يا طويل العمـر..!

عباس غالب.
ما كانت مملكة الرمال بحاجة إلى كل هذا العناء والخسائر والدم لتعبر عن صدقية حسن الجوار مع الأشقاء سواء هنا في اليمن أو في العراق  وكذلك سورية  وبعض الأقطار حتى تدمر امكاناتها وامكانات هذه الشعوب وتغرقها في بحار من الدم والأشـلاء، إذ بقليل من النوايا الصادقة والجهود المخلصة كان يمكنها أن  تحوز على رضا منطقة الجوار الجغرافي وتكسب ود شعوبها من خـلال إنفـاق جـزء يسيـر مما تنفقه على آلة التدمير الأمريكية والغربية.
ومن المؤسف حقا أن تؤكد آخر التقارير المصرفية الدولية قيام مسؤولي النظام السعودي بسحب ما قيمته 310 مليارات دولار على المكشوف.. وهو ما يعزز من الكلفة الباهظة التي تتحملها مملكة الرمال في حربها الخاسرة على اليمن الذي كان يمكن أن يكون سندا قوياً لها في مختلف الظروف والأحوال.
وبالطبع فإن هـذا الانحدار المريع في الوضع المالي للمملكة ينذر بما هو أكثر من مؤشرات تراجع الاقتصاد الذي كان إلى وقت قريب يتمتع بالأولوية بين اقتصادات العالم، بينما يعيش الداخل السعودي اليوم –كما تؤكد على ذلك الحقائق- أوضاعاً تراجيدية مؤسفة تضع على أجندة المستقبل إمكانية الانهيار التام لهذه المنظومة التي كانت -ولاتزال- رهينة لدوائر المصالح الغربية التي تحدد نهاية  مثل هذه الأنظمة أو اغلاقها بالشمع الأحمر متى شاءت أو كيفما أرادت!
ليس ثمة مقارنة بين هذه الإمكانات للمملكة وبين محدودية الموارد التي  يعيشها اليمنيون غـير أن ازدياد الضغط الذي مـارسـه النظام السعودي طيلة العقود الماضية في الهيمنة على القرار اليمني ومحاولة جعلـه خيطا في عقاله فضلاً عن إدارة الدسائس والمؤامرات بين رفاق الصف الوطني ومنع  اليمنيين من استغلال والاستفادة من ثرواتهم الطبيعية طيلة الفترات الماضية.. رغم تلك المحاولات لم تنجح المملكة في الهيمنة الكاملة على الإرادة اليمنية التي عبرت عن نفسها خلال عام من المجابهة للعدوان والصمود البطولي في وجه الحصار والحرب.
وماذا بعـد أن فشل هذا الضغط في تركيع اليمن؟ المؤكد أن رضوخ النظام في مملكة الرمال آت لا محالة، سواء تبلور ذلك في الرضوخ لفريق المفاوضات القائمة اليوم بشكل أحادي أو في التنازل عبر وكلائها في الكويت، إذ لم يتوقع ” طويل العمر” فداحة كلفة الذهاب إلى المستنقع اليمني مما جعله أمام  ضرورة اللجوء إلى خيارات ما كان في الماضي القريب يستسيغها وهي القبول بالجار اليمني على نحو من الندية والتكافؤ.. وهو أمر حتمي ما لم يحدث اليوم فسيحدث غـداً بالتأكيد.

قد يعجبك ايضا