هل الهدنة في سوريا أم في اليمن ؟!
عبدالرحمن هاشم اللاحجي
في ليلة مفاجئة وبعيدا عن مشاورات فينا وجنيف وجهود المبعوثين الدوليين إلى سوريا طوال الست سنوات الماضية من عمر الأزمة السورية خرج اللاعبان الأساسيان “الأمريكي والروسي” بقرار نهائي ينص على وقف إطلاق النار في سوريا تمهيدا للدخول في مفاوضات مباشرة قد تُفضي إلى حكومة انتقالية تعمل على إدارة المرحلة المواتية لتقسيم الجغرافيا السورية إلى أقاليم متعددة ومتنوعة يغلب عليها الطابع الطائفي وتتقاذفها رياح المشاريع والأطماع الفئوية الضيقة .!
القرار الأخير تم تنفيذه فعلياً على ارض الميدان وسط ترقب حذر من قبل بعض القوى المناوئة في حين اكتفى البعض الآخر بالإعراب عن قلقه كما هو الحال بالنسبة للموقف التركي وهاهو اليوم العاشر تقريبا يمضي على وقع خروقات طفيفة لا تصلح كمؤشر يمكن من خلاله التنبؤ بانهيار الاتفاق أو عرقلة المرحلة القادمة .!
من الطبيعي أن ينعكس ذلك الاتفاق المبطّن على المشهد اليمني فاللاعب الأمريكي يعتقد بأن الفرصة باتت سانحة للوصول إلى “سوريا محدودة ” كما قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل أيام ، ويلزمه فترة نقاهة واستجمام حتى يكمل طبخته التحضيرية ويعدّ وجبته المُرّة وبالتالي كان لابد من تتويه القرار السياسي اليمني عبر تحريك مباحثات السلام اليمنية “كورقة مخادعة” تمكّنه من التفرّغ لما هو (أهم) بنظرة .!
المصالح الروسية في اليمن محدودة مقارنة ببلد كسوريا حيث تتواجد القاعدة الروسية في مياه “طرطوس” وتتحكم بناقلات النفط وأسعارها وتحافظ على المصالح الجيوسياسية للدولة الروسية كما أن الحرب (بلاقاع) التي تشنها المملكة العربية السعودية على اليمن بدعم وايعاز من الجانب الأمريكي لا تحتاج إلى وقف لإطلاق النار كما هو الحال في سوريا إنما لوقف عدوان (اُحادي) على شعب لا يملك سوى بندقية يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى وهذا ما يجري الترتيب له حالياً على أن يكون ذلك بصفة (مؤقتة).!
المزاج الأمريكي في اليمن يسير نحو التهدئة الحذرة، واللاعب الأمريكي يتحرّك كما لو أنه كان تاجراً في رحلة (الشتاء والصيف) فمع اقتراب موسم” البلح” الشامي في فصل الصيف نجد أن الثعلب الأمريكي قد قرر الذهاب إلى بلاد الشام حيث يعتقد أنه سيبيع مخازن التمر الرطب الذي أنهكه (تعليبا وتجفيفا وتخزينا) طوال الفترة الماضية، كما سيعود كعادته إلى اليمن في موسم العنب اللذيذ ليستمتع بأكل عنقوده المرصّع (حبّة بحبّة) كما هي عادة الساسة وصناع القرار لكنه مع الأسف (لن يطال بلح الشام ولا عنب اليمن) لهذا الموسم فلأصحاب الأرض القرار الأول والأخير .!