ن …والقلم.. قلب عبدالمغني…بلا مفتاح !!
عبد الرحمن بجاش
ما زلت عند قناعتي الأولى ببطولة المكان, وفي لحظة يتزاوج فيها بالزمان والإنسان تصبح البطولة مضاعفة , ويكون للمكان حضوره , وللإنسان ألقه , وللزمان ديمومته . المكان شارع علي عبدالمغني , وتحديدا قلبه , كانت ثمة إشارة تنتهي عند مقبرة خزيمة , هناك كان يقف الرجل فارع الطول ((البتول)) , كان لحظتها حديث المدينة , أدبا , خلقا , خجلا , رجل مرور مثالي , تتذكر المدينة حكايته مع أجمل مدير للمرور حسين الثور رحمه الله !! , أما العامري من كرمه ابراهيم الحمدي رحمه الله حين أوقفه في باب السبح ليمر الناس , ترك العامري بشنبه المميز وصوته القوي أثرا في المكان , توقف الزمن لحظة هناك ليستدعيه الحمدي بعد أن ظن الناس بحدوث ما لا تحمد عقباه , ظهر أبو شنب في اليوم التالي برتبة جديدة وبدلة جديدة (( عاش الحمدي )) , فارتاحت مدينة صنعاء لما حدث , وفي التقاطع على الشارع الدائري الأول مع الشارع القادم من الزراعة كان ثمة جندي مرور منضبط آخر يظل المارة وسائقو السيارات يتابعون حركاته المنضبطة ويحرص كل منهم على تحيته , اختفى هو الآخر , وكان عبدالوهاب رجل المرور المثالي في تقاطع كنتاكي, أحرص معظم الأيام على أن أمر عليه والمساح لتحيته فيهش ويبش , ويمازح المساح : (( يا أستاذ آكل كل يوم كدمة وبصل وأكثر منهما , أشتي أموت ولا مت يا صاحبي …حتى الأبيض أبى أن يُميتني!!! )), في تعز ظل العم إبراهيم أشهر رجل مرور عند الباب الكبير عنوانا لمرحلة مميزه حلم الإنسان خلالها بوطن نموذجي , لكنه ضاع !!! , ذهب العم إبراهيم والد محمد زميلنا واختفى معه الأمل !!! . أحمد مفتاح كان في قلب علي عبدالمغني النموذج البطل لإنسان بسيط , مميز , تراه بين الماء إثر المطر , وتحت الشمس الحارقة , لا يفارق القلب , قلب صنعاء العاتبة الآن علينا أننا لم نحافظ على الدفق الذي كان نهرا يتجه إلى نهر اليمن , جف يا صاحبي علي عبدالمغني , وقرر أحمد مفتاح أن يهجر مكانه رحمه لله , بعد أن تغيرت أخلاقيات السائقين حتى والمارة فصاروا لا يلقون حتى بالتحية ,ولم يعد الشارع شارعا يضج بالحياة . أمثال أحمد مفتاح لا يٌهادنون , فإما أن تظل المدينة تسير بعقلها وبقلبها وابتسامتها , أو تتحول إلى آلة من قبح لا يستطيع معها أن يظل يؤشر لها بالمرور , صار مفتاح جزءاً من الشارع والدكاكين والناس , الشمس والليالي قاسية البرودة تحمل كل شيء بابتسامة البسطاء الذين يصلون إلى اللقمة بالكاد , أرى الآن يحيى سرور يمر فلا يجد أحمد مفتاح فيدمع قلبه , ومن هناك ترى د.قايد ناشر صديقي وحبيبي يبكي أحمد مفتاح , والشارع فقد إحدى ضفافه , والمباني واجمات , وأنا هناك امتنع عن دخول عبدالمغني لأن الرداعي هو الآخر ذهب ولم يعد , والطريق لم تعد تؤدي إلى لاهب صاحب السلتة أجمل النفوس كرما , وعبدالرب درهم وأبو شنب الدبعي لم يعودا يشجعان نادي الشعب , وفلاح غاب صوته في الزحمة , بقي علي فلسطين أطال الله عمره وعم عبدالرقيب الفصول الأربعة وفندق المخا يطل على لا شيء!! , الكل يبكي أحمد مفتاح, حتى الحديد سيارات تسير فلا تجد صديقها يؤشر لها , فتخطئ الطريق !!!! . رحمك الله يا صديق الأطفال والنساء الطيبات من يمررهن إلى الاتجاه الآخر والمعاقين والشيوخ كبار السن , وأنا افتقدك .. لله الأمر من قبل ومن بعد .