كلمة حق .. عن العزيز عبد الوهاب
عبدالله بجاش
داهمنا الألم والحزن لرحيل الزميل العزيز والغالي عبدالوهاب المخلافي في لحظة قاسية ونحن في حالة تأمل لوطن يتعرض لعدوان ظالم أصابنا بالتوهان لمشاهد نزيف للدم اليمني والتدمير المذهل للمساكن على رؤوس ساكنيها .. هذه المشاهد جعلتنا في حيرة وشفرت عقولنا ولم نعد ندري ماذا يجري حولنا ، وحول أعزاء لنا فقدنا التواصل بهم بسبب حالة النسيان التي تحاصر عقولنا إلى أن جاء نبأ لم أكن أتوقعه وهو وفاة الإنسان والذي أكن له كل الاحترام والتقدير منذ أن وطأت قدمي في مؤسسة الثورة قبل 26 عاما، وهو ذلك الشخص الذي يحمل كل الصفات الإنسانية من الوفاء والكرم والشهامة والأخلاق والإخلاص في عمله يحترم الجميع لكنه لا يميز في تعامله بين فلان وعلان، فكان يمد يد العون للجميع ويضع الجميع في مساحة واحدة من وجدانه ويوزع نبله على الجميع ويقدم خدماته اللوجستية للموظف البسيط والقيادي على حدا سواء معتبرا الكل كأفراد أسرته لا يرد أحداً ولا يتراجع عن تقديم خدماته لأحد حتى لمن وصفوه ذات يوم ( … ) عمدا وعدوانا فظل لهم الأخ الكبير يمد يد العون لهم للمساعدة بقلب صافٍ خالٍ من الحقد والكراهية لأن من عوائده العفو والتسامح .. ومن عوائده الوفاء بالمسئولية والتي تحملها في ظروف صعبة عندما هرب الجميع من عبء المسئولية فكان هو الوحيد المسئول في مواجهة المشاكل الصغيرة والكبيرة للأزمة والتي كانت ستطيح بالمؤسسة وموظفيها .. فعمل بصدر رحب وبهدوء دون ضجيج أو تذمر من أجل الحفاظ على مستحقات الموظفين وفي نفس الوقت لتبقى مؤسسة الثورة شامخة .. فأعطاها كل شيء، خبرته ووقته ومنحها زهرة عمره وفي الأخير رحل إلى باريه ولم تمنحه شيئاً ولم يأخذ منها شيئاً … رحل وترك لنا إرثا كثيرا من الإخلاص والوفاء والأخلاق والتسامح .. وهذا ليس إنشاء أكتبه في لحظة تجلًّ أغرقتني بالحزن وإنما حقيقة سبق وأن تناولتها أقلام العديد من الزملاء الذين عرفوه جيدا أكثر مني .. فرحيله كان صدمة لي لمعزته عندي .. وصدمة تلقاها الجميع فجأة والكل في حالة توهان لما يجري في هذا البلد المكلوم على أبنائه فاحتبست الدموع بين أجفان العيون وتسمرت الأجساد ولا يدري كل واحد ماذا يعمل أو ماذا يفعل أو ماذا يقول تجاه هذا المصاب الجلل لأن الموت حق يا عزيزي عبد الوهاب .. لقد ولدت نبيلا ورحلت نبيلا وفيا ومخلصا وهي صفات قلما نجدها في أناس هذا الزمن .. فمنا تستحق الدعاء بالرحمة كل وقت وقراءة الفاتحة عند ذكرك وهذا أضعف الإيمان أن نفيك به، فرحمة الله تغشاك وأسكنك فسيح جناته .. إنا لله وإنا إليه راجعون.