متابعة/ قاسم الشاوش
في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة السباق المحموم إلى البيت الأبيض بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري تشهد الانتخابات التمهيدية بين المتنافسين في ولايات أمريكا الأكثر أهمية خلافات شديدة حول العديد من القضايا والملفات الدقيقة والحساسة على صعيد السياسة الداخلية والخارجية وابرز هذه الملفات ملف الهجرة الذي يعد ملفاً هام بالنسبة للمرشحين من أجل كسب أصوات المهاجرين في هذه الانتخابات فيما يخص القضايا الخارجية في مقدمتها الدعم الأمريكي لاسرائيل والصراع في المنطقة حيث تخلوُ برامج المتنافسين من تناول الحرب على اليمن وسوريا وما يحدث في منطقة الشرق الأوسط من صراعات هي في حقيقة الأمر الداعم الأكبر لهذه الحروب مع خلفائها في المنطقة.
ويرى خبراء ومراقبون لهذه الانتخابات بان التركيز على ملف الهجرة أن من يمثلون أمريكا كلهم مهاجرون وليسوا بمواطنين أصلين وبذلك فإن ملف الهجرة سيأخذ حيزاً أكبر من برامج المتسابقين على البيت الأبيض لكسب ثقة المهاجرين.
وقد تحول ملف الهجرة لمادة دسمة لحملة المرشحين الديمقراطيين كلنتون وساندرز.
وفي هذا السياق تواجه المرشحان الديمقراطيان في الانتخابات الرئاسية الأميركية هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز بقوة خلال مناظرة أمس بعد الفوز المفاجئ لساندرز في ميشيغان.
وتركزت المناظرة، التي تأتي قبل ستة ايام على موعد انتخابات تمهيدية حاسمة في فلوريدا، على موضوع الهجرة خصوصًا، وكان على المرشحين الإجابة عن أسئلة محددة من بينها ما كانا سيقومان بترحيل أطفال لا يحملون وثائق رسمية من الولايات المتحدة.
وأكد المرشحان أنهما يؤيدان إصلاحا شاملاً لنظام الهجرة لتسهيل إجراءات الحصول على الجنسية الأميركية خصوصًا وأن هناك 11 مليون شخص يقيمون بشكل غير شرعي في البلاد.
في المقابل، فإن كل المرشحين الجمهوريين لا يريدون تسهيل حصول هؤلاء على الجنسية حتى أن المرشح الأوفر حظاً دونالد ترامب أعلن انه سيقوم بترحيل الملايين.
لكن فلوريدا تضم جالية كبيرة من الناطقين بالاسبانية، ولذلك يريد كل من ساندرز وكلينتون ضمان تأييد هذه المجموعة، وكلاهما سارع إلى القول انهما لن يطردا أطفال المهاجرين غير الشرعيين أو البالغين الذين لا يحملون أوراقا ثبوتية ولم يرتكبوا أي جنح أو جرائم.
ويشكل موقف ساندرز وكلينتون تغييرًا عن نهج الإدارة الأميركية برئاسة باراك اوباما، التي تعرضت للانتقاد بسبب سياسات الترحيل الصارمة التي تطبقها.
وقالت كلينتون: “لن أقوم بترحيل أطفال بل سأعطي الأولوية لترحيل المجرمين والإرهابيين وكل ما يهدد أمننا”، وأضافت أنها تريد أيضا “وقف المداهمات وترحيل الأشخاص المقيمين هنا والذين يقومون بأعمالهم”.
أما ساندرز فكان أوضح في إظهار اختلافه مع اوباما، وقال إن الرئيس الأميركي “مخطئ حول موضوع الهجرة وأنا مختلف معه في هذا الموضوع”.
وانتقدت كلينتون ساندرز لأنه صوّت ضد مشروع إصلاح قانون الهجرة في العام 2007م. إلا انه رد بأن كلينتون اتخذت مواقف معادية للمهاجرين في العقد الأول من الألفية الحالية، مثل منع إعطاء رخصة قيادة للمهاجرين غير الشرعيين.
واختلف المرشحان أيضا حول العراق وحول علاقة كلينتون مع وول ستريت وسياسة التأمين الصحي ودعم الولايات للجامعات.
ماراتون
ولم يتردد المرشحان في زيادة حدة انتقاداتهما لبعضهما البعض، خصوصا وان فوز ساندرز قبل 24 ساعة في ميشيغان أعطى حملته زخمًا، بينما كان الفوز متوقعًا لكلينتون.
إلا أن وزيرة الخارجية السابقة بات لديها أكثر من نصف المندوبين الـ2383 الضروريين لكسب ترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، كما أنها فازت على ساندرز في ميسيسيبي (جنوب).
إلا أن انتصار سناتور فيرمونت في ميشيغان أثار تساؤلات حول قدرة كلينتون على الفوز في ولايات صناعية مهمة في الانتخابات العامة في (نوفمبر).
كلينتون فازت في 13 اقتراعاً من أصل 22 وفريقها لا يزال يتمتع بثقة قوية رغم الهزيمة في ميشيغان. كما ان فوزها الكاسح في ميسيسبي معناه انها تسير بشكل ثابت نحو حصد العدد الأكبر من المندوبين.
إلا أن ساندرز اظهر قدرة قوية على الصمود وكشفت حدة المناظرة أن كلينتون تأخذ حملته على محمل الجد، فقد أقرت “أنه ماراتون”.
خلال المناظرة، واجهت كلينتون أسئلة حول استخدامها لخادم وحساب الكتروني خاص عندما كانت وزيرة للخارجية، ومع أنها أقرت بأن ذلك كان “خطأ” لكنها أكدت أنها “ليست قلقة”.
وعند سؤالها حول ما إذا كانت ستنسحب من السباق الرئاسي في حال توجيه الاتهام إليها في المسألة، أبدت استغرابًا كبيرًا، ورفضت الإجابة عن السؤال، معتبرة أن الأمر غير وارد.
على صعيد الجمهوريين، تعززت حملة ترامب بعد انتصاره الثلاثاء في ثلاث ولايات هي ميشيغان وميسيسيبي وهاواي.
حتى الآن، فاز ترامب في 15 اقتراعًا من أصل 24 ، وهو يتطلع إلى الانتخابات التمهيدية المقبلة في فلوريدا واوهايو وايليونوي التي يمكن أن تمنحه الفرصة لكسب ترشيح حزبه، لان النتائج تحتسب على قاعدة “الفائز يحرز الكل” (اي كامل عدد المندوبين)، وليس بحسب نسبة الأصوات الفعلية.
والخاسر الأكبر الثلاثاء كان سناتور فلوريدا ماركو روبيو، الذي اقر لشبكة “ام اسن بي سي” انه “ليس فخورًا جدًا” باستخدامه لتعابير بذيئة وبأنه سخر من مظهر ترامب في الأسابيع الأخيرة.
ويتعين على كل من روبيو وحاكم اوهايو جون كاسيستش أن يفوزا كل في ولايته في 15 (مارس). وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم ترامب الذي قال لـ “سي ان ان”: “اذا فزت في الولايتين اعتقد أن الأمر سينتهي” بالنسبة إلى المرشحين الآخرين.
وأثار أسلوب وخطاب ترامب غضب بعض الناخبين، خصوصًا من الجمهوريين النافذين، إلا انه يشدد على أن بوسع رص صفوف الحزب.
وانتقدت كلينتون خطاب ترامب ووصفته بأنه “مخالف للمبادئ الأميركية”، مؤكدة أنها “لن تنزل إلى مثل هذا المستوى”.