موسكو/نوفستي
معركة حلب المقبلة ستكون مصيرية وحاسمة بالنسبة لمستقبل سوريا والمنطقة كلها، وهو ما يجعلها تشبه، من حيث القيمة، معركة ستالينغراد الأسطورية.
كتب ذلك المحلل السياسي الروسي فلاديمير لبيخين وذكر أنها يمكن أن تغير الوضع الجيو سياسي في المنطقة وفي العالم. لقد تقدمت وحدات الجيش السوري وحلفاؤه في الشمال السوري بفضل الدعم الجوي الروسي القوي ووصلت إلى مشارف مدينة إدلب، وقامت عمليا بقطع خطوط إمداد المسلحين في حلب. ومن نافل القول ان السيطرة على إدلب ستسمح للجيش السوري بفرض رقابته على قسم كبير من الحدود مع تركيا. ولا شك في أن معركة حلب ستكون الأكثر دموية وعنفا في الحرب السورية، وستكون لها قيمة جيو سياسية حاسمة تماما.
من جانبها تحاول تركيا بكل قواها تغيير سير الاحداث في النزاع السوري، ولكن الفرص التي تتوفر لها في هذا المجال تبدو ضئيلة جدا، حسب رأي المراقبين الذين يرون أن ذلك قد يدفع بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى التدخل العسكري المباشر في هذه الحرب. ولكن قد يحدث سيناريو آخر لا يتضمن التدخل المباشر بل يكمن في محاولة حرمان حكومة الأسد من سنده الرئيسي – روسيا التي تمكنت بتدخلها من تغيير سير مجريات الحرب في سوريا بشكل جذري. فكانت تركيا ومن خلفها الولايات المتحدة تخططان لإقامة منطقة عازلة على طول الحدود السورية – التركية، مع فرض حظر جوي فوق المناطق السورية القريبة من الحدود التركية، وهو ما كان سيسمح لأنقرة بدعم المسلحين ضد الأسد ومنع تقدم الأكراد هناك. ومن الواضح ان هذه الخطط ستندثر بالكامل بعد سيطرة الجيش السوري على حلب ومعها ستندثر عمليات تهريب النفط السوري والعراقي عبر تركيا. وستعزز سيطرة الجيش السوري على حلب، الموقف الروسي خلال المحادثات في ميونيخ بين سيرغي لافروف وجون كيري حول الوضع في سوريا.
يوم الأربعاء الماضي قصفت القاذفات الأمريكية عدة أهداف داخل مدينة حلب وبعدها اتهمت الولايات المتحدة الطيران الروسي بتدمير مستشفيات في حلب.
قبل ذلك صدرت عن بعض السياسيين الغربيين مزاعم مشابهة، وذكر هؤلاء أن الجانب الروسي يقصف أهدافا أخرى غير تلك المطلوبة. هذه الأقوال تعد بمثابة التجسيد لسياسة الغرب التقليدية التي تحاول تشويه مواقف روسيا والترويع بها، خاصة وأن الجمهور في الغرب اعتاد على تصديق كل ما يقال له عن “المطامح الإمبراطورية” لروسيا، والمزاعم حول تهديدها ” للعالم المتحضر”. الآن بات مفهوما وواضحا سبب الهجمة الإعلامية المسعورة جدا ضد روسيا وخاصة خلال الأسبوعين الأخيرين. قد يكون كل ذلك ليس إلا مقدمة لهجوم كبير ينفذه الطيران الحربي الأمريكي ضد حلب ويتهم الجانب الروسي به زورا.
القصف الأمريكي لحلب سيعني انتقال الغرب من الحرب الإعلامية إلى تنفيذ عملية عسكرية حقيقية استفزازية الطابع سيليها هجوم غربي ضد القوة الجوية الروسية في سوريا. هذا الهجوم قد ينفذ ” بالوكالة” أي بواسطة مرتزقة. كل ذلك قد يكون هدفه إرغام روسيا على التخلي عن الرئيس السوري وتسليمه لخصومه أو مغادرة سوريا.
على ما يبدو ترغب الأوساط الحاكمة في الولايات المتحدة تحقيق أي تقدم على الأرض يسمح لها بالظهور كالجانب المنتصر، ولا يهم بتاتا كيف سيتم تنفيذ ذلك وبأي ثمن.
أعتقد أن الطيران الحربي الأمريكي سيواصل قصف مختلف المدن السورية، وقد تنضم إلى ذلك بعض الدول الأخرى، مع توجيه التهمة إلى الطيران الروسي بتنفيذ ذلك .