السعودية تهرب إلى الأمام !!
أحمد يحيى الديلمي
لا شك أن الفشل الذريع الذي مني به نظام آل سعود أمام قوة وعظمة وبسالة الجندي اليمني وكل المقاتلين الذين مزقوا آمال وأوهام هذا العدو المتغطرس هذا الفشل حطم الحقد الهستيري المتراكم في أعماق آل سعود ضد اليمن وضد كل ما هو يمني وحال دون تحويل هذا النظام إلى شرطي في المنطقة يمثل ويحمي المصالح الأمريكية ، التجربة في اليمن أكدت عدم قدرته على القيام بهذا الدور واستكمال ترجمة مشروع الشرق الأوسط الاستراتيجي على أرض الواقع .
من أبرز بنود المشروع :-
* حرف بوصلة الصراع من الأرض المحتلة في فلسطين إلى إيران ودول عربية أخرى .
* كسر القيود والحواجز النفسية بين العرب ودولة الكيان الصهيوني .
* تعويد الشارع العربي على القبول بإسرائيل كدولة في الخارطة العربية .
* استكمال قواعد التطبيع كاعتراف بالأمر الواقع وصولاً إلى إقامة علاقات متينة بين العرب وهذا الكيان الدخيل .
هذا الفكر المنحرف عن إرادة الأمة وتطلعات شعوبها لم يكن جديداً لكنه مكمل للمهام التي اُنيطت بنظام بني سعود منذ أن تأسست هذه الدولة وتزامن قيامها مع قيام دولة الكيان الصهيوني . من ذلك التاريخ وهي تمهد لخدمة الدولة الخطيئة فالمؤشرات تقول أن قرار الملك فيصل في 1973م المصاحب لحرب أكتوبر وقف تصدير النفط لأمريكا وأوروبا مثل صدمة ومفاجأة كبيرة للمجتمع الغربي وعلى وجه الخصوص أمريكا وإسرائيل لذلك بادرت أمريكا إلى تصفية الرجل جسدياً عبر توظيف وغسل دماغ أحد أفراد الأسرة أبن أخ الملك فيصل بن مساعد ابن عبد العزيز حيث نقلت تقارير عن صحف أمريكية أن المخابرات الأمريكية وظفت إحدى الفتيات لغسل دماغ الشاب السعودي والتأثير عليه حتى اقتنع بالدور البطولي الذي سيدخل به التاريخ إذا اغتال عمه الملك ، وذكرت نفس التقارير بأن أمريكا هي التي طلبت من السعودية مقاطعة مصر والرفض المطلق لاتفاقية كامب ديفيد حتى تتصدر الموقف المعارض وتستأثر بلباب الشارع العربي وقد عملت ذلك بما في ذلك تمويل نقل الجامعة العربية إلى تونس بدلاً من القاهرة وأظهرت السعودية في هذا الجانب موقفاً متشدداً وطلبت من دول الخليج أن تقتدي بها في سبيل تشكيل الصورة الذهنية لدى المواطن العربي بأن السعودية تدافع عن القرار والإرادة العربية . في نفس الوقت بادر هذا النظام إلى التآمر على الجامعة العربية في عدة مراحل بدأت بالتشكيك في معنى القومية العربية باعتبارها دعوة شوفينية تتعارض مع منطق الإسلام والمبادرة إلى إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي كحلقة بديلة عن الجامعة العربية أو على الأقل موازٍ به لها تجرد الجامعة من الاهتمام بالقضايا الإسلامية والتمهيد للصراع الفكري بين العروبة والإسلام .
في هذا الجانب استطاعت السعودية أن تخطو خطوات هامة انتهت إلى إقناع الشارع العربي بضرورة الاستسلام والخنوع للهيمنة الأمريكية باعتبار أن أمريكا هي مصدر الحل والعقد في العالم والتمهيد لفكرة الانتقال من مرحلة المقاومة لدولة الكيان الصهيوني إلى القبول بالسلام فكانت المقدمة إعلان مبادرة السلام التي تقدم بها الملك عبد الله بن عبد العزيز حينما كان ولياً للعهد وتم تعريبها في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002م إلا أن هذه الخطوة لم تصمد طويلاً فلقد ظهر في السطح حزب الله اللبناني ككيان قوي أعاد للمقاومة بريقها وسطوتها وهيأ الظروف لعودة المقاومة الفلسطينية إلى الواجهة واستطاع حزب الله في 2006م أن يكسر هامة دولة الكيان الصهيوني وهو ما جعل سعود الفيصل يصف ما حصل بالمراهقة المغامرة غير المحسوبة العواقب ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد لكن السعودية حاولت تقويض حزب الله عملياً من خلال تسليط القوى الموالية لها في لبنان لإسقاطه عسكرياً ، هذه الخطوة منيت بالفشل وعاد حزب الله إلى الواجهة كقوة يحسب لها حسابها في المنطقة بالذات من قبل دولة الكيان الصهيوني والدول الداعمة له .
مما تقدم نلاحظ أن الموقف الذي اتخذته السعودية ودول الخليج تجاه حزب الله باعتباره منظمة إرهابية لم يكن وليد الصدفة فالنية مبيته تترقب اللحظة المناسبة فوجدت في مرحلة الانكسارات العربية التي أعقبت ما سمي بثورة الربيع العربي الفرصة للتأثير على مكانة الحزب في الأجواء العبثية انحدر نظام بني سعود إلى منزلق المجاهرة بالفاحشة والتباهي بتطبيع العلاقة مع دولة الكيان الصهيوني في ظل جبهة الاستنزاف وتدمير مقدرات الشعبين اليمني والسوري إضافة إلى ما يجري في العراق وكان للصمود السوري دورة كون سوريا محور الممانعة في دول الطوق المحيطة بالكيان الصهيوني ما ضاعف من هواجس الخوف لدى الكيان السعودي وصول أمريكا إلى قناعة تامة بعجز النظام السعودي عن القيام بالدور المنوط به كشرطي في المنطقة والفشل في عن تقليص معنويات التعاطف مع قضية فلسطين المحتلة وإرباك الأوضاع ومن ثم جاءت مرحلة العدوان الهمجي السافر على اليمن لتكشف عن حالة الهستيريا والحقد المتأصل لدى نظام بني سعود . وعندما فشل هذا النظام في تحقيق الأهداف والغايات المرسومة سلفاً عاد إلى مرحلة الإحساس باليأس والتخبط والرهان على المال بكل آثامه في شراء الضمائر والإرادات فكرة الإمعان في الحرب النفسية واستخدام كل أساليب التهديد والوعيد ضد كل من يتحدث عن مظلومية الشعب اليمني ، وضع حزب الله وقائده الشجاع السيد حسن نصر الله في صدراة الاستهداف وربطه بالإرهاب كأن هذا النظام قدر الهروب إلى الأمام بعد الفشل الذريع في التأثير على معنويات اليمنيين وزيادة إرباك الأوضاع رغم موجات الإرجاف والتهويل وفبركة أخبار ملفقة وترويج إشاعات كاذبة عن انتصارات وهمية في الواقع اليمني لا وجود لها إلا في ذهنية من يكبتها . كل الدلائل تؤكد هشاشة نظام بني سعود وسهولة جره إلى مجاهل الغواية واستنزاف ذاته وهذا يعني أن عورة هذا النظام قد انكشفت نهائياً وان أمريكا بدأت البحث الجاد عن نظام أكثر قدرة على ترجمة أهدافها وغاياتها المرسومة مما يوحي أن لحظات السقوط قد آنت وأن هذا النظام إنما يكابر بفكرة الهروب إلى الأمام ومحاولة توزيع التهم الباطلة يميناً ويساراً من باب الحفاظ على ماء الوجه إن كان بقي في هذا الوجه قطرة ماء .
والله من وراء القصد ..