عرفات الرميمة
لعب الإعلام دوراً محورياً وهاماً في معظم الحروب – سلبا وإيجاباً – وكان سبباً رئيساً في كسب معظم المعارك الفاصلة في تاريخ الحروب . لكن ذلك الدور لوسائل الإعلام – خصوصا القنوات الفضائية – تجلى بوضوح تام ولعب دوراً محورياً في حرب الخليج الثانية التي شنتها دول التحالف الدولي بقيادة أمريكا – وبتمويل دول الخليج خصوصا دولة عيال سعود – في عام ١٨ يناير ١٩٩١م ضد العراق لتحرير دولة الكويت ، وتأكد ذلك الدور في الحرب التي شنتها أمريكا وحلف الناتو ضد الرئيس الصربي سلوبدان ميلازوفتش لتحرير كوسوفو في عام ١٩٩٩م ، وترسخت القناعة بأن سلاح الإعلام هو السلاح الفتاك إبان الغزو الامريكي الممول سعوديا للعراق في ٩مارس ٢٠٠٣ م بحجة امتلاك صدام حسين للسلاح الكيماوي ، تلك الكذبة التي صنعتها وكالة المخابرات الامريكية وروجت لها وسائل الإعلام وأتضح أخيرا انه غير موجود على أرض الواقع .
وقد كان لوسائل الإعلام العربية الممولة من دول النفط دورا بارزاً في التمهيد للحروب التي شنتها أمريكا وأسرائيل على الدول العربية في عصر العولمة والتي جعلت ثقافة الصورة هي الثقافة السائدة وكلمتها هي الكلمة الفصل والعليا مع العلم بأنها ليست صحيحة وصادقة أكثر الأحيان . وتولت قناة الجزيرة أولا ذلك الدور المشجع للتطبيع مع العدو الإسرائيلي والتبشير بالشرق الأوسط الجديد -أو الكبير الذي وصفه شيمون بيرز في كتابه الذي يحمل نفس العنوان والصادر عام ٢٠٠٥م – والذي استضافته القناة القطرية في نفس الاستديو الذي كان القرضاوي يقدم فيها برنامجه عن شريعة الاخوان في الحياة . وتولت العربية إكمال المهمة والتهيئة للغزو الامريكي للعراق في عام ٢٠٠٣م والتبرير للعدوان الاسرائيلي على لبنان في عام ٢٠٠٦م وكذلك الحرب على غزة أواخر عام ٢٠٠٨م .
لقد عملت تلك القنوات النفطية على تزييف الوعي العربي وتشويه الحقائق وقلب الوقائع ، وإلباس الباطل لباس الحق والتمهيد للشرق الأوسط الجديد من خلال ثورات الاخوان العرب ، القائمة على أساس إثارة النعرات الطائفية التي قسّمت المقسّم وجزأت المجزأ واستبدلت العدو الاسرائيلي الذي يحتل الارض العربية وينتهك أعراض الفلسطينيين بعدو وهمي لم تتم ادانته حتى الآن .
وتزييفاً للوعي وقلباً للحقائق فقد عمدت تلك القنوات على مناداة الغرائز وتتبع العواطف والمشاعر وابتعدت عن مخاطبة العقل، لأنه سوف يفضح زيف ما تروج له ، وهذا ما حصل عندما أتخذت قناة العربية السعودية شعاراً لها ( أن تعرف أكثر) وهذا يعني أنها ومن يتابعها يعرفون أكثر من صاحب الحدث نفسه ، فبهارات الكذب والافتراء المطهو على يد أمهر المخرجين والذي تقدمه أجمل المذيعات أكثر بكثير من الحدث الذي وقع فعلاً .
وعندما روجت الجزيرة لشعار يقول : أن العالم يتابع قناة C.N.N وتلك القناة تتابع الجزيرة ، أدرك الراسخون في العلم أنهما خرجتا من نفس العباءة الصهيونية وتنفذان أجندة واحدة وتصبان في مستنقع واحد .وما حصل في الحرب على سوريا من كذب وتضليل وفبركة للأحداث وتزييف للوقائع من قِبل القناتين المذكورتين أسقط ورقة التوت الإعلامية الاخيرة التي كانت تغطي عوراتهما وما تبثه تلك القناتان عن العدوان السعودي على اليمن جعلت أصحاب العقول – وليس من يتفرجون بغرائزهم وعواطفهم – يدركون خطورة الحرب التي تشنها قناة الحدث الأكبر من العربية وأخواتها في الغي الإعلامي المبرمج والمدروس . فها هي قناة الحدث تدّعي أن قوات الغزو أصبحت على مشارف صنعاء و…..و…. وتجعل كل انتصارات عيال العاصفة وأحفاد التمر تتم في أفواه جميلات القناة وليس في أرض الواقع .
نحمد الله كثيرا أن عهد الرسول الكريم خلا من وجود قنوات النفط – كالجزيرة والحدث الأكبر من العربية – لأن التاريخ سينقلب رأساًعلى عقب والأحداث والغزوات سوف تتغير وسوف تغدو معركة بدر نكبة وانتكاسة للأعراب من قريش وسيتم الاحتفال بالنصر في معركة الكرامة في أحد وجعله يوما وطنياً وسيغدو أبو جهل – لدى قناة العربية – قائدا للمثقفين من قريش وبطلاً داعيا للعدل والمساواة وأبو لهب ناصراً للحق والفضيلة وسيغدو الوليد بن المغيرة – لدى حمدي البكاري – أسداً للسنة والمدافع عن المظلومين وستظهر شخصية الرسول كقاطع طريق وعميل للسماء وإنقلابي خرج على سلطة قريش وعلى عادات نجد والحجاز وسيغدو الشيخ النجدي – ابليس – زعيماً للمقاومة وقائدا للتحرر ورمزاً للنضال الوطني .
لقد حذر القرآن من دور الإعلام الكاذب في تزييف الوعي وقلب الحقائق من خلال إلباس الحق بالباطل وكتمان الحق – وهي مهنة يهودية في الأساس، وليس بمستغرب أن يسيطر اليهود وعيال سعود على وسائل الإعلام – فقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) وهل هناك جهالة أعظم من تلك التي تجعل الجيش اليمني محتلاً لأرضه وتجعل من جيوش المحتلين والمرتزقة جيوشا فاتحة ومحررة ؟ أي منطق سوي يقول بهذا ؟ وأي عقل سليم يقبل ذلك الكذب الصريح ؟ إنها العقول التي خربتها جميلات الجزيرة والعربية وجعلتها أشبه بعقول البهائم ، بل هي أضل من البهائم لأنها قبلت العدوان على الأرض وستقبل العدوان على العرض ، فهل من مدّكر ؟