إصرار وتفوق
كان الوقت قد تأخر .. فقد أوقفت المدارس تسجيل الطلاب.. توجه الطالب عبدالملك لطف حسن الذاري، إلى مدرسة ابن ماجد بأمانة العاصمة، الحاصل على الترتيب الأول للقسم العلمي للتسجيل. مدير المدرسة أخبره بانتهاء فترة التسجيل لكن إصرار الطالب عبدالملك على الدراسة وخوض الامتحانات النهائية للثانوية العامة كان قوياً فأخبر مدير المدرسة بأنه طالب متميز ويحصد الترتيب الأول منذ نعومة أظافره، ولم يخفق في أي عام دراسي، فما كان من مدير المدرسة سوى الرضوخ لرغبة وإصرار عبدالملك.. وفعلاً تمكن من إقناع المدير أخيراً فالتفت إليه قائلاً “أن تكون من أوائل الجمهورية ليس مستحيلاً) وذهب ومنذ تلك اللحظة لم تفارق هذه العبارة مخيلة عبدالملك فمضى لوضع خطة دراسية مدروسة للمذاكرة فكان يبدأ من الساعة الثالثة فجراً حتى موعد المدرسة ثم من الساعة الثالثة عصراً حتى الساعة التاسعة مساء. وأثناء ذلك تتخللها أوقات متقطعة للعبادة والاسترخاء. عبدالملك لم يكن يسهر ليلاً. براية مضت الأيام وأتت الامتحانات, الترم الأول من العام الدراسي، حصل عبدالملك على الدرجة النهائية هو واثنان من زملائه في الصف، ولم يزده هذا الأمر إلا إصراراً على الحصول على المرتبة الأولى على مستوى الجمهورية فزاد من مثاءرته، وطلب من معلميه في الصف أن يقوموا بإجراء امتحان أسبوعي له لتحديد مستواه ففعلوا ذلك وكان عبدالملك من الطلاب المتميزين على مستوى المديرية..
بعد مرور فترة من الدراسة اندلعت الحرب غير المتوقعة فنزحت أسرة عبدالملك إلى منطقة ريفية في محافظة إب. كلمات الأشخاص والشائعات من المتواجدين حوله عن الحرب وطول أمدها لم تهز ثقة عبدالملك ولم تدخل اليأس والخوف لقلبه بل زادته اجتهاداً ومثابرة، وظل يستذكر دروسه أياماً على ضوء الشموع، وأحيانا على المصابيح اليدوية. دعاء والدتة التي كانت ترافقه في كل وقت وحال، وما هي إلا فترة وجيزة وسمع بأن مدرسته فتحت أبوابها مجدداً، وهنا فتح له باب الامل لتحقيق حلمه، وأتى اليوم المرتقب أيام امتحانات الثانوية العامة النهائية، خاض عبدالملك الامتحان متكلاً على الله وعلى دروسه التي اختزلها في ذاكرته، من مذاكرة ومتابعة، ومرت الأيام وحانت ساعة الصفر وقطف الثمار..
رن هاتف المنزل في الساعة العاشرة ليلاً، كانت المكالمة تحمل خبر تفوق عبدالملك وحصوله على المرتبة الأولى بمعدل 99.38% على مستوى الجمهورية، وهنا سجد عبدالملك شاكراً ربه على تحقيق حلمه الذي لم يكن بالنسبة له بالمستحيل.
رغم العدوان .. تفوقنا
“وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” هكذا بدأ الطالب هايل سعيد عبده نصر، الحاصل على الترتيب الرابع على مستوى الجمهورية بمعدل “98.88%” من محافظة إب بهذه الآية معتبراً أنها رسالة موجهة إليه من خالق السموات والأرض. بحث عن العمل والاجتهاد ونصب أمام عينه عبارة كان يكررها دائما “من جد وجد ومن زرع حصد” فقد ظل يزرع طوال 12 عاماً جهداً من العلم والمثابرة والبحث عن المعلومة، وفي العالم الثاني عشر من المرحلة النهائية للثانوية العامة ازدادت المنغصاب فانعدمت الكهرباء وبدأت الحرب على بلادنا من قبل السعودية وحلفائها، عدواناً غاشماً لم يكن يتوقعه أحد.. ولكن هذه الأمور لم تزد هايل سوى اصراراً على تحقيق النجاح والتفوق وفعلاً تمكن من تحقيق حلمه على الرغم من كل شيء أصبح هايل من أوائل الجمهورية.
حيثما أردت
ما أجمل أن تجد نفسك حيثما أردت أن تكون عبارة قالتها الطالبة سماح عبدالعزيز ابراهيم العبسي ، أمانة العاصمة المدرسة التركية، الحاصلة على معدل 97.25% وسعت جاهدة لرسم موقعها بين أوائل الجمهورية نعم فقد كان حلمها الذي سعت اليه جاهدة لتحقيقه ووضعته في مخيلتها ولم تكن ترى سواه، أعتمدت على خالقها ودعاء أسرتها ومثابرتها واجتهادها ومتابعة دروسها أولاً بأول، وعدم التغيب عن الدراسة منذُ بداية العام الدراسي استخدمت كل الطرق للمذاكرة الصحيحة كوضع جدول للمذاكرة وتحديد أوقات للمراجعة وسؤال معلميها في المدرسة في حالة عدم تمكنها من فهم ردس ما. لم توقفها ظروف الحرب التي تمر بها البلاد عن تحقيق حلمها بل زادتها اصرارا ومثابرة على التفوق… وأخيراً تمكنت سماح من تحقيق حلمها وحصلت على المرتبة الثالثة على مستوى الجمهورية وهنا تكون المهمة أصعب بالنسبة لطلاب الأوائل في كيفية الحفاظ على التفوق والتميز دون تراجع وتخاذل، أو يأس هذا ما أدركته سماح حيال سماعها لنتيجة تفوقها.
طائرات العدوان لم تخفنا
بعد كثير من الجهد تمكنت الطالبة أروى علي صالح القطري، القسم العلمي، من محافظة حجة الحصول على المرتبة التاسعة على مستوى الجمهورية بمعدل 98.25% .
أروى حصدت هذه النتيجة بعد عناء وتعب ومشقة ومثابرة, وبناء جسر قوي منذُ بداية التحاقها بالتعليم، وهو اليوم يوصلها إلى القمة. مواظبتها على الصلوات والدعاء والاصرار وعدم الخوف من الامتحان هما سر نجاحها وتفوقها، فهدفها كان أسمى من أن يوقفه طيران العدوان وضرباته. كانت أروى داخل قاعة الامتحانات تسمع أصوات الطائرات الحربية محلقة فوق رؤس الطالبات، لكن هذا الأمر لم يقف أمام تحقيق حلمها فنقشت حروف أسمها في سطور أوائل الجمهورية.