محمد حمود الشدادي
من أقرب الموضوعات إلى رمضان المبارك موضوع الزكاة ولاسيما ونحن مقبلون على هذا الشهر الفضيل، فما أجمل وأحوج أن نأخذ موضوع الزكاة بعين الجدية والاعتبار ابتداء وامتثالا لقوله تعالى عز وجل:
? خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بها وصل عليهم
. إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ? [ سورة التوبة: 103 ]
فالزكاة تؤخذ ولا تعطى من جميع الأموال إذا لايستثنى أحد من المسلمين من دفع هذه الفريضة لسبب أو لأخر.
فحينما يدفع الإنسان من ماله، الذي كسبه بكده وعرق جبينه فهو يؤكد صدق إيمانه من دفع ماله فلذلك الله عز وجل عدل عن كلمة الزكاة إلى كلمة الصدقة .خذ يا محمد لا تنتظر أن يدفعوا لك يجب أن تأخذ منهم لأن الزكاة تتعلق بها مصالح المسلمين.
خذ من أموالهم صدقةً تؤكد صدقهم وتطهرهم وتزكيهم بها. نفس الفقير تطهر من الحقد ونفس الغني تطهر من الشح.وهنا تكمن الحكمة والفائدة من الزكاة فتطهير النفوس من البخل تعد أعلى درجات التكافل الاجتماعي.فالمال يطهر من تعلق حق الغير به بإحساسه العميق بأن مجتمعه لم ينسه بل هو مهتم به فتنمو نفسه ويشعر بثقة بنفسه .والغني حينما يرى أن ماله أصبح حاجات انتفع به الناس وشكروا له عطاءه وأحبوه تنمو نفسه أيضا واستشعاره بالطمأنينية.
أيضا المال نفسه ينمو بأداء الزكاة بطريقة وفق قوانين إلهية وطريقة أخرى مبهمة ووفق العناية الإلهية المباشرة.حيث يقول الرسول ص (ما نقص مال من صدقة).وهكذا يكون فرض الزكاة فرض واجب اكده القرآن الكريم والسنة النبوية وفي مواقع كثيرة ومتعددة.، بنصوص الكتاب؛ لأنه مصدر الأحكام، وبالسنة النبوية؛ لأنها بيان للكتاب، وبدليل الإجماع، بمعنى: اتفاق علماء الشرع على فرض الزكاة، وأن ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة من فرضها مجمع عليه. والدليل على فرض الزكاة الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، بمعنى: إن إيتاء الزكاة عون للضعيف، وإقدار العاجز وتقويته على أداء ما افترض الله عز وجل عليه من التوحيد والعبادات والوسيلة إلى المفروض مفروض، كما أن إيتاء الزكاة شكر لنعمة الله، وشكر النعمة واجب.ومن النصوص القرآنية الدالة على فرض الزكاة: قول الله تعالى:
?والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون? التوبة 34 و35، وقوله تعالى (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)80.
قال الشافعي: «فأبان الله عز وجل في هاتين الآيتين فرض الزكاة؛ لأنه إنما عاقب على منع ما أوجب، وأبان أن في الذهب، والفضة الزكاة. قول الله عز وجل: ?ولا ينفقونها في سبيل الله? يعني والله تعالى أعلم في سبيله الذي فرض من الزكاة وغيرها».[12] فقد ألحق الوعيد الشديد بمن كنز الذهب والفضة ولم ينفقها في سبيل الله ولا يكون ذلك إلا بترك الفرض.[11]
وروى البيهقي في السنن الكبرى حديث: «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ( ومن آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه- ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية: ?ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة?»[13][14]
وحديث «أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وغيرهما قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، أنبأ سفيان بن عيينة، سمع جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين سمعا أبا وائل يخبر عن عبد الله بن مسعود يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع يفر منه وهو يتبعه حتى يطوقه في عنقه”، ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ?سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة?».[14]
والأدلة على الزكاة ذكرت في مواضع متعددة من القرآن الكريم منها قول الله تعالى: “وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ”, وقال تعالى في سورة المعارج: .”هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ”
قوله تعالى في سورة البقرة “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُون”
قوله تعالى في سورة البقرة ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنون”.
أدلة فرض الزكاة من السنة النبوية عدل
«عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً”».[15]
«وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال عام حجة الوداع: اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وحجوا بيت ربكم، وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم تدخلوا جنة ربكم».
وروي «عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح ثم أحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه، وجبهته، وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار وما من صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أتي بها يوم القيامة تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها، ثم ذكر فيه ما ذكر في الأول قالوا: يا رسول الله! فصاحب الخيل؟ قال: الخيل ثلاث: لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر، فأما من ربطها عدة في سبيل الله فإنه لو طول لها في مرج خصب أو في روضة كتب الله له عدد ما أكلت حسنات وعدد أرواثها حسنات، وإن مرت بنهر عجاج لا يريد منه السقي فشربت كتب الله له عدد ما شربت حسنات ومن ارتبطها عزا وفخرا على المسلمين كانت له وزرا يوم القيامة، ومن ارتبطها تغنيا وتعففا ثم لم ينس حق الله تعالى في رقابها وظهورها كانت له سترا من النار يوم القيامة» (ص: 3)
وروي «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تطؤها بأظلافها وتنطحه بقرونها».
«وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في مانعي زكاة الغنم والإبل والبقر والفرس: لألفين أحدكم يأتي يوم القيامة وعلى عاتقه شاة تيعر يقول: يا محمد، يا محمد فأقول : لا أملك لك من الله شيئا ألا قد بلغت، ولألفين أحدكم يأتي يوم القيامة وعلى عاتقه بعير له رغاء فيقول: يا محمد، يا محمد فأقول: لا أملك لك من الله شيئا ألا قد بلغت، ولألفين أحدكم يأتي يوم القيامة وعلى عاتقه بقرة لها خوار فيقول: يا محمد، يا محمد فأقول: لا أملك لك من الله شيئا ألا قد بلغت، ولألفين أحدكم يوم القيامة وعلى عاتقه فرس له حمحمة فيقول: يا محمد، يا محمد فأقول: لا أملك لك من الله شيئا ألا قد بلغت».