ثمة انسراب انا هو سيزيف
فارس العلي
حينما تصبح حجر سيزيف فشلا لغويا في بناء معنى ما ، يتداعى الجبل بكل احجاره أمام تلكؤك وبينما تواري نفسك تحت قِذل مجوفة تقيك خطر الإصابة، يختفي المعنى الدال لتلك اللحظة المصيرية ، تتشكك خيانة ما تستوي لغدر ثقتك ، لكن ذلك الحجر لم يَشفق سيزيف فكيف للمعاني واللغة أن تغدوا شركا تخون وتصاحب في آن أحاسيسك ؟ تصعد الكتابة وتنهل المعاني والصور وتراكيب اللغة متعبة من التكرار لكن سيزيف لم يستسلم صاعدا ونازلا سلم الحرية مرارا ! هل تستلذ المعاني واللغة ليصبح لزاما على الاستعارة مطارحة تراكيب جديدة تكشف مجهولاً كان يعانيه في سياقات أشد إيلاما . نتسابق نحن الشعراء والكتاب لتوضيح صورة ما كان عليه سيزيف لحظة أن كان يحلم بالحرية ؟ ولكي نجيد الاتصال المناسب نلمس التمظهرات الأشد حساسية في الأمة ، مرة نسكلجه وفي أخرى نجرده وفي ثالثة نجعل المشهد رومانسياً . المشهد المصيري لم تتطابق معه احجار جدران السجن اذا اعتبرنا سيزيف تعب من حملها، فكانت لدحرجة حجر ما يستحق المحاولة ، هل هذا ما تبدو عليه الحرية في مخيلة السجين ؟هل تثقله احجار الغرفة أم صلابة السجان أم أن اللغة كانت عصية ليمنح نفسه خلاصا آخر ويريح التكرار عناء الكتابة ؟ هل بساطة الحياة هي اللافت أم المعاناة ؟ ربما سيزيف وجودا رمزيا لنظام لغوي تجسد بفاعلية د?لة والمقصود منها انتزاع تعريفا ?ئقا بحفاوة وجودية ليقدم الإنسان منظورا متعالياً بفضاء أكثر استحقاقا من الدواخل المقيدة بالذاتية بمشابهة جنينية متطفلة . اصبح قلبه حبة اجاص مدمي بحمرة خجل حاول هزيمته مرات ففشل ، والخجل هنا لم يعد له مبرر في مصائر الحياة ، إذ لم يكن في حلبة سباق امتشق كبرياؤه وخسر المعركة قبل الوصول او? الى القمة فساءت الطريقة الصوتية للجمهور الساخر .
الثقل كان قيدا والمسافة حرية ويصبح الفشل هنا هامشاً الممكن للسؤال النفسي : ما الذي يحدث في الخارج ؟ دعونا نوضح حقيقة الأمر : نحن الذين كنا في الداخل نتحسس ندوب الزنزانة وثقوبها المغروزة جهة الداخل ، جميع نصوصنا وكتاباتنا عاشت في الداخل ، لم تستوعب أن سيزيف حر طليق ، في الخارج ، يضاجع المقاصد ويحيل قوالب القيود أشكالا مفتوحة الاتجاهات ، يفكك جدران البنيوية وينزع سقف التصورات ويمرجح الخيال بمرونة تجعل من السفر وصول ومن العودة احتضان دافئ .
ليت للمواويل رقصة لتنتهي التجهدات وتصوراتها النفسية الإطلاقية ، وتمتحي الأنماط والأنظمة التي حلست قيودها معاصم التعبير والإبتكار ، ليت ذراعا اضافيه امتدت جوار يدي او على الأقل عرقلت نكوص الحجر وانغلاقها على متعة التدحرج .. لم يكن تدحرجا بل رقصة الحرية ، وصوتها كان ضحكة خيبة فشل الوصول..
اللعنة ..كانت نكته مؤلمة وبينما تضحك ابكي انا سيزيف و اتساءل لماذا تتراجع الأشياء القيمة المضافة على قدر من شروط الحرية ؟ ليت السلالم تستحيل هلاما بعد عبورنا لها ، حتى لا تعيدنا درجاتها للأسفل فيصبح الجنس معلقا في القمم وتموت اللذة بحلم نزول يلطش إمارة المستراح بوضوح أبيض لزج ، اتنهد فور نزولي درج السلم ، كنت افكر مجددا عن سر ابتهاج مختلف في الصعود ، واتساءل لماذا الحرية في الاعالي ولما علينا أن”نبلغ”؟ البلوغ من ناحية فيسولوجية تصور طفولي تواق لفعل وممارسة اشياء مقتبسة من خيال لغوي مراهق اغتصب مفاهيم خاطئة ، فطرة كان عليها البقاء طفلا يضحك بلا أسباب وينسرب خلال تجهم صعوبة الفهم بثمة ضروريات توهمت طلسمة الحياة أكثر من استحقاقاتها الإيكولوجية ، اعطوني تأكيدا واحدا يحول دون ان تصبح حقيقتكم مجرد حكاية خرافية محرفة في حيرة التأويل الألفيني الخامس.. هكذا ستشعرون الآن بسيزيف وتطردون فكرة التحجر الغبي ونهائية نظرياتكم وتعابيركم.