حطموا قاربهم وتركوهم يموتون غرقا
حمدي دوبلة
لا يزال الصياد محمد يحيى نهاري وهو صياد بسيط من أبناء منطقة الحيمة الساحلية بمديرية الخوخة في حالة من الذهول والصدمة ولم يصدق ما فعله “الأشقاء الخليجيون”ممن يتشدقون مساء وصباحا بأنهم تدخلوا في اليمن من أجل إنقاذ شعبه من عصابات الانقلاب وتمكينهم من الحياة الكريمة وتوفير الأمن والأمان إلى آخر ما يقال من هذه الترهات.
كان هذا الصياد قبل أيام قليلة مع 20 من زملائه الصيادين على متن قاربه في رحلة صيد قبالة سواحل الخوخة وبالتحديد في المنطقة البحرية الممتدة مابين “المتينة وزقر” وبعد أن قاموا بإلقاء شباكهم في البحر داهمهم قارب عسكري تابع لتحالف العدوان السعودي وعلى متنه جنود بدا من لهجتهم أنهم سعوديون أو إماراتيون وبعد أن قام هؤلاء الجنود بتفتيش القارب وتأكدوا تماما بأن لا شيء على متنه سوى معدات الصيد التقليدية وجهوا زورقهم الحربي صوب قارب الصيادين ليصطدم به من الخلف محدثا به أضرارا كبيرة وفجوات تدفقت على أثرها مياه البحر بكثافة إلى القارب وسط صيحات واستغاثات هؤلاء الصيادين الذين بدأوا يغرقون فعليا تحت أنظار الجنود.
يقول الصياد النهاري لم نظن للحظة بأنهم سيتركوننا نموت غرقا فهم في الأخير عربا ومسلمين ويشهدون أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله لكن هؤلاء الأوغاد فعلوها وغادروا بقاربهم العسكري “المُطًهم”مسرح جريمتهم غير آبهين بالضحايا وهم يغرقون ولم يكتفوا بذلك بل كانوا يرددون شتائم وسباب للصيادين ولليمن عموما مثل “موتوا كالكلاب وان مثل دم اليمني كمثل دم الكلب لا قيمة له”وغير ذلك من التفاهات التي تنم عن مدى الحقد الدفين الذي يكنه لنا بعض أشقائنا دون أن نرى أسبابه وخلفياته.
وقعت هذه الجريمة كما يقول هؤلاء الصيادون في الليل عند حوالي الساعة الثامنة وكابدوا طوال تلك الليلة وتشبثوا بحقهم في الحياة حتى آخر رمق وتعلقوا في بقايا ألواح قاربهم الغريق “ودبات” البلاستيك المخصصة للشرب والوقود وفي “سقوب” وحبال الشباك الممتدة لمسافات طويلة في البحر وظلوا يصارعون الموت بكل قواهم إلى منتصف اليوم الثاني عندما غامر زملاء لهم كانوا على الشاطئ في انتظار عودتهم وعندما تأخروا عن الرجوع خرجوا للبحث عنهم ليجدوا الصيادين في حالة يُرثى لها وقد أو شكوا على الهلاك لولا عناية الله وألطافه بهؤلاء المساكين.
هذه الجريمة المشهودة تضع أمامنا عدة تساؤلات وتفرض علينا توجيه رسائل إلى عدة أطراف محلية وإقليمية ودولية..تُرى أي نوع من البشر هؤلاء الجنود الخليجيين وهل ينتمون إلى عالم بني البشر وهل تعتقدون أن إنسانا سواء كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا أو حتى وثنيا قد يفعل ما فعله إخوة الدين والعروبة؟وماذا فعل هؤلاء المساكين البؤساء حتى يعدمون بدم بارد? ..هل كان صالح والحوثي متخفيين في قاربهم وفي ثنايا شباكهم أم أن إيران المجوسية تراءت للجنود من أعماق ذلك القارب وأفزعتهم؟ ماذا قيل لهؤلاء الأوغاد من قبل قياداتهم وأسيادهم في قصور وأبراج عواصم دول العدوان قبل أن يرسلونهم إلى ارض اليمن وسماواته وجباله وبحاره؟وهل يقر ملوك “الحزم” وأمراء الخزي والرذيلة مثل هذه التصرفات؟ هذه بعض الاستفسارات الملحة التي تفرضها هذه الحادثة الأليمة التي تؤكد بما لا يقبل الشك بأن جرائم استهداف المدنيين جميعها والمستمرة منذ عام والتي كان آخرها مجزرة سوق الخميس بمديرية مستبأ بحجة يوم الثلاثاء الماضي ما هي إلا جرائم متعمدة ومع سبق الإصرار والترصد..وان الحديث عن عوامل الخطأ لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال.
ونحن نسرد بعض تفاصيل هذه الجريمة بحق هؤلاء الصيادين لن نرفع من حجم طوحاتنا ونخاطب الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية حول هذا العالم المفتون بأموال ونعماء بني سعود بل نوجه تساؤلا بسيطا للمنظمات الحقوقية المحلية ورجال القانون من أبناء اليمن والى تلك اللجان المدنية والرسمية المسئوولة عن رصد وتوثيق جرائم العدوان ونستفسر هل ستمر هذه الجريمة مرور الكرام أم ستنال الاهتمام الكافي وسيتم تشكيل فريق للنزول إلى منطقة الحيمة في الخوخة لمقابلة جميع الصيادين الذين كانوا على متن قارب الصياد محمد نهاري ليلة الجريمة وأخذ أقوالهم وشهاداتهم وكذلك أخذ أقوال الشهود من المنقذين وكذا زيارة مسرح الجريمة حيث يقبع القارب المنكوب خاصة وان الجريمة لم يمر على وقوعها سوى أيام قليلة وأخذ كافة التفاصيل عن محنتهم وما لاقوه ويلاقيه غيرهم من الصيادين البؤساء على أيدي هذه الكلاب المسعورة ممن باتوا يسرحون ويمرحون في شواطئنا وبحارنا وينكلون بأبناء هذه البلاد..أم أن الأمر لا يستحق العناء فحياة اليمنيين كما يقول ويعتقد أولئك الأوغاد بلا قيمة ولا تساوي شيئا؟
ويبقى السؤال المهم ذلك الذي يجب أن يُوجه إلى مناصري العدوان من أبناء هذه الأرض ..هل مازلتم وبعد كل هذه الجرائم المروعة بحق أبناء الشعب اليمني تعتقدون أن العدوان إنما جاء لمصلحة اليمن وعزة أبنائه؟.. مجرد استفسارات من قلب مصدوم ومكلوم من هول ما بات يُفعَل بنا من قبل هذه الكلاب المسعورة..مصحوبة بتطلعات نتمنى من لجان الرصد والتوثيق لجرائم وانتهاكات العدوان أن تُترجمها إلى إجراءات على الواقع وبما يؤدي إلى معاقبة القتلة والمجرمين في الدنيا ولو بعد حين أما عقاب الله فهو آت لا محالة وسيدفع القتلة وحكامهم أثماناً باهضة جراء هذه المجازر المروعة “وإن بطش ربك لشديد”.