كيف انتهت مملكة آل سعود

كان في شبه الجزيرة العربية مملكة قامت على أنقاض دولة الأشراف في الحجاز وإمارة آل الرشيد بحائل ونجد، وضمت إليها منطقة الإحساء في شرق الجزيرة ذات الأغلبية الشيعية والثروات النفطية والتي تطل على الخليج، إلى جانب اغتصاب إمارة نجران التابعة لليمن تاريخياً وقبلياً، وكذلك إقليم عسير المعروف تاريخياً بالمخلاف السليماني.
هذه المملكة قامت بمساعدة بريطانيا في العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، حيث زرعتها شوكة في قلب الجزيرة العربية كما زرعت دولة الكيان الصهيوني في العقد الرابع من القرن نفسه شوكة في خاصرة الوطن العربي.
وآل سعود الذين أسسوا هذه المملكة يؤكد الكثير من المؤرخين والنسابة في نجد أنهم من آل مورخاي اليهود، وقد زعموا أنهم من قبيلة عنيزة النجدية، مع أن قبيلة عنيزة تنكر هذا النسب.
اعتمدت مملكة آل سعود على الدعم البريطاني في بدء تأسيسها، وحين قويت شوكة الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية وارتفع نجمُها عقد عبدالعزيز آل سعود اتفاقاً معها على أن يوفر لهم النفط الذي كان في بدايات استخراجه من شبه الجزيرة العربية مقابل أن توفر له أمريكا الحماية ضد مواطنيه وجيرانه إن أرادوا الإطاحة به وبأسرته من بعده.
ظل هذا الاتفاق قائماً حتى عام 2015م حين تيقّنت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا وفرنسا والدول العظمى أنّ مملكة آل سعود أصبحت فقّاسة لإنتاج الإرهاب وصناعته، حينها آثرت أن تعمد إلى تفكيكها بأسلوب ينم عن دهاء، حيث استفادت مما جمعه آل سعود من ثروة وشفطت أكثر قدر ممكن من ثروات الجزيرة العربية حين أوعزت لآل سعود بشن حرب ظالمة ضد اليمن بذريعة حماية الشرعية وإعادة رئيس انتهت ولايته كان يُعرف لدى اليمنيين بـ (الدنبوع).
هذه الحرب على اليمن استنزفت خزينة آل سعود وأرغمتهم على بيع النفط لأولياء نعمتهم الأمريكان بأبخس الأثمان خشيةً من انتقام اليمنيين في حال انتصارهم، وهو ما كانت تعزف عليه أمريكا وتخوف به آل سعود، كما تخوفهم بالخطر الإيراني والمد الشيعي، فبادر آل سعود وحلفاؤهم من إمارات الخليج النفطية التي استخدمت معها الولايات المتحدة نفس الفزاعة (إيران والمد الشيعي في اليمن) إلى بذل الغالي والنفيس لدعم وتمويل حرب ظالمة على اليمن تم فيها تدمير وقصف غالبية المنشآت الحيوية من مصانع ومدارس ومعاهد وجامعات ومستشفيات وطُرق وجسور وموانئ، حتى أنها لم تسلم منهم البيوت الآمنة التي قُتِل تحت أنقاضها الآلاف من الأطفال اليمنيين والنساء اليمنيات. بل لم يستثنوا حتى مزارع الدجاج والأبقار، وقصفوا حتى ناقلات الحبوب والفواكه والمياه.
والمؤسف في الأمر أنه حين ذاك انبرى فصيلٌ يمنيٌّ يُسمى حزب التجمع اليمني للإصلاح وهو يتبع حركة (الإخوان المسلمين) العالمية، وأعلنَ تأييده للعدوان السعودي الخليجي الأمريكي في قصفه لبلاده وقتل أبناء شعبه.
وذهبَ قيادة هذا الفصيل للرياض التي كانت عاصمة لمملكة آل سعود، فيما بقيّ المغرر بهم من هذا الحزب يشنون هجمات انتحارية جبانة ضد رموز وأبطال مقاومة العدوان، وقاموا بتفجير عدد من المساجد وتفجير أنفسهم في عدد من الاحتفالات العامة كيوم مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وغيرها، ناهيك عن فتح جبهات داخلية في عدد من المناطق التي يغلب عليها الارتزاق وتسري في عروق البعض منهم دماء الخيانة، وذلك لإضعاف اليمن وجيشه ولجانه الشعبية التي هبت للدفاع عن وطنها إلى جانب الجيش، عن مواجهة هذا العدوان السافر.
وظلت الولايات المتحدة ومعها القوى العظمى تعمل على استنزاف ثروات الجزيرة العربية وخزينة آل سعود عن طريق العدوان على اليمن، وتم بيع أسلحة بمليارات كثيرة من الدولارات لآل سعود وحلفائهم تم استخدامها في العدوان على اليمن الذي أثبت قوةً وصلابة فاقت كل الأوصاف وجعلت العالم يشهد بعظمة هذا الشعب وبطولات أبنائه الذين لم يُثنهم هذا التحالف الدولي الكبير عن المواجهة والاستبسال ومحاولة التكيف مع هذا الواقع المرير لتمضي عجلة الحياة دون توقف.
بعد أن اكتفت الولايات المتحدة من نفط الجزيرة العربية والخليج وباعت أسلحة بما يكفل لها دعم اقتصادها لمواجهة التحديات التي كانت تواجهها، أوعزت لشيعة المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية في الإحساء الثورة على آل سعود بعد قتل أحد أقطابهم وعلمائهم الكبار الشهيد الشيخ نمر النمر، كما أوعزت لأشراف الحجاز الذين كانوا لا يزالون يحكمون الأردن بالزحف نحو الحجاز لاسترداد ملكهم، كما تغاضت عن اليمنيين في استردادهم لأراضيهم المحتلة في نجران وعسير والربع الخالي الذي يعج بالنفط وكان قد حاول آل سعود طمس اسمه من كل الخرائط الجغرافية بعد سيطرتهم عليه.
ومهدت الولايات المتحدة والدول الغربية العظمى لزوال مملكة آل سعود بتوثيق جرائمها الإنسانية التي ارتُكِبت في حق الشعب اليمني وبحق شيعة الإحساء والإسماعيليين في نجران، وبحق الناشطين الحقوقيين والأدباء والكُتّاب والعلماء الذين واجهوا عقوبة الإعدام نظراً لآرائهم المخالفة لآل سعود.
كل ذلك جعل فاتورة الجرائم السعودية مثقلة جدا، ما سهل للقوى الغربية حينها الانقضاض على آل سعود الذين وجدوا أن بقاءهم لم يعد في صالح الغرب بعد أن أصبحوا مصدراً رئيسياً للإرهاب الذي تبنوه من خلال مذهبهم الوهابي الذي خرج من عبائته تنظيم القاعدة وتنظيم داعش الإرهابيين، والعديد من التنظيمات الإرهابية التي تسمت بعدة مسميات, وهنا كان لابد للولايات المتحدة ودول الغرب وفقاً لمصالحها أن تقضي على هذه المملكة وتفككها بعد أن وصلَ أذاها إلى عقر دارها، وبالذات في تفجيرات 11سبتمبر 2001م في نيويورك، وكذلك تفجير مترو الأنفاق في لندن، وتفجيرات باريس، وغيرها من الحوادث الإرهابية التي أصابت الدول الغربية العظمى في عقر دارها من خلال عناصر إرهابية تبنت الفكر الوهابي المتطرف الذي أنتجته ورعته ومولته مملكة آل سعود.
وحين انتهت مملكة آل سعود وانتهى شيء كان اسمه المملكة العربية السعودية، ظل اليمن هو اليمن، باسمه وتاريخه وشموخه.

قد يعجبك ايضا