الجيش واللجان !

عـــبدالله عــلي صبري
– يبدع المجاهدون ويسطرون أروع الملاحم في الميدان دفاعاً عن الوطن وذودا عن حياضه، فيما لا يزال الهيكل الناظم للجبهة العسكرية خارج سياقات حقائق الواقع، لأن تسمية الجيش واللجان بهذا الشكل هو – من وجهة نظري- تقزيم للدور الكبير الذي يضطلعون به في الميدان.
لقد كان مفهوما أن يطلق مصطلح اللجان الشعبية على المجاميع العسكرية والأمنية التي اضطلعت بمهمة تأمين العاصمة صنعاء، في ظل الفراغ الأمني بعيد توقيع اتفاقية السلم والشراكة، وإعلان انتصار الثورة الشعبية في 21 سبتمبر 2014م، بيد أن المهمة  كانت أكبر وأشمل منذ بدء العدوان على اليمن قبل نحو 11 شهرا.
وإذا كانت متلازمة الجيش واللجان الشعبية، قد وصفت جانباً من حقيقة التلاحم بين اللجان الشعبية مع القوات المسلحة، التي تعرضت لإعادة الهيكلة خلال الفترة الانتقالية اللاحقة لاتفاق تسليم السلطة في 21 فبراير 2012م، فإن اللغط حول الجيش ونسبته إلى عائلة الرئيس السابق، ثم اتهامه من قبل مرتزقة الرياض بالولاء لما يسمونه بتحالف (الحوثي – عفاش)، قد أظهر الجيش وكأنه مجرد أداة بيد اللجان الشعبية، وهو ما سمح أيضاً بالتقليل من شأن الجيش عند البعض من داخل القوى المناهضة للعدوان، يقابله – من باب ردة الفعل- تضخيم لدوره على حساب اللجان الشعبية لدى البعض الآخر.
والحقيقة أن المقاتل اليمني مشهود له بالبأس والحرفية سواء كان في الجيش أو اللجان، ولا تجد المقاتل اليمني عاجزا أو مهزوماً إلا عندما يفقد البوصلة، وتعزب عنه القضية أو العقيدة التي يدافع من أجلها.
وقد وحدت يوميات العدوان الجيش واللجان تحت قضية واحدة، فظهر البأس والصمود إلى جوار الخبرة الحربية، وتناغمت الخطط الاستراتيجية، بين توغل في الجبهات، وتفعيل للقوة الصاروخية، وللعمل الاستخباراتي، وغير ذلك من شؤون الحرب، وأساليب إدارة المعارك هجوماً ودفاعاً. وقد مزج المقاتل اليمني بين الرؤى النظرية، وبين الخبرة العملية، فقدم تجربة ملهمة، تستحق أن تدرس في الأكاديميات العسكرية.
لكن قبل ذلك يجدر الاستفادة من هذه التجربة على الصعيد الداخلي، واستثمارها سياسياً ووطنياً، من خلال دمج اللجان الشعبية بالجيش، وإعادة بناء الجيش اليمني، وتأهيل أفراده علمياً في إطار عقيدة قتالية وطنية، تتجاوز كل الإخفاقات التي عشناها في الماضي القريب، وتؤسس لدولة قادرة بجيشها وشعبها أن تدافع عن حق الوطن والمواطنين في الكرامة والسيادة والاستقلال.
وإذا كان الملتحقون بما يسمى بالشرعية، قد أقدموا على خطوة كهذه- وهم يحاولون بناء ما يسمونه الجيش الوطني، من خلال تجميع المقاتلين المأجورين والمرتزقة في شكل نظامي- فإن بإمكان القيادة الثورية، بالتفاهم مع القوى المناهضة للعدوان، تجاوز ثنائية الجيش واللجان الشعبية، والاتجاه نحو بناء مؤسسة الجيش اليمني على النحو الذي يليق بحجم الدور والتضحيات والانتصارات التي يسجلها أفراد الجيش واللجان، وبما ينسجم وتطلعات شعبنا في التغيير وإعادة بناء مختلف مؤسسات الدولة.
Abdullah.sabry@gmail.com

قد يعجبك ايضا