ن ………..والقلم ما أروعهم !!
عبد الرحمن بجاش
يقولون (( رب ضارة نافعة )) , أليس كذلك ؟ بلى …فهذا المخاض العسير له جوانب إيجابية رغم الوجع , منها إننا كجيران عرفنا بعضنا أكثر , تواصلنا , نلتقي يوميا في الشارع منذ أن استخدمنا أرجلنا في الذهاب والإياب , لا يعني هذا إنني أحبذ الوضع الحالي , لا ,,,فانا أتوق للدولة التي سقفها القانون , وأنا وغيري نجلس تحت مظلته آمنين , اقو ل أن من رحمة رب العباد تهيئة البدائل , فمعظم الصباحات كنت شخصيا اتجه في كل منها إلى وجهة معينه لأتواصل مع الناس , لكن استخدام السيارة تجعلك تخسر التفاصيل , حين استخدم الآن رجلي , وقد تعودت على عدم استخدام السيارة فقد غصت في التفاصيل , أو بالأصح فكل يوم اكتشف جديدا , خاصة لأنني أجالس البسطاء , أبحث عنهم واجلس إليهم , واسمع منهم ويسمعونني , بالأمس الأول جلست بالصدفة إلى شاب بدا على ملامحه هم الكون كله , جلست إليه و((فكفكته)) حتى انفرجت أساريره , تحدثنا حوالي الساعة , وذهبت , بالأمس عدت إلى نفس المكان , لألتقي به في نفس الزاوية من نفس مكان اليوم الأول , لاحظته يضحك , أدركت لماذا ؟ , بتلقائية الإنسان البسيط المعجون بالعزة والكرامة , سألني : قدنا أقول هذه الصورة اعرفها , قلت : مالك ؟ قال : أنت فلان ولا تقلي , قلت : لا يهم , الأهم إنني استفدت منك , رد سريعا : لا أنا من استفدت فأنت …., قلت أنا إنسان ومن لم يستفد من أي ممن عركتهم الحياة فليس بإنسان , فاجأني وبنقاش سريع حول مستجد اللحظة انه معجون بالفهم , لكنه يستحي من ظرفه الخاص , فالجوع باد على محياه , لكن كرامة وعزة نفس ترتسمان في بريق عينيه عندما يضحك , تحدثنا في أشياء كثيرة , فاجأني مرة أخرى : جلست من بعد ما رحت إلى وقت متأخر اقرأ كتابك , كنت قد أهديت صاحبي علي مزاحم أبو البهارات المحترم الآخر نسخه من (( شهقة الفجر )) , قلت : وسأهديك نسخة, – وفيت بوعدي وبمجرد عودتي إلى البيت أرسلت إلى حيث هو بنسخة عليها إهداء باسمه , أحس الآن بفرحة روحه وهو يحتضنها , فقد كان يتصور إننا نمشي في طريق غير طريقه ولا يمكن لنا أن نلتقي أبدا , لكنني سعيت إلى السير في طريق البسطاء المعجونين بالكرامة وعزة النفس , وقيم عمل تؤسس للأخلاق بيوتا , لأخلص أنها طريق العزة , طريق لا بد لحامل القلم أن يسير فيه إذا أراد أن يفهم سر الحياة , أن يعجن قيمه بقيم هؤلاء الشرفاء ممن ينحتون الصخر وصولا إلى اللقمة الشريفة , أقول لمن لا يزال في قلبه مرض التعالي : انزل إلى الشارع ستجد جواهر الناس تسير على رجلين بدلا من أن تظل تسير على رأسك مغرورا فارغا طبل أجوف كل ميزتك الصوت العالي !!! , ولله الأمر من قبل ومن بعد .