي أكدت في أواخر نوفمبر الماضي، أن نحو 500 عنصر تابعين للتحالف السعودي غادروا منطقة عصب في إريتريا إلى مدينة عدن عبر زوارق حربية، بعد أن تم تأهيلهم في المجالين الأمني والعسكري، تمهيدًا لدمجهم في قطاعي الشرطة والجيش، ضمن برنامج سري إماراتي في أحد المعسكرات هناك، وأن دفعة جديدة قوامها حوالي 600 شخص غادروا عدن في طريقهم إلى إريتريا لتلقي التدريبات الخاصة في الجوانب الأمنية والعسكرية، ضمن البرنامج التدريبي الذي تنفذه وتموله دولة الإمارات.
أهمية ميناء عصب الإريتري في العدوان
يمثل ميناء عصب الإريتري نقطة لوجستية مهمة، حيث يقع في موضع قريب نسبيًّا من مواقع الصراع، بالإضافة إلى أنه بالنظر للمسافة البحرية، التي يجب على السفن أن تقطعها كل مرة إذا ما انطلقت من مصر أو السعودية أو السودان أو حتى الإمارات في طريقها إلى عدن، سنجد أنها أطول من المسافة بين ميناء عصب وعدن، كما يعتبر الميناء مكانًا مناسبًا لإرساء سفن الإنزال الصغيرة، والسماح لها بالتنقل ذهابًا وإيابًا بين عدن اليمنية والموانئ الأقرب لها، بدلًا من القيام برحلات طويلة في البحر الأحمر والخليج العربي، الأمر الذي يكسب الميناء الإريتري ميزة لوجستية كبيرة من حيث الموقع وقرب المسافة.
استقطاب
التقارير السابقة تكشف مدى الاصطفاف الإريتري مع المملكة العربية السعودية والإمارات، ودعمها لعدوانهم على اليمن، الأمر الذي حضّرت له المملكة كثيرًا خلال الأشهر الماضية، حيث عملت السعودية على استقطاب إريتريا إلى صفها، بعد أن درست جيدًا أهمية هذه الدولة بالنسبة للعدوان على اليمن، فبعد أن كانت إريتريا داعمة بشكل كبير للجيش اليمني وجماعة أنصار الله، وهو ما اتضح من خلال اجتماعات عُقدت بين ممثلي جماعة أنصار الله مع منظمات إريترية في يناير الماضي، استطاعت الرياض خلال الأشهر القليلة الماضية باستخدام نفوذها المالي والاقتصادي أن تسحب إريتريا إلى صفوفها وأن تبني تحالفًا معها.
وأشار تقرير سابق للأمم المتحدة إلى تقديم المملكة العربية السعودية الدعم المالي وإمدادات الوقود السعودي إلى إريتريا، ناهيك عن تبادل الزيارات بين مسؤولي الطرفين، التي كانت أبرزها تلك الزيارة التي أجراها الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، إلى الرياض خلال يومي 28 و29 أبريل 2015، وعقد خلالها جلستي مباحثات مع العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، وولي ولي العهد، محمد بن سلمان، وتكررت الزيارة في ديسمبر الماضي.
أما من ناحية إريتريا، فقد رأت في الحاجة السعودية إليها فرصة لابتزاز المملكة، الأمر الذي يؤكد أن العلاقات السعودية والإماراتية مع إريتريا تقوم على المصالح المتبادلة، حيث تسعى أسمرة منذ فترة طويلة إلى كسر العزلة والحصار المفروضين عليها، وتوسيع علاقاتها خارج المنطقة وجذب المستثمرين الغربيين، وهو الهدف الذي سعت إلى تحقيق الخطوة الأولى فيه من خلال قبول الدعم السعودي والإماراتي الذي يمكِّنها مستقبلًا من لعب دور في المنطقة العربية والإفريقية.
* نقلاً عن موقع البديل المصري
قد يعجبك ايضا