الخطة (ب)؟!!
جمال الظاهري
يعد إرساء السلم والأمن الدوليين المحور الرئيسي لعمل منظمة الأمم المتحدة، فهـو أحـد الأهـداف الرئيسية الواردة في ميثاقها الذي يتضمن آلياتٍ متعددةٍ تُفسح المجال لإمكانية تحقيق هـذا الهـدف, ولا يعنيها في نهاية الأمر إن كان هناك فريق اغتصب أو أخذ ما ليس له عن طريق الخداع أو القوة, مهمتها هي السعي وتيسير الوصول إلى وقف القتال, ومن ثم رعاية أي حوار وتوثيق النتيجة التي سيرتضيها الطرفان المتحاربان، أو ما تمخضت عنه مساعيها.
السيطرة المباشرة على حضرموت هي الخطة (ب) للتحالف, تمت بهدوء وسرعة وفي غفلة عمّن أفشل الخطة (أ)؟!.
الأمر أبعد من ذلك، فحضرموت واقعاً كانت تخضع لهم منذ البداية.. الذي حصل استغلال لمفاوضات الكويت.. بحيث يوثقون وقوع المحافظة تحت سيطرتهم عن طريق من ينفذ أهدافهم على الأرض اليمنية سواء كانت القاعدة أو داعش، أو هادي ومجاميعه، أو بحاح وعصبته، أو الإصلاح ومن معه (المشترك) في تبني تصور الرياض أيا كانوا.
ولذا لا ضير من الاعتراف بأنهم قد تمكنوا من خداع خصومهم، وفعلاً سجلوا نصراً مرحلياً تكتيكياً، وهذا ما يجب أن نعترف به عبر بوابة المكلا وغيرها في الجنوب والشرق, على أساس أنهم بعد أن استكملوا تنفيذ خطتهم البديلة عن الخطة الرئيسية -إخضاع كل اليمن وبالذات من تصدى لمشروعهم في وقت مهم اختاروه بعناية؛ لأن المجتمع الدولي حاضر وشاهد على المهمة, والطرف الواقف ضدهم منشغل بهدف آخر يتمثل في (وقف القتال)، أو وقف العدوان (عبر القصف بالطائرات)، فيما العدوان سيستمر بصورة أو بأخرى.
المهم توقيت السيطرة (الاحتلال) المباشر وإن بخليط من ضمنه أدوات يمنية كان حركة عسكرية وسياسية في منتهى الذكاء وغاية في الدقة, لماذا؟؛ لأن أول أهم الأقاليم التي عملوا على إخراجها إلى حيز الوجود صار خاضعاً لهم وبأقل كلفة ليكون ثاني الأقاليم التي أوكلوا مهمة إخراجها لهادي وحكومته ومن يأتمر بأمرهم.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد, فسيطرتهم على حضرموت سيعقبها تثبيت لوقف إطلاق النار, ومطالبات دولية بالتهدئة، وعدم إثارة مواضيع وقضايا جديدة على طاولة التفاوض سواء الحالية في الكويت، أو ما سيعقبها في الكويت أو في غيرها.
فيما الخلوص إلى تحديد وتثبيت التواجد لكل طرف في هذه الأيام حسب الخطة العامة التي سمتها الأمم المتحدة بـ(خارطة الطريق), والتي ركزت على تثبيت وقف إطلاق النار، وتشكيل لجان لهذا الأمر على اعتبار أن هذا أهم مطالب الفريق الوطني المفاوض في الكويت, الذي بالنتيجة لا سمح الله سيكون في المستقبل على هيئة خط حدودي بين ما يسيطر عليه أنصار الله والمؤتمر الشعبي، وما يخضع لسلطة المشترك وجماعة الرياض التي تتحرك تحت مسمى (الشرعية) بقيادة هادي.
سيبدأون مباشرة في ترتيب وإخراج الصورة النهائية لما يقع تحت سيطرتهم أو نفوذهم عن طريق أدواتهم إلى حيز الوجود ليصبح في نهاية التفاوض وما ستخلص إليه خارطة الطريق أمر واقع يصعب التراجع أو التنازل عنه, والحديث في تفاصيل الترتيب للأمر سواء التي تمت أو التي ستأتي في القريب كثيرة, ويكفي هنا أن نشير إلى أن تحالف العدوان حتى اللحظة قد انفرد بالسيطرة على أهم إقليمين من الناحية الجيوسياسية والاقتصادية ليس هذا فقط.. بل إنهم قد سيجوا هذين الإقليمين بموقف دولي عبر مفاوضات الكويت وإن لم تبدأ بعد، لكن الأمر واضح؛ ولأنه من حيث المبدأ تم الاتفاق على رسم حدود كل طرف بإشراف دولي وبموافقة من فريق التفاوض الوطني الموجود في الكويت حالياً.
فيما الركيزة الثانية تتمثل بتسييج حدود هذين الإقليمين بمجاميع وتشكيلات مقاتلة تأتمر بأمرهم وتخضع لتوجيهاتهم المباشرة -بعلم أو بدون علم من هذه المجاميع للمهمة التي أرادوها منهم-, ولذا قلت آنفاً: إنهم قد حققوا نصراً تكتيكياً يعول عليه في تحديد النتيجة النهائية التي يريدونها, وما عدا ذلك بالنسبة لهم.
من هذا المنطلق أستطيع القول: إنه لا غرابة من قبولهم تثبيت وقف إطلاق النار.. بل ربما نسمعهم ونراهم في القريب يحثون ويطالبون بهذا الأمر، وقد يقدمون بعض التنازلات في مناطق أخرى بعيدة عن هذين الإقليمين, معطين للفريق المقابل مساحة شاسعة من وهم الانتصار الذي سيرتد عليه في خطوات تفاوضية مستقبلية حين يطالبه المجتمع الدولي بتقديم تنازل مقابل تنازل خصومه الذين أوهموه بعكس ما يريدون، وأنجزوا في نفس الوقت خطتهم البديلة مستغلين عدم خبرته وقلة تجربته واستعجاله في تحقيق هدف جزئي (مرحلي) بمنأى عن حزمة متكاملة مما سيطرح على طاولة التفاوض.
بالنسبة لقوى العدوان فيما لو استقر لهم الأمر في عدن وحضرموت، فإن بقية اليمن لا يعني لهم شيئاً إلا فيما يخص تأمين حدود مملكة آل سعود لا أكثر ولا أقل, ولذا سيركزون على هذا الأمر في قادم الأيام للخلوص إلى النتيجة النهائية التي ستكمل أضلاع المثلث، وهي تأمين الحدود الجنوبية للسعودية بأي طريقة يحصلون من خلالها على ضمانات وتعهدات دولية، ولو أمكن من الطرف الفاعل والمسيطر على خط الحدود.
باختصار شديد سمنوا للوفد الوطني القط كي يذهبوا بالبعير.
Aldahry1@hotmail.com