المتحولون

علي الشاطبي

يهمني أن يتحدث المشايخ ورجالات السياسة والدين الممول من السعودية عن عظمة حزم سلمان وحنكة المحمدين ، وبسالة جيوشهم ومرتزقتهم وماسحي احذيتهم . كل ذاك لا يعني لي شيئا ، ما يحز بنفسي هو انك كنت تقرأ وتتابع وتتشدد مع قوميين وتيار من الوسطيين ضد سياسة الجارة الكبرى ، وحينما دق جرس اللجنة الخاصة هرعوا الى الرياض ، يقبضون ثمن رجعية موقفهم التقدمي ، ويباشرون في مسح سجل السعودية من جرم قتلها لإخوانهم ، وتدميرها بوحشية لكل ماله علاقة بحياة ومستقبل اليمني . زملاء وساسة كتبوا عن السعودية المملكة الجارة التي احتلت اراض يمنية ، ومولت لجنتها الخاصة عشرات الآلاف من اليمنيين لإبقاء اليمن في حظيرة الموقف السعودي ، وصلوا الرياض وصاروا يتحدثون عن سلمان المنقذ من عيال “طبرستان ” ، وعن الخراب العظيم كواحد من تجليات النصر في اليمن . كثيرون انقلبوا .. تغيرت مواقفهم لأن مصالحهم تأتي في ذات السياق ، لكني لم اكن اتصور ان يأتي يوما يقال فيه بأن من سوقوا انفسهم كأعداء لكل ماله علاقة بقتل اليمني وتعذيبه ومصادرة قراره ، ومحاربة قيام دولته ، سيكونون هم في صف الخيانة الأول . تاريخهم يكشفهم .. يعريهم على الملأ .. مواقفهم السابقة تشيء للناس بحقيقتهم ، تقول للبسطاء الذين خدعتهم الشعارات والتصريحات الخنفشارية : لا تحزنوا لكونكم صدمتم بحقيقة موجعة ، انتم تدفعون ثمنا باهظا من دمائكم لتتعرفوا على وجوههم المشوهة . حتى وان خذلتم لا تحزنوا ، امسكوا قلما وضعوا علامة خطأ على صورهم ، ومساء كل يوم احتفظوا بقصاصات الصور واسماء المتحولين ، هم سيأتون ذات يوم ليحدثوكم مرة اخرى عن الوطن والسيادة ورفض الوصاية وربما عن الحب ، لحظتها ان لم تسعفكم الذاكرة عودوا الى القصاصات وستخبركم انهم هم أنفسهم من باعوا الوطن بثمن بخس وقادوه للتهلكة . مشكلة اليمني ان قلبه طيب وذاكرته قصيرة لا تتسع لحفظ اسماء الأوغاد والخونة ، لذلك هو يتعذب أكثر من مرة ، تتكرر مشاهد الخيانة ، ويعود ذات الممثلين المؤدلجين والراديكاليين للعبث بنسيجه الاجتماعي وتركيبته المذهبية وقتل اي فرصة للتعايش . المتحولون يقودونا للجحيم ، وجوههم مطاطية لدرجة ان صفعك لأحدهم لا يؤلم إلا يدك فقط أما الوجه فإنه قد اعتاد على ذلك ، واذا لم تستوعب هذه الحقيقة فما عليك الا ان تراجع مواقفهم منذ السبعينيات حتى اليوم . حيث تجد انهم أكثر من يتحدثون عن الوطن وسيادته ، وحقن دماء ابنائه ، وفي ذات اللحظة يؤيدون عدوانا خارجيا ، ويشيدون بدقة اصابة الطائرات للأهداف ويحشدون للصراع المذهبي والمناطقي ويحرضون الناس على الموت وتفجير انفسهم . من يتحدث عن الوطن لا يمكن ان يكون خائنا ، ومن يدعو لحقن الدماء لا يؤيد عدوانا يقتل ويدمر منذ عام ، من يهتم لأمر الوطن لا يقبل على نفسه ان يحرض ويقود الناس للتهلكة خدمة لأجندة دولة اخرى . نقاط كثيرة تجعلك تعرف من هو المتحول من بين المئات ، فهو يحشد قدراً كبيراً من التوصيفات التي تغوي الناس ، يتحدث عن كرامة .. حرية .. .. مساواة.. عدالة .. تحرر .. امن .. سيادة ..رفاهية في المعيشة الى آخر قائمة طويلة من المصطلحات التي تسقط بمجرد عمل مقارنة بسيطة حول الكيفية التي سيحققون بها هذه الأمنيات الجميلة ، فالكرامة لا تأتي من قصور الغزاة ، والحرية لا تفصلها جيوش المحتلين، والمساواة لا تأتي بالتصفيات العرقية والمذهبية والمناطقية ، والعدالة لا تتحقق على يد القاتل ، والتحرر لا تقدمه شركات المرتزقة ، والأمن لا يمكن ان تحفظه جماعات الإرهاب وعصابات الاغتيالات ، والسيادة لا يحميها تحالف عدواني يضم 11 دولة . تخاريفهم هذه تذكروها جيدا ، وفي حالة اذا قدر لهم ان ينتصروا وهذا غير وارد ، لن يجدوا الوطن الذي يريدون ان يحكموه سوى اطلال مدن وخراب عظيم ، وسجن لا يتحركون فيه يمينا او يسارا إلا بإذن من ملكهم الذي اعادهم عبيدا لوطن غادروه احرار .

قد يعجبك ايضا