السعودية وداعش وجهان لعملة واحدة
مروان الحليصي
ما نعرفه ويعلمه الجميع أن النظام السعودي هو المصدر الأول للإرهاب والارهابيين إلى شتى أصقاع المعمورة ، وأن الدعم المالي الأكبر للجماعات المتطرفة في سوريا واليمن والعراق وليبيا وغيرها مصدره الأول السعودية بشكليها الرسمي أو القادم من المتبرعين من أفراد ومؤسسات ومنظمات(وهذا ما أكده ناطق الداخلية السعودي عندما أقر بتدفق المليارات كدعم للجماعات الإرهابية خارج البلاد )، وذلك بوهابيتها المتطرفة التي كانت إحدى الركائز التي قامت على أساسها دولة بني سعود منذ منتصف القرن السابع عشر.
وما نعلمه وندركه بأن الفكر الداعشي موجود في أوساط شباب المملكة وأن هنالك اكثر من 60% منهم جاهزون للالتحاق بداعش حسب ما حذر منه وأكده خليل الخليل عضو الشورى السعودي والذي لديه من المعلومات ما دفعه لقول ذلك . ولكن ما لم نكن متيقنين منه بأن الفكر الداعشي وثقافة الانتحار والتفجير قد اصبحت جزء من العقيدة القتالية للجيش السعودي ومن المبادئ التي رسخوها في عقول أفراده ، وهذا يضع العالم برمته أمام أزمة عالمية يواجهها ستكلفه في النهاية مواجهة جيوش بأكملها تحمل الفكر المتطرف وليس داعش لوحدها .
فلم يكن بالأمر الهين ما كشفه الجندي الاسير السعودي احمد عسيري خلال ظهوره على قناة المسيرة بعد أسره في جبل الدود الاستراتيجي من قبل بواسل الجيش واللجان ، والذي افشى سراً لن يعجب القيادة العسكرية السعودية عندما تحدث عن توجيهات القيادة العسكرية لهم بالانتحار بدلا عن وقوعهم أسرى بيد رجال الله ، موهمين إياهم بأنهم سيجدون الإيرانيين سيتعرضون للعذاب والقتل على أيديهم وغير ذلك من الخرافات الزائفة، وهو ما دفع بأحد الجنود الى تفجير نفسه حسب ما كشفه الجندي الأسير أحمد العسيري، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى توغل الفكر الداعشي المتطرف في أوساط المؤسسة العسكرية التي من المفترض يكون بناؤها بعيدا عن الشحن الطائفي والمذهبي ، وعلى الرغم من علم القيادة السعودية بأنه لا يوجد أي تواجد للإيرانيين أو غيرهم في جبهات القتال إلا أنها فضلت تحاشي فضيحة وقوع جنودها أسرى بتوجيههم بتفجير انفسهم ودفعهم على الانتحار وهي عملية أخف وطأة من الأسر وما يصاحب ذلك من ضغوطات على وزير الدفاع الطامح للسلطة بإيقاف الحرب العبثية ، ولكن ما يثبته ذلك السلوك الداعشي هو استعداد بني سعود لاستهداف حتى جنودهم لتحقيق مآربهم وارضاء غرورهم .
قد يسخر البعض من ذلك ويعتبرها لا أكثر من عملية تلقين للأسرى لما من شأنه الحاق صفة الداعشية على الجيش السعودي ولكن من يتابع حديث اولئك الاسرى الذين لم يأت ذلك الاعتراف منهم جميعا ، وإنما من أحدهم فقط وهو أحمد العسيري الذي ربما شعر بالجميل لأبناء الجيش واللجان عندما لاقى معاملتهم الجيدة له ورفاقه عند أسره بعكس المعاملة التي كان يتوقعها وغرسوا تفاصيلها في مخيلتهم. وبغض النظر عن ذلك الاعتراف، فالدولة التي تخرج منها الآف المتطرفين الذين يقاتلون في اكثر من مكان يحملون فكرها ؛ الذي لن تحرم جيشها منه .
والتساؤل الذي يطرح نفسه هو كيف يعقل ان يشن العالم حرباً ضروساً ضد داعش في سوريا والعراق بينما هنا يترك الأمر لأنظمة ومؤسسات عسكرية تعتنق الفكر الداعشي وتعمل به، ومارست ومازالت ارهاباً أبشع من داعش والقاعدة ولكن بأساليب أكثر تطوراً (الطيران الحربي) ضد أغنى شعوب المنطقة أخلاقاً وكرما.