حق العودة .. !
عبدالخالق النقيب
a.alnageeb@yahoo.com
هذه الكائنات ليست طبيعية ، إنهم يجيدون القفز ويتوهمون بقدرة الحرب على استجماع هشاشتهم للعودة كأبطال.
قبل الساعات الأولى للحرب اللعينة هذه .. تبخرت مصالحهم وأخذت تتسرب من بين أيديهم ، ما كان علينا الانتظار ليخبرونا أنهم ذاهبون وأنه لم يعد لديهم أسباب للبقاء ، فكنا متسعاً لكل هذا الجنون وكانوا هم من يسلط علينا طائرات الحرب لتسقط على رؤوسنا ترسانة من الأسلحة التي تكفي لحرب عالمية..
تفكرون بالعودة فيما يتبادل اليمنيون أسماءكم الكارثية يومياً ويمزجونها بمسميات الجحيم ، سنفكر بالقبول بكم لكن قبلها عليكم أن تتجاوزوا على الجثث المتفحمة ليمنيين أبرياء ، حينها سيكون من حقكم التفكير بالعودة وبإمكانك أن تبتسم لوطنيتك مجدداً ، عليك أن تحذف من ذاكرتنا آخر مجزرة التهمت معمل خياطة بعمالها ، وفي المقابل لك أن تتخيل الطريقة التي تليق باستقبال خائن برتبة عميل ..
عامل يمني في نوبة ليلية يرابط وينحت في الصخر ليعيش بكرامة ، لكنه أدار ظهره لمن غدروا به وباعوا وطنهم وكانوا قبلها قد باعوا ضمائرهم وأنفسهم الرخيصة ، الأم التي غادرها ولدها أول المساء ، عادوا إليها بجثة محروقة وأخبروها أن هذا ولدها ، حاولت مراراً إقناعهم أنها ليست له ، فولدها ألقى عليها الطاعة قبل ذهابه لمعمله ، ووعدها أن يعود ، ولازالت تنتظر عودته ليعطيها ألفاً ومئتي ريال كعادته ، الأم لازمت الصمت قليلاً وحين انفجرت لم تنطق بشيء غير الخيانة ، الخيانة التي أودت بالبلاد إلى هذه المهلكة ، كنا نتأمل ملامحها ، تجاعيدها التي تحكي قهراً عميقاً وجرحاً غائراً في جسد هذا الوطن ، حدثت نفسي حينها عن طهر دموعها وكيف لو أنها كفيلة بغسل عهر الساسة الذين يتقاضون في الخارج ثمن شبابنا وهم يسقطون في عمر الزهور ، شبابنا الذين تخسرهم اليمن بفعل دناءتهم وقبحهم .
كل قذائف الموت التي انفجرت هنا ولازالوا يطابقون الإحداثيات ويفكرون بالحصول لاحقاً على ألقاب إضافية .
البشر هنا يموتون .. يموتون بالجملة ..! هذا يجعلكم سيئين للغاية ..!