ن……..والقلم…استأذن …وانصرف ؟! (( 5 ))
عبدالرحمن بجاش
● قيل أن جمال عبد الناصر ومحمد علي أفضل من قرأ تاريخ مصر الاستراتيجي منه خاصة , ولذلك أدركا أن أمن مصر يبدأ من شمال سوريا , ويمر خير أو شر مصر من سيناء , وهنا بالتحديد تظهر علامة استفهام كبرى : لم لم يتم إعمار سيناء عبر التاريخ الحديث ؟ لا استطيع الإجابة , أتركه لمن هو ادري مني !! , ولأن سوريا مفتاح الأمن القومي العربي فقد ضربت الجمهورية العربية المتحدة , ونفس القوى التي حاربت عبد الناصر في اليمن تحاول وأد سوريا ما استطاعت , لا أتحدث عن بشار ولا اُشخصن الأمور , أنا أتحدث عن مفتاح أمن مصر وبالتالي الأمن القومي الذي لم يعد له معالم (( سوريا )) . ثلاثية الأمن والأمان في مصر ويدركها المصري العادي بحدسه : النيل , الجيش , الفرعون , فكلما أحس المصريون بالخطر اتجهوا بدون مُعَلٍم إلى النيل , وأنظر إلى مظاهرات 9 و 10 يونيو , وجنازة عبدالناصر التي لم يجد لها عبد الحليم رمضان تفسيرا لحجمها المهول , أنظر أين مرتا !!! . ولأن مصر دولة منبسطة , فالجيش حامي حماها , ومعادلة الديمقراطية والعسكر قد لا تصلح عند النظر تقييما لما جرى ويجري في مصر , فعلاقة الإنسان بالجيش المصري ليست كعلاقة الشعوب الأخرى بجيوشها , وأنظر إلى مفردات الحياة اليومية , فحين يعبر المصري عن رأيه في الشرطة مثلا فيقول : (( وصلوا أولاد ………)) , لكن اسمع أول واحد يمر بجانبك وقد شاهدتما سيارة جيب مارة للشرطة العسكرية المصرية تسمعه يهمس : (( المصريين أهُمَه )) !! , لذلك وإلى أمد منظور فلن ترى رئيسا يحكم مصر من خارج المؤسسة العسكرية , ولا يعني هذا إنني من أنصار حكم العسكر , لا وبالمطلق , ويكفينا ما حل بنا ولا يزال !! , وسامح الله جمال عبدالناصر فلو كان ترك أمر ثورة سبتمبر هنا للجناح المدني لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه , لكنه ربما ظن أن ثورة يوليو ستتكرر هنا , لم يكن يدر بخلده أن الجماعة فتحوا أعينهم على الأراضي أبو شارعين وتركو أمر ما بعد الثورة للصدفة فقد تبين أنهم لم يدروا ما يفعلون من يوم 27 سبتمبر 62م!!! . أدرك هيكل بحدسه المهني سر مصر في ثلاثية الأمن والأمان , فوضع كالمصري القديم موقع الفرعون موقع الاحترام والتبجيل , فتراه وبرغم خلافه مع السادات إلا انه ظل يتعامل مع موقع الرئيس باحترام وتبجيل , يسري الأمر على تعامله مع مبارك الذي عرفه قبل أن يكون رئيسا في مكتب الفريق صادق حيث تحدثا لدقائق , في أول لقاء , يقدم له مبارك من صندوق فاخر سيجارا (( فاخرا )) : أتفضل يا محمد بيه , فيتشممه هيكل كما يفعل من يعرف أسرار السيجار , يبتسم يقول لمبارك : هذا النوع ليس فاخرا , فيجادله مبارك , ولأن هيكل تعامل تعامل الند مع الآخرين أياّ كانوا وارتقى بنفسه صحفيا , فيصر على أن سيجار مبارك ليس الأفضل , ويستأذنه : في سيارتي علبه , يأمر مبارك مرافقه أن يأتي بها من سيارة (( محمد بيه )) , يعود المرافق , يتناول واحدة ويعطيها لمبارك الذي ما أن يأخذ أول نفس إلا ويقول له : بالفعل يا محمد بيه سيجارك هو الأفضل , ويأمر مرافقه أن يكتب العنوان الذي منه يأتي هيكل بالسيجار!!! , نفس الندية والذكاء تجلى عند خروج مجموعة سبتمبر وذهابها إلى القصر الجمهوري , قال مبارك : لنسمع محمد بيه نيابة عنكم , لكن هيكل الذي كان يراقب ما أوحت له مهنيته للمراقبة كلون البدلة رد : لقد اخترنا فؤاد سراج الدين متحدثا وتخلص من المأزق , وبقي لديَّ ما أقول .