“المزاج”الملكي
حمدي دوبلة
يقدم رجلا ويؤخر أخرى يريد السلام مجبرا بعد أن فشل في فرض أهدافه بالقوة لكنه يخشى من تبعات السلام ..يؤمن في قرارة نفسه بعجز وفشل مغامرته الخاسرة في اليمن لكن نفسه الأمارة بالسوء والفحشاء لا تزال تهفو شوقا وحنينا إلى النصر وإلى التسلط ..تراه ينجذب بسهولة إلى الأحلام التي تمنيه بمواصلة نهج التجبر وكسر إرادة الشعوب بالحديد والنار.
أنه النظام السعودي الذي طاف مشارق الأرض ومغاربها واستعان بالإنس والجن وأنفق الأموال الطائلة واستنزف احتياطيات السنين من ثرواته في سبيل تحقيق الانتصار على الشعب اليمني ووأد أحلامه المشروعة في الحرية والانعتاق والخروج النهائي من عباءة الوصاية الخارجية قبل أن يصل العالم من حول هذا النظام إلى قناعة راسخة باستحالة وصول أحلافهم الأثرياء في الرياض إلى مراميهم عبر استخدام الطائرة والصاروخ وأن لاحل عسكري للمشكلة اليمنية إلا عبر الحوار والتوافق والإيمان بالآخر ليجد الملك الكهل وطاقمه المراهق المغرور أنفسهم مجبرين على الاستجابة للإرادة الدولية ومنطق الواقع ومعطيات التاريخ والجغرافيا غير أن شيئا غير طبيعي بقي في قلوب وعواطف هذا “الطاقم” من هذه الاستجابة لدعوات السلام المنطقية ليظل المزاج “الملكي” متقلبا وغير مستقر إزاء سير المفاوضات الراهنة في الكويت.
هذا “المزاج” السعودي المتقلب والأشبه بمناخات هذه الأيام ألقى بآثاره السلبية الخطيرة على مشاورات الكويت ومجريات المباحثات بين الفرقاء اليمنيين ممن قدموا من العاصمتين صنعاء والرياض تحدوهم آمال عريضة بالوصول إلى اتفاق شامل يضع حدا لمأساة ومعاناة هذا الشعب المغلوب على أمره لكن ذلك المزاج الغريب مافتئ يعبث بآمال وتطلعات الشعب اليمني ومعهم الساسة المتخاصمون هناك في بلاد جابر الأحمد الصباح والذين باتوا جميعا ومعهم المنظمة الدولية الراعية للجهود رهناً لعواطف “ولأمزجة” مراهقي الحكم السعودي الذي يخترق ويخالف ويُفشل ويعرقل كل مسعىً أو جهد للاتفاق والتصالح وفقا لإرادة ورغبات بعض الأطراف وأرباب المصالح في الداخل والخارج ممن لا يزالون يمنون هذا النظام بالنصر القريب ويعدونه غرورا وزورا بأن إمكانية سحق الخصوم والقضاء عليهم نهائيا أمرا متاحا وميًسرا ولا يحتاج غير قليل من الدعم والمساندة وغير ذلك من الأقاويل والتخرصات التي تعزف على الوتر السعودي الحساس والمتعطش للنصر المؤزر والمجد المنشود لتجد تلك الأماني طريقها مجددا وبسهولة إلى عقول أسرة سعود التي تطرب سريعا لمثل هذه الأحلام والوعود.
وهاهي الخروقات المتصاعدة من قبل السعودية وعملائها لاتفاق وقف إطلاق النار والتي وصلت ذروتها خلال الساعات القليلة الماضية وخاصة مع الإعلان عن خطة أممية لحل الأزمة ومباشرة اللجان المشتركة في مناقشة آليات التنفيذ تثبت مجددا بأن “المزاج” السعودي لا يزال ميًالا وبقوة إلى مواصلة العدوان وانه على حاله المخدًر بوعود وأوهام مرتزقته وانه لم يستطع بعد الخروج من تأثيرات الأكاذيب الجميلة التي ما فتئ يطلقها الخونة وتجار الحروب من شياطين الإنس والجن ..قال تعالى “يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا”
صدق الله العظيم.