مشروع الوطنيّة والوثنيّة
عبدالرحمن غيلان
هناك خلطٌ مخيفٌ بين الوطنيّة والوثنيّة، أو ما يمكننا اعتباره استخفافٌ بالولاءِ وتعظيمٌ للبراء ، دون أيقونة وعيٍ، أو حصادُ معرفة.
الوطنيّة أن تغلّب المصلحة العامة لوطنكَ على مصلحتكَ الشخصية والفئوية أيّاً كانت مظلوميتك واستحقاقاتك الخاصة بك ، دون أن تلتفتَ لاتهامات التخوين والنكوص والانجرار طالما ومسئولية حاضر ومستقبل وطنكَ تقع على عاتقكَ وبين يديك .
أما الوثنية فهي عكس ذلك تماماً ، حين تنتصر لأناكَ، ويدفعك ضيمكَ برمي حقوق شعبك خلف ظهرك مقابل أن تنتصر لنفسك ولمصالحك الضيقة .
وأينما وضعت ذاتك في أحدهما سيكمن مشروعك ، وقد تتعثّر كثيراً حين يكون الهمّ الجمعيّ ديدنكَ ، لأنه ذلك الهمّ المتشعّب في أكثر الاتجاهات صعوبةً، والأعمق وجعاً، والأنكى حيلة .
لهذا عليك ألا تلتفت لما يثبّط همّتكَ الواسعة بقدر اتساع فيافي وجبال وطنك ، وألا تنجرّ للمشاريع الصغيرة التي يحاول العدوّ أن يسحبك إليها ليضيع مشروعك الأكبر في دهاليز ردة الفعل الوقتية ، وحينها تخسر ذاتك ووطنك .
وعليك أن تتسلّح بالوعي السياسي الحصيف والمعرفة الثاقبة والفراسة الناضجة في كل مراحل المواجهة المعنوية في الداخل والخارج إن أردت النجاة بما يحفظ قيَمكَ وينجو بأمّتكَ طالما ائتمنك الله وهيأكَ لتحمّل عناء الطريق المحفوف بالمخاطر إن أدركتَ ، وبالويلات إن استخففتَ بمآلك .
بيْدَ أنّ قناعتك الدينية والسياسية وإن تعارضت مع الحلول الجمعية الصالحة لوطنك ، يجب ألا يؤثّر ذلك في خطابك وسلوكك وفعلك ، إذ عدوّك يدرك ذلك جيداّ ويعمل على الإيقاع بك في فخّ مصلحتك لينجو من تحمّل مسئولية كارثيته على وطنك ، جاعلاً من ردة فعلكَ المتعجّلة درعاً يحمي عدوانه وخبثه وعبثه، وحينها تبقى ذلك الوحيد في زمن الشراكة، والبائس في عهد الصفقات العظيمة والدنيئة .. فاختر لعقلكَ إزاراً ناصعاً يرفع قدركَ ويُعلي من سداد خُطاكَ ورؤاك، أو قطعة نكالٍ لا تقيكَ من سطوة سكاكين التربّص ومكاييل الغدر الحافل بالوبال .