لحظة يا زمن.. الصورة .. وألم الآخرين
الصورة .. ليست جدلاً ، إنها ببساطة بيان خام عن الواقع يخاطب العين ، لأن العين متصلة بالدماغ ، والدماغ بالجهاز العصبي ، ويرسل ذلك النظام الرسائل بسرعة عبر كل ذكرى ماضيه ، أو أحساس حاصر.
إن الصور التي تعرض في التلفزيون ، بحكم طبيعتها ، صور يمل المرء منها عاجلاً أو آجلاً .
وما يبدو أنه تبلد من جانبنا له جذوره الكامنة في عدم استقرار الانتباه الذي يعمل التلفزيون بانتظام على إثارته وإشباعه عن طريق الإفراط في عرض الصور ، فقلة الصور تبقى الانتباه خفيفاً متحركا ، ومختلفاً نسبياً عن المضمون .
وتدفق الصور يحول دون بروز صور متميزة .
أوصى العديد من النقاد أن ويلات الحرب – بفضل التلفزيون – تحولت إلى تفاهة ليلية.
فأمام طوفان الصور من النوع الذي كان ذات يوم يصدم ويثير السخط نفقد قدرتنا على القيام برد فعل ، فالتعاطف ، لم يعد له معنى .
إن فك الحداثة الواسع مضغ الواقع وبصق كل هذا الخليط إلى الخارج على هيئة صور .
ووفقاً للتحليل الأكثر تأثيراً ، فإننا نعيش في مجتمع المشهد .
فكل موقف لا بد من تحويله إلى مشهد لكي يصبح واقعياً – أي مثيراً – بالنسبة لنا .
والناس أنفسهم يتطلعون لأن يكونوا صوراً.. المشاهير .
فالواقع تنحى وليس هناك إلا صور عنه وسائل الإعلام .
ولكنه من غير المعقول أن نحدد العالم بهذه المناطق الكائنة في الدول الميسورة حيث يملك الناس الرفاهية الملتبسة لأن يكونوا متفرجين ، أو غير متفرجين ، على آلام الآخرين ، كما أنه من غير المعقول تعميم القدرة على الاستجابة لآلام الآخرين على أساس التركيبة العقلية لمستهلكي الأخبار الذين لا يعرفون شيئاً بالتجربة المباشرة عن الحرب والظلم الهائل والإرهاب .
هناك مئات الملايين من مشاهدي التلفزيون الذين هم بعيدون عن ممارسة ما يرونه على شاشه التلفزيون .
إنهم لا يملكون رفاهية رعاية الواقع .