عن نهاية الدور ( السعودي) في المنطقة..؟!
طه العامري
يمكن القول – اليوم- إن النظام السعودي استنفد كل خياراته وخسر في مغامراته كل ما يمكن وصفه أو تسميته باستراتيجية الدبلوماسية الناعمة ، بدءاً من سورية والعراق مرورا بباكستان وصو? لليمن التي كانت أهم محطات الاستئنزاف التي أفقدت النظام السعودي كل أرصدته القائمة على الفلسفة المادية وشراء الذمم والو?ءات للطبقات الحاكمة في أكثر من قطر وكذا شراء ذمم النخب والوجاهات الاجتماعية في هذه الدولة أو تلك وهي وسيلة اعتمدها النظام السعودي في سياق تسجيل حضوره لمواجهة ما يسميه النفوذ المحوري لخصومه الذين هم بالواقع خصوم للكيان الصهيوني وللمشروع الاستعماري في المنطقة ، فيما النظام السعودي الذي يضع نفسه وكيلاً للصهاينة والأمريكان ورأس حربة في مشروعهم التآمري ضد المنطقة وتطلعات شعوبها، هذا النظام كان خصومه ومنذ نشأته هم أولئك الذين تصدوا للمشروع الصهيوني / الأمريكي وكل من آمن بقدرات ودور هذه الأمة وسعى للانتصار لخياراتها وإعادة مجدها المندثر وحقوقها المغتصبة.. والمؤسف أن هذا النظام وخلال السنوات القليلة الماضية بدا وكأنه يسعى للانتحار ويقود المنطقة معه نحو هذا الخيار بذريعة الدفاع عن مصالحه الحيوية وهي المصالح التي لم تكن يوما حاضرة في ذاكرة وأجندة هذا النظام القائم على رؤية وفلسفة ودور بعيدا عن كل ما يتصل بحقيقة الهوية والوجود القوميين ، وحتى في السياق الإسلامي لم يكن هذا النظام حاضرا في تداعيات المشهد الإسلامي إ? بالقدر والمدى المطلوب منه تأديتهما- أمريكيا أو بريطانيا – وبالتالي فأن معطيات راهن الحال عربياً وإسلامياً تشير مجتمعة على سقوط خيارات النظام السعودي وفشله في حتى في البقاء على ذات المكانة التي كان عليها قبل شن عدوانه الجنوني على اليمن بذريعة التصدي للنفوذ الإيراني مع نفوذ إيران داخل المملكة يفوق بكثير نفوذها على الساحة اليمنية أن كان لإيران نفوذ في اليمن.
أخطاء استراتيجية قاتلة وقع بهاء النظام السعودي خلال السنوات الماضية تحديدا حين حاول تجاوز الدور الوظيفي الذي رسم له من قبل المحاور الراعية لهذا النظام والتي تغاضت عن حماقته ليس حبا فيه بل رغبة من هذه المحاور في امتلاك ذريعة تبرر لها البدء بإجراء هيكلة جذرية لنظام أصبح بمثابة عالة عليها ومصدر إزعاج لسياسة هذه المحاور في المنطقة ، إذ أن النظام السعودي فشل في القيام بالدور المرسوم له في المنطقة والأمر كذلك ينسحب على الكيان الصهيوني فكلاهما في السياق الاستراتيجي المحوري استنفدا كل مقومات وجودهما وفشلاً في المضي بالدور الموكول لهما وبالتالي كان التدخل المحوري المباشر في المنطقة هو البديل المعبر عن شيخوخة أنظمة انتهت فترة صلاحياتهما، و?بد والحال كذلك من إعادة هيكلتهما، وبما أن من الصعوبة هيكلة نظام كالنظام الصهيوني لما قد يترتب على مثل هذا الفعل من تبعات كارثية لهذا الكيان وللمحاور الاستعمارية الحاضنة والراعية له ، فإن من الطبيعي أن تكون الهيكلة محصورة في مفاصل الأنظمة الحليفة للمحاور الاستعمارية والتي تعد خط دفاع متقدم عن الكيان الصهيوني كنظام آل سعود الذي تم توجيهه لمواجهة إيران في لحظة كان فيها المجتمع الدولي قد أبرم اتفاقه مع إيران معترفاً بوجودها كقوة إقليمية فيما السعودية تخوض معتركها على طريقة معارك (دينكشوت) أي أنها تقاتل طواحين الهواء.. هذا القتال الذي تدعيه الرياض وتوهم نفسها به وتكذب به على بعض المغفلين من حلفائها سيكون هو الذريعة والسبب في إعادة هيكلة نظام آل سعود وبما يتسق مع قوانين العصر، وللحيلولة من سقوط هذا النظام بفعل ثورة شعبية تنفجر فجأة على غرار ما حصل لشاه إيران حيث أدت تلك الثورة إلى إرباك كل المخططات الامريكية في المنطقة وكانت خسائر امريكا فادحة في هذا الجانب وبالتالي ستعمل واشنطن على تلافي هذا الخطأ الاستراتيجي فيما يتعلق بنظام آل سعود الذي قدم لواشنطن سبب وذريعة هيكلته الاستباقية لأي عمل شعبي قد يواجهه هذا النظام وليس هناك أفضل لواشنطن من استغلال فشل آل سعود في المنطقة للبدء في هيكلته وتحديثه، اتساقاً مع مشاريعها الحديثة في المنطقة..!!