دماء الفقراء ومؤامرة الأثرياء ..؟!!
طه العامري
يواصل العالم صمته المطبق والمهين تجاه الدماء التي تنزف في أرجاء الوطن العربي من اليمن إلى سورية والعراق وليبيا ومصر وفلسطين والصومال والسودان, دماء لم يكترث لها العالم ولن يكترث لها كون هذا العالم المليْ بالنفاق والخداع والمتعطش لدماء الأبرياء التي تهدر مقابل نمو وتزايد صفقات الأسلحة , وفي سبيل تحقيق المزيد من الثراء للشركات الغربية المصنعة للأسلحة ومن أجل اتساع رقعة ومناطق النفوذ الغربي الراغب في إعادة السيطرة والهيمنة على مناطق مليئة بالمواد الخام وعلى طرق إمداد هذه المواد وبما يكفل للشركات العملاقة البقاء على نشاطها وتحصين اقتصاديات العالم الحر على حساب إبقاء العالم النامي بكل أحلامه وتطلعاته تحت دائرة العبودية والاستبداد والسخرية غالبا بما في ذلك أولئك الذين يرتبطون بزواج كاثيليوكي مقدس الذين لم يسلموا من ابتزاز الغرب وشركاته ولن يسلموا من تداعيات العلاقة مع هذا الغرب في سياق القادم الزمني بكل ما يحمل من مفاهيم ومتغيرات حضارية واجتماعية .. دماء تراق هنا وهناك وعلى امتداد الخارطة الجغرافية القومية للأمة العربية , والأمر نفسه ينسحب على العالم الإعلامي ومع كل هذا فان المطلوب ” غربيا واستعماريا ” هو المزيد من إراقة الدماء والمزيد من الحروب العبثية وغير العبثية في سياق النزوع الاستعماري نحو السيطرة على قدرات العالم وربطها بعجلة نفوذه بما يجعل العالم ” النامي ” بمثابة أسير قهري لدى الكارتل الاقتصادي الاستعماري , وهذا ما عبر عنه صراحة ذات يوم الملياردير الأمريكي الشهير ” روكفلر ” الذي قال ” نحتاج لقتل ثلث سكان العالم حتى نتمكن من إطعام بقية سكان هذا العالم ” ..؟!! حروب عبثية نعيشها ونستمر السير فيها ونحوها , بل ونسعى لإشعال هذه الحروب ونختلق لها الدوافع والأسباب ونسوق لأجلها وفي سبيلها المبررات والذرائع , حروب قد لا تأتي لدوافع مقبولة وطنية كانت أو دينية , بل نعمل بغباء رخيص على تفجير الحروب هنا وهناك وإعطائها الذرائع على خلفية وهمنا واعتقادنا أننا نفعل هذا من أجل أهدافنا أو مصالحنا مع أن الحقيقة تقول إن كل حرب تنشب هنا أو هناك وبين أي طرف كان من الأطراف المحلية وطنيا وقوميا , هذه الحرب وأيا كانت مسوغاتها فان مكاسبها تذهب لشركات ما وراء البحار بغض النظر عن مزاعم جدلية الربح والخسارة التي يسوقها أطراف الصراع وتعد الحروب الأهلية أحد أهم مصادر نمو الاقتصاد الاستعماري الذي يعمل على تغذية مثل هذه الحروب حيث تصبح عن كل ساحة حرب بمثابة سوق للاقتصاد الغربي الاستعماري القائم أصلا على فلسفة ” الليبرالية المتوحشة ” وهي فلسفة ترى أن تقدم الغرب وتطوره وراحة ورفاهية مواطنيه هدف مرهون تحقيقه بدوام السيطرة على منابع المواد الخام وعلى طرق امداداته , وهذا الفعل مرهون بدوره على بقاء الصراع والتناحر داخل المجتمعات الفقيرة , وها هي إفريقيا القارة السمراء خير دليل على هذا , حيث المواد الخام النادرة المتوفرة فيها مثل الألماس والذهب واليورانيوم وهي مواد يتسابق الكبار على السيطرة عليها وعلى استغلالها , تنقيبا وتسويقا وإنتاجا , وهي أهم المواد التي يفترض أن تعود على البلدان المنتجة لها بالرفاهية والثراء , غير أن الإرادة الاستعمارية جعلت من الدول الأفريقية المنتجة لهذه الحروب ساحة للحروب والصراعات الأهلية , بل ومن أكثر الدول فقرا وتخلفا وجوعا وتنتشر فيها كل الأمراض والعاهات الاجتماعية المختلفة , لماذا لأن استقرار هذه الدول يعني سيطرتها على مواردها وبالتالي حرمان الشركات الاستعمارية من احتكارها , لهذا نجد أن الصراعات والحروب تشتد وتدوم في المجتمعات الفقيرة التي تكثر في باطنها الثروات لكن ممنوع استغلالها إلا بإذن الشركات الاستعمارية الكبرى الحاكمة للعالم .. في اليمن ثروات هائلة مخزونة تحت الأرض وعلى الهضاب والجبال , وهذه الثروة هي سبب العدوان والصراعات الداخلية وهي السبب وراء صمت العالم عن كل ما يجري في اليمن على يد دول التحالف التي لم تأت حبا بشرعية ” رئيس ” ولا رغبة بنصرة اليمنيين فمن يناصر شعب أو يحرص عليه لا يعمل على إبادته, لكن للحرب أجندة متعددة إقليمية ودولية, وحدهم أطراف الصراع الداخلي ومن تسببوا بالعدوان أغبياء لا يدركون حقيقة مناصرة الخارج لهم ولا يدركون حقيقة دوافعه جراء هذه المناصرة المزعومة ..؟!!