قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الصورة التي شهدتها المملكة العربية السعودية في العام الماضي تعد مقلقة للغاية، للشعب الذي اعتاد على الازدهار الذي يغذيه النفط.
وأضافت الصحيفة: إن الرؤية للرياض أصبحت قاتمة بشكل متزايد، خاصة مع انخفاض أسعار النفط، والذي يرجع سببه لرغبة الحكومة السعودية في منافسة إيران، التي تتقدم بقوة على حساب المملكة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه تحت ضغط كبير استجاب السعوديون بطرق لا يمكن التنبؤ بها لمصالح واشنطن، التي قد تتعارض معهم في بعض الأحيان، موضحة أنهم شنوا هجومًا عسكريًّا مكلفًا في اليمن. ورغم ذلك فشلوا فيه، وبعدها دعموا تنظيم القاعدة هناك لمحاربة أنصار الله، كما أن المملكة أعدمت عالم الدين المعارض السعودي نمر النمر، وابتعدت الرياض عن لبنان، وعلقت مليارات الدولارات من المساعدات للجيش اللبناني.
وقالت الصحيفة إن هذه هي السعودية التي توجه إليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما دون مشاركة صغيرة لقلق هذه الدولة، حيث قال العديد من صناع السياسة في المملكة إن أوباما ومنذ فترة طويلة لا يشاركهم المصالح الإقليمية للدولة، موضحة أنه بعد انتقاده السعوديين ووصفهم بالفرسان الأحرار في الشهر الماضي، تصلبت هذه الشكوك نحو الخوف من أنه قد يقوض المملكة.
وترى الصحيفة أن أوباما قد يحاول استغلال زيارته لإصلاح العلاقات، ولكن يبقى عدم وضوح العلاقة مع الرياض أمرًا أضعف العلاقات التي تربط السعودية والولايات المتحدة منذ فترة طويلة، حتى لو تمكن من إصلاح الضرر.
وقال الأمير تركي الفيصل، وهو عضو بارز في العائلة المالكة السعودية، ورئيس سابق للمخابرات وسفير سابق للولايات المتحدة: “الأمر مقلق لنا حال انسحاب أمريكا إلى الوراء”، مضيفًا: “لقد تغيرت أمريكا، كما أننا تغيرنا، وبالتأكيد نحتاج للمحاذاة وضبط مفاهيمنا بشأن بعضنا بعضًا”.
وتوضح نيويورك تايمز أن الأمر محفوف بالمخاطر بالنسبة للسعوديين وسط مواجهتهم لتحديات اقتصادية وسكانية، فضلًا عن المخاوف الاستراتيجية والأمنية. فمحليًّا يواجه العديد من الشباب السعودي مشاكل كثيرة، خاصة بعد انخفاض أسعار النفط، والذي دفع الحكومة لرفع الأسعار، وقوض نظام الرعاية الاجتماعية. وإقليميًّا هزمت إيران السعودية، خاصة في سوريا. وعلى الصعيد العالمي انحرفت واشنطن عن مسار العائلة السعودية المالكة.
وفي هذا السياق قال لوري بلوتكين، زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “هناك عدد من العوامل تجمعت سويًّا في المنطقة وداخل البلاد، وخلقت تحديًا يهدد البيئة للسعوديين”، مضيفا: “السعوديون يشعرون أنهم تحت الحصار”.
وتشير الصحيفة إلى أنه على مدى عقود تحكم الملوك والأمراء الحاكمون للسعودية في ثروة النفط، بالإضافة إلى النفوذ الديني والتحكم في أقدس المواقع الإسلامية.
وتلفت الصحيفة إلى أن المملكة لم تكن لديها القوة العسكرية لحماية نفسها؛ لذلك فإن تحالفها مع الولايات المتحدة كان أمرًا ضروريًّا، وفوائده تعود على كلا الجانبين، حيث مقابل التدفق المستمر للنفط ومليارات الدولارات وتصنيع الأسلحة الأمريكية، تقوم واشنطن بحماية حليفتها من التهديد الخارجي، والسكوت عن ملف حقوق الإنسان.
وتوضح الصحيفة أن العلاقات السعودية الأمريكية بدأت تهتز مع بداية الربيع العربي في عام 2011م، خاصة بعد تخلي واشنطن عن حليف السعودية الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك. وفي سوريا رأى السعوديون ضرورة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ولكن مع مرور الوقت وظهور تنظيم داعش الإرهابي، أصبح من الواضح أن هدف أوباما محاربة داعش وليس الإطاحة بالأسد؛ مما أغضب الرياض.
* نقلاً من موقع البديل