هشام علي
يعكس الفنان محمد سعد عبدالله في أغانيه واقع المرأة ومشكلاتها الاجتماعية والنفسية، ولا تكاد أغنية من أغانيه تخلو من ذكر المرأة وحضورها في المجتمع، وحاجاتها الخاصة ودورها.
وهو وإن تغنى بحب المرأة ودلالها إنما ليكشف ما يقع عليها من ظلم وما يحل بها من ضيم وانكسار حتى في ذلك الحب الذي ظنته انعتاقاً لها من كل قيد وأسر.
ومن المؤسف أن قراءة واعية لكلمات أغاني محمد سعد، التي كتب معظمها بنفسه أو أوحى بمضمونها لبعض الشعراء أقول: إن قراءة واعية لكلمات أغانيه لم تنل حقها من التحليل والدراسة ونستطيع الحكم بعدها بأن محمد سعد كان فناناً يكشف هموم المرأة ومشكلاتها العاطفية والنفسية في مجتمع ذكوري لا يسمح للمرأة أن ترفع صوتها، وتعلن حضورها، وتشرح قضاياها ومعاناتها حتى في جلسات المحاكم التي تنظر في قضاياها ومشاكلها مع الزوج أو الحبيب والقريب.
وقد كان محمد سعد عبدالله قريباً من هذه المحاكم، فقد كان يقضي كثيراً من نهاراته أمام محكمة الشيخ عثمان بجانب من يطبعون عرائض الدعاوى القانونية بالنيابة عن النساء اللاتي يشكين أزواجهن أو أهاليهن، ويعرضن قضاياهن بلسان كاتب العدل الذي كان يصوغ عرائضه بطريقة باردة سمجة وتقريرية لا تحمل شيئاً من ذلك الألم الذي يظهر على لسان النساء المشتكيات الذي كان يحمل حباً وإن اختلط بالألم والدموع.
والفنان محمد سعد الجالس بجانب كرسي كاتب العدل عند بوابة المحكمة كان يلتقط روح الشكوى ومرارتها ويعيد صياغتها بطريقة مليئة بلوعة الحب وألم الاضطهاد الذي تعانيه النساء، وهكذا امتلأت أغنياته بمرارة الشكوى والألم، ولكن بقوة الحب، وإرادة الحياة التي تعتمل في نفوس النسوة المعذبات في ظل مجتمع ذكوري إمتلأ بالقسوة والتجبر.
في برنامج “فنجان الشاي” الذي كان يقدمه الإعلامي القدير فضل النقيب في حلقة كان ضيفها الأستاذ عمر الجاوي الذي كان آنذاك مديراً للإذاعة والتلفزيون استضاف الرجلان في الجزء الأخير من البرنامج الفنان محمد سعد عبدالله.
كان ذلك في مطلع السبعينيات، وفي مناخات تمتلئ بالثورة والحرية والالتزام، وقد تكالب الرجلان على الفنان محمد سعد وحاولا محاصرته في هذه الزاوية، وقد أشارا إلى أن أغانيه تمتلئ بالحب والتغني بالمرأة، بينما يغيب الوطن وأغاني الثورة عن تراثه الغنائي.
أدرك الفنان بحسه الجميل أن السؤال المطروح كان نوعاً من الهزل ولا يراد به الجد، بل إنه كان يحمل نوعاً من النقد لتيار في الحكومة والحزب يريد أن تكون جميع الأغنيات للثورة والالتزام، ولذلك كان رده ساخراً.
Prev Post
Next Post