ن… والقلم.. ما زلت أبحر !!

عبد الرحمن بجاش
هل عليًّ أن أتألم لأثبت إنني موجود ؟ أعتقد أن عليًّ أن أنتج ,أن أبدع , أقدم للآخرين شيئا , أقبل الآخر برحابة صدر , هنا تتحقق كينونة إنني موجود , كيف هي الصورة بتفاصيلها ؟ هي هكذا ,,,,البحر شاسع الموج والسفن في كل اتجاه تمخر عبابه , وأنا ما زلت أبحر , مجدافي بيدي , وعيني على الأفق , تتحقق حقيقة إنني موجود بالفعل , وسأواصل التجديف إلى أن تصل الموج تصطدم بالصخور , ولأنني مميز من رب العباد بالعقل , فلن اصطدم بها , بل سأتفاداها , وأقف إلى جانبها , وأصل إلى الشاطئ !!! . يجد الإنسان نفسه بين اللحظة واللحظة , بين الساعة والساعة أمام أسئلة كبيرة , يغلق الأفق في وجه الإجابة عنها , لكن مجرد وصولك إلى نهايات المدى وزورقك لم يتحطم , فيعني أن ميزة ما , فكرة ما , تسكن أعماقك , تميزك عن الآخرين , تعطيك ضوءا يقودك إلى الشواطئ في بهيم الليل , ففنارك يظل يرسل ضوئه برغم الضباب والعتمة , وأصوات النوارس , تقودك في الطريق , يقودك نور داخلي إلى مقصدك , تكون حققت مبتغاك من السير إلى الأمام برغم كل الصخور . يتسع البحر للأماني , والأحلام , والأمنيات , وأماني شتى منها الاحتفاظ بالسر , ولأنك لم تفقد الهدى وتراهن على طريق الأفق طريقا فستصل , لن تثنيك المعوقات , ولا بقايا أحجار على الطريق , وان فوجئت بما لم يكن في حسبانك , فتراكم النور في قلبك يقود طريقك على طريق الهدى . تسير القوافل في كل الطرقات , هناك ما يؤدي إلى المشارف , وهناك ما يؤدي إلى سراب يحسبه الظمآن ماء , وهناك التوهان الذي يقوده السراب إلى لا شيء , لكنك وسط كل الغبار تجد طريقك , لأنك حددت اتجاهه مبكرا , قبل الفجر الذي يولد من رحم الليل البهيم . وإلى أن يعود الأفق إلى شاطئ الأمان تظل سفينتك تسير , تبحر بلا تعب ولا كلل ولا ملل , فقد وضعت نصب عينيك الأطفال والمستقبل في كفة الرجحان , ووضعت الخسران في آخر كفة الخسارات التي لا تريدها أن تتعوض , فهدفك واضح ومحدد , الوصول إلى نهايات المدى من قضى كثيرون في سبيل الوصول إليها , لكن الورقة التي في أيديهم سقطت , والمشروع تاه في المنحنيات الكثيرة , لكن نظرك ظل مثبتا على النقطة التي لم تغير مكانها , لم ترتعش , ولم تهتز , بل ظلت ثابتة كهدف لك , تمخر عباب البحر للوصول إليه , وستصل ما دام الهدف واضح نقطة النور …, مجدافي في يدي , وزورقي لم تخرق أرضيته , وساعدي قويين ..وأنا والمدى لن نتراجع حتى نصل إلى أول المبتدأ …………