> 68 موقعا ومعلما أثريا وتاريخيا طالها القصف البربري
> أربع مدن تاريخية عاثت فيها صواريخ العدوان خرابا واسعا
> ثلاثة متاحف يمنية دمرت وآلاف القطع الأثرية انتهت بين الركام
استطلاع/عبدالباسط محمد النوعة
مر عام كامل على بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن ، استهدف خلاله كل مقومات البلد وبنيته التحتية ، وقتل وجرح ما يقارب (30) ألف يمني بينهم نساء وأطفال ، ناهيك عن تدمير العشرات من المواقع والمعالم التاريخية والأثرية التي لم يتوقف العدوان عن استهدافها منذ بدء عدوانه في 26 مارس من العام الماضي حتى اليوم ، حيث تشير إحصائيات الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمنظمات المعنية برصد جرائم العدوان إلى أن المواقع والمعالم التي استهدافها العدوان بلغت (70) موقعا ومعلما تاريخيا حتى الآن .
وفي الأسطر التالية سنحاول تسليط الضوء على أبرز المواقع التي استهدفها العدوان خلال عام كامل ، فالمجال لا يتسع لذكر كل المواقع والمعالم المستهدفة والأضرار التي لحقت بها لأن العدد كبير ، سيما أن بعض المواقع تعرضت للاستهداف أكثر من مرة .
بالرغم من أن تاريخ أول استهداف مباشر لمواقع التراث اليمني كان بداية شهر ابريل إلا أن الاستهداف غير المباشر لهذه المواقع كان مع أول غارة نفذتها طائرات العدوان في 26 مارس 2015 م ، فعندما استهدفت تلك الطائرات جبل نقم فجر ذلك اليوم أدى هذا القصف إلى حدوث أضرار في مباني ومعالم صنعاء القديمة ومنها قصر غمدان فهذه المدينة قريبة جدا من نقم وتتأثر مبانيها بأبسط الاهتزازات فكيف باهتزازات الصواريخ الكبيرة والقصف العنيف .
القصف المباشر
في العاشر من ابريل 2015 بدأ القصف المباشر على مواقع التراث ووقع على احد المساجد القديمة وهو مسجد حمراء علب التاريخي في منطقة دار الحيد بسنحان محافظة صنعاء وتم تدميره بشكل كامل ، لتتوالى بعدها الاستهدافات للتراث اليمني بصورة وصفها المختصون والمعنيون بالممنهجة والحاقدة على هذا التراث العظيم ، حيث لم يكتمل الشهر الأول من العدوان إلا وقد تم استهداف العديد من المواقع ، منها دار الحسن التاريخي بالضالع في 23 ابريل وأدى هذا الاستهداف إلى تدمير هذا المعلم بصورة كاملة ، وقبلها بيومين في تاريخ 21 ابريل طال القصف قرية فج عطان التاريخية بصنعاء محدثا أضراراً كبيرة في مبانيها التاريخية .
وفي الرابع والعشرين من الشهر نفسه قصف العدوان مدينتي براقش وصرواح الأثريتين ، وتكرر القصف على هاتين المدينتين الأثريتين لمرات عدة ، حيث يقول مدير عام حماية المواقع الأثرية بهيئة الآثار عبدالكريم البركاني إن مدينة براقش تعرضت للاستهداف ثلاث مرات كان آخر تلك الاستهدافات في 7 مارس الجاري واحدث أضرارا بالغة في معبدها الشهير “معبد نكرح “، بينما تعرضت صرواح الأثرية للاستهداف أربع مرات كان آخرها في 16 يناير 2016 ووقع مباشرة داخل المدينة وتحديدا في “معبد اوعال” وأحدث فيه دماراً واسعاً خاصة في الملحقات والتي تحوي واحدا من اكبر واهم النقوش السبئية مكتوب عليه قانون تسيير شؤون الدولة لمملكة سبأ .
صعدة التاريخية
بدأ مسلسل القصف لمدينة صعدة القديمة وما جاورها منذ وقت مبكر حيث وقع أول استهداف لهذه المدينة التاريخية في العاشر من ابريل العام الماضي وتوالت الهجمات الحاقدة على هذه المدينة ، حيث تعرضت في 9 مايو إلى غارات وقعت شرق جامع الإمام الهادي ابرز معالم المدينة وأهمها وأحدثت أضرارا بالغة في الجهة والبوابة الشرقية للجامع وعدد من المنازل والمحلات التجارية كون الغارات أصابت مباشرة السوق ، وفي يوم السبت 23 يناير من العام الجاري نفذت طائرات العدوان أربع غارات على المدينة وكان قد سبقها بأيام قلائل وتحديدا منتصف الشهر نفسه ( يناير) غارات استهدفت سور المدينة ونادي السلام الرياضي ، ناهيك عن القصف الذي طال الفرن التاريخي التابع لقلعة المدينة وتدميره بشكل كامل وغارات أخرى كثفها العدوان على هذه المدينة ونتج عن كل تلك الغارات أضراراً كبيرة.
وأوضح رئيس لجنة حصر الأضرار في مدينة صعدة القديمة المهندس عبدالرحمن حامد أن (140) معلما في هذه المدينة تضررت نتيجة العدوان منها (76) منزلا تاريخيا (26) منزلا تدمر بشكل كامل ، بالإضافة إلى تدمير (55) محلا تجاريا ، وتضررت (9) منشآت تاريخية عامة أبرزها جامع الإمام الهادي وخزان مياه وفرن وحديقتين عامتين .
قلعة القاهرة تعز
في الحادي عشر من مايو من العام الماضي عمد العدوان على استهداف قلعة القاهرة التاريخية الهامة بتعز ولم يك هذا الاستهداف هو الوحيد الذي تعرضت له هذه القلعة بل تكرر لأربع مرات متقاربة وفي شهر مايو وتحديدا بتاريخ (11- 13-17-30) وأدت هذه الغارات إلى حدوث دمار هائل طال مبنى القلعة الذي تم تحويله إلى متحف ودفنت القطع الأثرية بين الأنقاض وأتلفت العديد منها فضلا عن الأضرار التي أصابت ملحقات ومكونات القلعة ، بحسب مدير عام الآثار والمتاحف بمحافظة تعز بشرى الخليدي التي أكدت أن قصف طائرات ما يسمى التحالف تركز بشكل أساسي على وسط وداخل القلعة والحصن الذي تم تحويله إلى متحف يحوي القطع الأثرية التي تم اكتشافها أثناء فترة الترميم التي استمرت أربعة عشر عاما ومنها قطع أثرية هامة وبعضها يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام .
وفي الثاني عشر من مايو أيضا قصف العدوان محيط مدينة زبيد التاريخية بمحافظة الحديدة والحق القصف أضرارا بعدد من المنازل والمباني التاريخية داخل المدينة وكذا السور ، وقبلها بيوم واحد (11 مايو ) قصف العدوان قلعة نقم بصنعاء ، وفي 13 مايو قام العدوان باستهداف جرف اسعد الكامل في مديرية القفر محافظة إب ودمره بشكل كامل ، وفي نفس اليوم أيضا كانت القفلة بساقين صعدة على موعد مع قصف العدوان الذي عاث فيها تدميرا وخرابا بلغت نسبته 50 % .
متحف ذمار الإقليمي
ولعل الجريمة الكبيرة التي قام بها العدوان في مايو من العام الماضي ضد حضارة اليمن وتاريخها هو قيامه بتدمير واحد من أهم وأكبر المتاحف اليمنية وهو متحف ذمار الإقليمي في 21 مايو وتدميره بكل ما يحتويه من قطع أثرية هامة ونادرة يقدر عددها بـ(12) ألف قطعة دمرت الغالبية العظمى منها ، وهنا يقول مدير عام الآثار والمتاحف بذمار شداد العليي إن القطع التي نجت من هذا القصف وتم انتشالها من بين الأنقاض(500) قطعة فقط وتم تسوية مبنى المتحف بالأرض في جريمة بشعة ارتكبها العدوان بحق التراث اليمني .
وحقيقة لم يك متحف ذمار الإقليمي هو الوحيد الذي استهدفه العدوان فقد دمر العدوان ثلاثة متاحف يمنية ( متحف قلعة القاهرة بتعز ومتحف ذمار) بالإضافة إلى المتحف الوطني بتعز ( قصر صالة التاريخي) الذي دمره العدوان في غارات استهدفته بتاريخ 25 أكتوبر الماضي .
قلاع وحصون
بعد تدمير متحف ذمار بثلاثة أيام فقط وتحديدا في الرابع والعشرين من مايو قام العدوان باستهداف قلعة الشريف في باجل بالحديدة وبلغت نسبة الأضرار فيها أكثر من 40 % ، وفي التاسع والعشرين من مايو قصف حصن النعمان وحصن المنصورة في مدينة حجة ، وفي 31 مايو تم استهداف المصرفين الشمالي والجنوبي لسد مارب القديم الذي يعود تاريخه إلى العصر السبائي وتحديدا إلى الألف الأول قبل الميلاد ، واحدث العدوان دمارا كبيرا في هاذين المصرفين بلغت نسبته 70 % .
صنعاء القديمة
في شهر يونيو من العام الماضي ارتكب العدوان جريمة غير مسبوقة حيث عمد في 11 يونيو إلى قصف حارة القاسمي بصنعاء القديمة ودمر (8) منازل تاريخية بشكل كلي وتشققات وتصدعات وأضرار متفاوتة لحقت بـ(113) منزلا تاريخيا في تلك الحارة والحارات المجاورة لها وهذا ما أكده رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية ناجي ثوابة ، ولم يقف العدوان عند هذا الحد بل استهدف هذه المدينة وبشكل مباشر للمرة الثانية في التاسع عشر من سبتمبر الماضي حيث وقع القصف في حارة الفليحي على احد منازل المواطنين ( حفظ الله العيني) ونتج عن هذا القصف تدمير ذلك المنزل وأضرار بالغة أصابت (60) منزلا تاريخيا في عدد من الحارات المحيطة بموقع القصف ، فيما تشير إحصائيات إلى أن قرابة (200) منزل تضررت من هذا القصف ، ولم تكن هذه نهاية المآسي لمدينة صنعاء القديمة نتيجة العدوان فقد استهدف ولمرات عديدة مجمع العرضي التاريخي الموجود في محيط المدينة كان اشد تلك الاستهدافات في العاشر والثامن عشر من يونيو أيضا في 20 سبتمبر الماضي .
خرائب أثرية
في منتصف يونيو طال القصف مدينة مارب القديمة وفي 22 من الشهر نفسه طال قصف العدوان أيضا متحف عتق بشبوة محدثا فيه أضرارا لابأس بها ، ونالت محافظة حجة نصيب الأسد من قصف العدوان في شهر يونيو ففي يوم واحد 26 استهدف العدوان حصن الشرف في مدينة حجة والقشلة وقلعة المنصورة والمجمع الحكومي القديم وكلها في ميدي بالإضافة إلى خرائب قلعة الإدريسي وخرائب الجوبة وخرائب الخور في ميدي فضلا عن استهداف خرائب العلالي في مديرية بكيل المير وحصن قفل حرض وخرائب جبل جحفان في حرض أيضا .
كما طال القصف قلعة صيرة ومتحف عدن( قصر العبدلي) وذلك في الثاني والعشرين من يونيو الماضي .
مدينة كوكبان التاريخية
شهد منتصف شهر أغسطس الماضي قصفا وقع على محيط مدينة كوكبان التاريخية في محافظة المحويت وكان الاستهداف خارج أسوار المدينة وبالتحديد مبنى نادي كوكبان ومكتب المياه بيد أن قرب الغارات من أسوار المدينة تسبب في تضرر عدد من المنازل التاريخية في المدينة ، وتمادى العدوان في غيه بحق كوكبان وعمل على استهدافها مرة أخرى وبطريقة وحشية في الرابع عشر من فبراير الماضي وكان القصف شديد التدمير وقع مباشرة على القلعة والبوابة التاريخية الوحيدة لكوكبان ، ويقول مدير فرع هيئة الحفاظ على المدن التاريخية بالمحويت نبيل مقدام إن الأضرار والتدمير الذي خلفته الغارات كان كبيرا جدا حيث دمرت القلعة والبوابة كما دمرت (30) منزلا تاريخيا بصورة كلية وأضرار بالغة لحقت بـ(60) منزلا آخر وبعضها بحاجة إلى سرعة ترميم لإنقاذها من الانهيار .
أما في السابع عشر من سبتمبر فقد شمل القصف جامع حبور ظليمة بعمران ، وفي شهر نوفمبر من العام الماضي وصلت العدوان بغاراته إلى المعالم التاريخية لمحافظة شبوة واستهدف في الثاني عشر من نوفمبر حصن نجد الميزر في بيحان محدثا فيه تدميرا بالغا وصلت نسبته إلى 60 % ، وفي السادس عشر من الشهر ذاته تم استهداف حصن الترب ببيحان احد ابرز الحصون الأثرية في شبوة ويطلق عليه اسم حصن القشوع وتدمر هذا الحصن بصورة شبه كلية جراء هذا الاستهداف ، وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي كرر العدوان استهداف العديد من المواقع والمعالم كما سبق ذكره ، كما لا ننسى ان نذكر المعالم التي قصفت منذ مطلع العام الجاري منها مبنى بيت مال المسلمين ومبنى قديم يخص احد الأئمة وكليهما في منطقة مسور بعمران وتم استهدافهما في نفس اليوم 14 فبراير وتم تدميرهما بشكل تام ، ويوم الخميس 17 مارس 2016 عمد العدوان في قصف قلعة حريب الأثرية في بيحان مارب .
أضرحة وقباب
إذا كان العدوان قد قصف الكثير من مواقع التراث اليمني فإن أدواته من القاعدة وداعش سارت على النهج نفسه وهذا ليس بغريب فالأخيران امتدادا لهذا العدوان ، فقد نفذت هذه الأدوات العديد من العمليات التدميرية استهدفت بعضا من مواقع التراث وذلك في المناطق والمحافظات اليمنية التي لا يتواجد فيها الجيش و اللجان الشعبية وتأتي الأضرحة في مقدمة تلك المواقع فضلا عن الكنائس في مدينة عدن ، ففي السادس من اغسطس الماضي تم تدمير قبة الإمام السقاف في منطقة الوهط محافظة لحج والتي يعود تاريخها إلى ما قبل 700 عام وفي اليوم التالي هدمت قبة الحبيب محمد بن صالح في مدينة الشحر بحضرموت ويزيد عمرها عن 800 عام ، وفي التاسع عشر من سبتمبر الماضي تم تخريب قبة الشيخ يعقوب في المكلاء وهي قبة تاريخية يعود تاريخها إلى سنة 553 هجرية ، وفي الخامس من نفس الشهر دمرت قبة عبدالهادي السودي في مدينة تعز يعود تاريخها إلى سنة 640 هجرية ، أما في السادس والعشرين من نوفمبر فقد هدم هذا التنظيم قبة الشيخ مدافع بن احمد المعيني في مدينة تعز ، بالإضافة إلى مقبرة الشيخ إسماعيل في مدينة الشحر بحضرموت في منتصف فبراير من العام الحالي ، وبعدها بثلاثة أيام فقط أزال التنظيم مجموعة من الأضرحة والقباب التاريخية في مدينة غيل باوزير بحضرموت ، لقد دمر وخرب تنظيم القاعدة الكثير من الأضرحة والقباب التاريخية حيث أكد مصدر مسؤول في محافظة حضرموت أن القباب والأضرحة التي دمرتها القاعدة في حضرموت تزيد عن (20) قبة وضريحا بحجة أنها أماكن للشركيات والبدع .
شبام حضرموت
لازالت أذهاننا مشدودة لكل الجرائم التي مورست ضد تراثنا وحضارتنا خلال عام من عمر هذا العدوان ولعلنا نسترجع جميعا تلك الحادثة الإرهابية والانفجار الكبير الذي استهدف إحدى النقاط العسكرية القريبة من مدينة شبام حضرموت في 20 نوفمبر من العام المنصرم وكما أوضح مدير فرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بشبام حضرموت حسن عيديد أن هذا الحادث الإرهابي الذي وقع على بعد 30 مترا فقط من أسوار شبام أدى إلى أتضرر ما يقارب (160) منزلا تاريخيا في المدينة منها (10) منازل إضرارها جسيمة و (65) متوسطة الأضرار و(85) أضرارها بسيطة فضلا عن تضرر ما يزيد عن (70) منزلا في منطقة السحيل الواقعة ضمن مخطط الحفاظ الخاص بشبام حضرموت كونها تحتوي منازل تاريخية كثيرة معظمها تضرر جراء هذا الحادث الإرهابي.