فروة بن مسيك المرادي هو من الصحابة الذين كان لهم شرف الصحبة مع رسولنا الأعظم، وكان لهم شرف نشر الإسلام وتوطيد دعائمه، ولاسيما في بلادنا في شمال اليمن وجنوبه وشرقه وغربه، وكان له فضل الجهاد، وهو لا يقل فضلاً عن الخلفاء الراشدين وبقية الصحابة رضوان الله عليهم.
وقد روى المؤرخ أحمد بن عبدالله الرازي في كتابه (تاريخ صنعاء) ما يلي:
كانت تسمى جبانة صنعاء جبانة بني جريش بن غزوان من الأبناء وكانوا أغنياء. وروي أن بعض الولاة بصنعاء كان له جارية حظية عنده وكانت من القيان فوجه بها إليه فأشخصت إلى الوالي بزبيد فأكرمت ورفعت منزلتها، فلما كان يوم عيد إما أضحى أو فطر ذكرت ما كانت فيه بصنعاء وذكرت يوم العيد بصنعاء وطيب جبانتها وما كان بها من الحسن والزينة وقالت في ذلك أبياتاً منها:
سقى جبانة لبني جريش
وخندقها أجش من الغمام
لعمرك للسقاية والمصلي
وغزلان به يوم التمام
أحب إلي من شطي زبيد
ومن رمع ومن وادي سهام
في كتاب (يمانيون في موكب الرسول) ترجمة لفروة بن مسيك المرادي، حيث ذكر أن فروة بن مسيك المرادي هو الصحابي الجليل زعيم مراد ومذحج، وهو فروة بن مسيك بن الحرث بن سلمة بن الحرث بن كُريب بن زيد بن مالك بن مياء بن عُطيف الغطيفي بن عبدالله بن ناجية بن مراد المرادي، ومراد هو مُراد يحابر بن مذحج بن أدد بن زيد بن عمرو عريب بن كهلان بن سبأ.
ولقد تزامنت وفادة فروة بن مسيك على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نزول قوله تعالى من سورة سبإ: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} (سبأ:15) …إلى آخر الآيات من سورة سبأ، فسأل فروة بن مسيك النبي (صلى الله عليه وسلم) عن سبأ من هو؟..
وفروة بن مسيك هو صاحب رسول الله صلى الله وعليه وسلم، وهو الذي عمر الجبانة (مصلى العيد)، وقد ذكر القاضي المرحوم محمد الحجري أن الرازي صاحب كتاب (تاريخ صنعاء) الذي حققه الدكتور حسين بن عبدالله العمري ذكر عن مسجد (فروة بن مسيك) أن ابن الروية زاد فيه وأصلح. ومن العلماء الذين سكنوا صنعاء العلامة محمد بن إبراهيم الوزير صاحب (العواصم والقواصم..) و(العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشائخ) المولود في مديرية السودة في هجرة الظهراوين في منطقة شظب عام 775هـ، والمتوفى في 27 محرم سنة 840هـ في صنعاء عن عمر بلغ خمسة وستين عاماً، وقُبر بجوار مسجد فروة بن مسيك في الناحية الشمالية من صنعاء. وقد ذكر القاضي المرحوم محمد بن أحمد الحجري في كتابه (مساجد صنعاء عامرها وموفيها) أن قبر السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير يوجد في الجهة الشمالية وهو صاحب كتاب (العواصم والقواصم في الذب عن سُنة أبي القاسم)، وأثناء زيارتي لمسجد مسيك أواخر يناير الماضي ، ومن خلال سؤالنا عن مكان المسجد لم نجد أي شخص يدلنا على مسجد فروة بن مسيك,وغالب بل ومعظم من سألناهم يجهلون أن في منطقتهم مسجد قام ببنائه صحابي جليل اسمه فروة بن مسيك المرادي، وبعد البحث والتقصي اتضح لنا أن الاسم المعروف لديهم هو مسجد مسيك، ومن المعروف أن مسيك هو والد فروة، وبعد أن وصلنا إلى مسجد مسيك وجدته مُقاماً، وقد زُبر في مقدمة صرح المسجد أنه تم إصلاحه وترميمه على نفقة الملك فيصل آل سعود، ثم دلفنا إلى المسجد وسألنا: أين يوجد قبر فروة بن مسيك؟؛ فكانت الإجابة عن سؤالنا مختلفة من شخصٍ إلى آخر، وبعد البحث والتقصي رجعنا إلى كتاب (الإصابة في تمييز الصحابة) للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ، وقد ذكر (ابن حجر) في صفحة (293) من (كتاب الإصابة) أن فروة بن مسيك سكن في أخر حياته الكوفة.. وسألنا مجموعة من المصلين المتواجدين في المسجد عن قبر محمد بن إبراهيم الوزير فقالوا: إنه خارج سور المسجد وقمت بزيارة القبور المقبور فيها العلامة محمد بن إبراهيم الوزير والسيد العلامة أحمد الكبسي، رئيس علماء عصره، المولود في صنعاء في شهر ربيع الأول سنة 1239هـ والمتوفى في ذي القعدة سنة 1316هـ، والذي ترجم له المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجرالعلم ومعاقله في اليمن) في الجزء الرابع منه ص 1792، في موضوع (هجرة الكبس) بقوله: إنه رئيس العلماء في عصره، وهو عالم محقق في علم الحديث معنًى وسنداً، وفقهًا ومنطقًا وأن أهل صنعاء وأعيانها نصبوه للقضاء ولقبوه بشيخ الإسلام، ومن آثاره: كتاب (شمس المقتدي بشرح هداية المبتدي في المنطق).
وأثناء زيارتي للجامع المذكور قمت بتصوير المكان الموجود فيه القبر المذكور، وكان الباب الذي يدخل إلى القبر من خلاله مرتفعاً عن مستوى الأرض التي فيها القبور، وهو ما جعلني أجد صعوبة في النزول إلى هناك للوصول إلى جانب القبور لزيارتها والتبرك بزيارة قبر العلامة محمد بن إبراهيم الوزير، وقد نصحني زميلاي أنه يوجد صعوبة في النزول والصعود لا سيما أن القاعة التي فيها القبور أصبحت منخفضة جداً قد تتجاوز مسافة المتر، إلا أنني أصررت على النزول وذلك لسببين: الأول زيارة قبر المرحوم محمد بن إبراهيم الوزير والتبرك في قراءة الفاتحة له، والسبب الثاني كسب الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، وبالفعل نزلت بمساعدة الأخوين المساعدين لي، وقد التقط الولد/ محمد سبل عددًا من الصور لي أنا والولد وليد الذعواني بجوار القبرين، وعند الانتهاء من ذلك بدأت صعوبة الصعود والخروج، فقام الولد/ وليد الذعواني برفعي من مكان القبور التي زرناها..
وقد وجدت القبور تقع في منطقة منسية يصعب على غير الباحث الوصول إليها لأنها تحتاج إلى عناءٍ ومشقة. ثم خرجنا إلى تجمعٍ شعبي كبير يسمى سوق فروة وهو معروف ومشهور في تلك المنطقة.
* من كتاب “تاريخ مدينة صنعاء” للرازي
Next Post